خبراء دستوريون لـ الجريدة•: غير دستوري حرمان المدانين في جرائم الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأميرية من الترشح

دعوا المجلس إلى مراجعة القانون وإعطائه حقه من المناقشة بطريقة ديمقراطية

نشر في 24-06-2016
آخر تحديث 24-06-2016 | 00:10
مجلس الأمة لحظة إقراره تعديل قانون الانتخاب
مجلس الأمة لحظة إقراره تعديل قانون الانتخاب
أجمع عدد من خبراء الدستور والجزاء وأساتذة القانون في كلية الحقوق بجامعة الكويت على عدم دستورية القانون الذي أصدره مجلس الأمة، أمس الأول، لافتين إلى تضمنه العديد من المثالب التشريعية الواضحة التي لا تتناسب مع أصول تشريع العمل البرلماني، ودعوا، في تصريحات خاصة لـ «الجريدة»، مجلس الأمة إلى مراجعة التشريع الذي أصدره؛ لأنه يتضمن العديد من المثالب الدستورية والقانونية.

وأكد أستاذ القانون العام في كلية الحقوق د. إبراهيم الحمود مخالفة القانون الصادر للدستور، لأنه يستهدف مواطنين محددين، كما أن القانون يتنافى مع أصول الديموقراطية السليمة التي تتطلب مناقشة البرلمان للقوانين، وهو الأمر الذي لم يحدث مع هذا القانون، بينما قال رئيس قسم القانون العام وأستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. خليفة الحميدة إن القانون يتضمن العديد من الملاحظات الدستورية والقانونية، فضلاً عن تكريسه فكرة دوام حرمان المحكوم من الترشح للانتخابات.

أما أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق د. فيصل الكندري فذكر أن السلطة التنفيذية كان بوسعها تطبيق قانون الانتخاب الحالي بمواده، وذلك لأن النص المقر من مجلس الأمة يلزمها حرمان كل من تتوافر فيه أحكام المادة التي ستحرم كل مدان بتلك الجرائم، ومهما تكن العقوبة الصادرة، ووصف أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق

د. سامي الدريعي القانون بالعزل السياسي، داعياً مجلس الأمة إلى مراجعة القانون مجدداً... وفيما يلي نص الآراء:

في البداية، أكد أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. إبراهيم الحمود أن القانون الصادر من مجلس الأمة، أمس الأول، بحرمان المحكومين في قضايا الإساءة إلى الذات الإلهية والأنبياء وإلى ذات الأمير "سوف يطبق بأثر فوري، أي أنه يشمل كل من تمت إدانته بحكم نهائي قبل صدوره، وليس هناك أي رجعية فيه"، لافتا إلى أن بهذا القانون شبهة عدم الدستورية، بحسبانه قد صدر بغية تطبيقه على حالات محددة معلومة سلفاً، وعلى أشخاص محددين "فغايته ليست المصلحة العامة التي هي غاية التشريعات، ويكون التشريع معه منحرفاً متى كان القصد منه أن ينطبق على أشخاص معينين بقصد إقصائهم من المشاركة السياسية".

وأضاف الحمود "يجب أن يكون التنكب من المشرع عن ذاتية الغاية في التشريع، وهذا يعني انحراف التشريع الصادر من السلطة التشريعية، لاسيما أن الفصل التشريعي شارف على الانتهاء، كما أن المدانين المقصود استبعادهم في هذا التشريع ممن لم يحكم عليهم بعقوبة جنائية، وكانوا يستطيعون الترشح في الانتخابات القادمة، فجاء هذا القانون وصدر لحرمانهم من ممارسة حقوقهم".

وأكد أن الحرمان الوارد في التشريع جاء أبدياً، كما يبدو، ولا يشمله رد الاعتبار، كما أن القانون الصادر من المجلس كان يتعين أن تواجهه أية معارضة داخل البرلمان، "ولم نرَ أي معارضة له، وهو ما يعني أنه لم يناقش مناقشة ديمقراطية، وهو الأمر الذي يُخل بالعملية الديمقراطية السليمة".

حرمان دائم

بدوره، أكد رئيس قسم القانون العام وأستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. خليفة الحميدة أن القانون الصادر من مجلس الأمة، أمس الأول، يتضمن العديد من الملاحظات، وذلك بعد النظر إلى المبادئ الدستورية والقواعد الجزائية في القوانين الجزائية، وهو ما يتعين معه على المجلس إعادة النظر فيه.

ولفت الحميدة إلى أن عدم النص في القانون على مسألة الحرمان المؤقت المرتبط بمسألة رد الاعتبار، وهو خلل في صياغته، فهو في شكله الظاهري حرمان دائم يتعارض مع حق المواطن في الانتخاب، كما أنه يفتح الباب لإدخال أفعال لا تعد مساساً أصلاً، وذلك لأن النص لم يربط نفسه بنص جزائي محدد، فضلا عن التساؤل الذي سيثيره بعد التطبيق مع الحكم بالإدانة مع وقف التنفيذ أو الاكتفاء بالغرامة، رغم ورود عبارة حرمان كل مدان.

وعن سريان أثره قال إن هذا القانون جاء بعقوبة تبعية حيث رتبها جزاء على من يحكم عليه بجريمة المساس بالذات الإلهية أو الانبياء أو ذات الامير، ولذلك فلا يصح أن تطبق أحكامه إلا على ما يقع بعد نفاذ هذا القانون من أحكام نهائية، وإذا كانت من ملاحظة بشأن القانون فتتمثل في إعمال هذه العقوبة التبعية زمنياً دون تحديد لانتهاء أثرها المانع من الترشح بإعادة اعتبار المحكوم ممنوعا من الترشح.

تطبيق القانون

أما أستاذ قانون الجزاء والإجراءات في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. فيصل الكندري فيقول إن القانون يعدل المادة الثانية من قانون الانتخاب رقم ٣٥ لسنة ١٩٦٢، وذلك بإضافة شرط على شروط الناخب وهو أنه يحرم من الانتخاب كل من أدين بحكم نهائي عن جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أوالذات الأميرية.

ولفت الى أن السلطة التنفيذية كانت تملك بموجب المادة الثانية من قانون الانتخاب سلطة تقديرية واسعة في التحقق من توافر شروط الناخب أثناء القيد في الكشوف الانتخابية وأثناء التقدم للترشح للانتخابات، إذ كانت تنص على أنه يحرم من الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالشرف أو بالأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره، إضافة إلى لزوم توافر الشروط المدنية الأخرى المنصوص عليها في المادة الأولى من قانون الانتخاب وهي أن لكل كويتي بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب، ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم تمض على تجنسه عشرون سنة ميلادية وفقاً لحكم المادة 6 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959م بقانون الجنسية الكويتية. ويشترط للمرأة في الترشح والانتخاب الالتزام بالقواعد والأحكام المعتمدة في الشريعة الإسلامية.

وأضاف الكندري أن القانون جاء بإضافة شرط جديد في الناخب تعديلا للمادة الثانية بألا يكون بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية. والمادة الجديدة بصياغتها المتداوله تترك ملاحظات نوردها فيما يلي:

١- أن المشرع فقط في جرائم المساس بالذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية لم يترك للسلطة التنفيذية أي سلطة تقديرية في التحقق من شروط الناخب في حال ارتكاب أي من الجرائم الثلاث، سابقا كان للسلطة التنفيذية مطلق التحقق من شروط الناخب بحرمان المواطن من القيد في كشوف الناخبين وللترشح إن ارتكب جنحة ماسة بالشرف أو بالإمانة دون تحديد لنوعها، لكن بموجب التعديل الجديد فإنه لا سلطة تقديرية للسلطة التنفيذية في حال ارتكاب إحدى الجرائم الثلاث، بل عليها فقط حرمانه من حق الانتخاب في حال إدانته بإحداها.

٢- قانون الانتخاب فصل في مادتين شروط الناخب، ففي المادة الأولى منه وضع شروطاً مدنية للناخب وفي المادة الثانية، مع التعديل الجديد، نص على عقوبات تبعية للجرائم التالية:

• لعقوبات الجنايات، أي حكم بعقوبة تزيد على ٣ سنوات حبس.

• لعقوبات الجنح، حبس أو غرامة، مخلة بالشرف أو الأمانة.

• الإدانة بحكم نهائي في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية.

المادة الأولى لا خلاف على أن أي تعديل على الشروط المدنية للناخب سيطبق على أي قيد مستقلبي في كشوف قيد الناخبين.

أما المادة الثانية من قانون الانتخاب، والتي فصلها المشرع

عن المادة الأولى، فهي كما قلنا تنص على عقوبات تبعية لجرائم محددة يحرم من ارتكبها من الانتخاب والترشح، فهي تخضع لنص المادة ١٧٩ من الدستور والتي تحظر التطبيق الرجعي لقانون الجزاء والمادة ٣٢ والتي تنص على أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها. لذلك فالتعديل الجديد، بإضافته عقوبة تبعية جديدة على من يرتكب جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو بالذات الأميرية، لن يطبق إلا على الأشخاص الذي يرتكبون إحدى الجرائم الثلاث بعد العمل بالقانون.

٣- استخدم المشرع بتعديله الجديد كلمة (أدين) بخلاف الفقرة الأولى من المادة الثانية فقد استخدم (المحكوم عليه)، وهو استخدام مقصود، فالعبارة الأولى (أدين) تحرم من حق الانتخاب من حكم عليه بالحبس أياً كانت مدته أو بالغرامة، أو أدين بارتكاب إحدى الجرائم الثلاث لكن استخدم القاضي معه التخفيف بأن قرر استخدام المادة ٨١ أو٨٢ من قانون الجزاء، أي قررالامتناع عن النطق بالعقاب أو أمر بوقف تنفيذ العقوبة.

أما العبارة الثانية (المحكوم عليه) فهي قاصرة على عقوبة الحبس بجناية أو عقوبة الجنحة (حبس أو غرامة) المخلة بالشرف أو الأمانة، ولا تمتد لمن تجاوز فترة الاختبار من أدين بعقوبة، فقررت المحكمة وقفها أو من أدين وقررت المحكمة عدم النطق بالعقاب، لأن تجاوز مدة وقف التنفيذ دون الاخلال بشروطه يجعل الحكم الصادر بالعقاب يعتبر كأن لم يكن، أما تجاوز مدة الامتناع عن النطق بالعقوبة دون الاخلال بشروطه فإن إجراءات المحاكمة السابقة اعتبرته كأن لم تكن.

٤- الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الانتخاب نصت على التجريد المدني المؤقت بحق الانتخاب المحكوم عليه بعقوبة جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بالأمانة إلى أن يرد إليه اعتباره.

ويقول الكندري "أما الفقرة الثانية للمادة الثانية، وفقا للتعديل الجديد، فإن النص صامت. هل يعني أن من أدين بارتكاب إحدى الجرائم الثلاث سيتم تجريده أبديا من حق الانتخاب؟

لا يعني صمت المشرع أن من أدين بإحدى الجرائم الثلاث لن يرد له حق الانتخاب وأنه سيجرد أبديا منها بسبب:

• أن المشرع لم ينص صراحة على عقوبة التجريد الأبدي لحق الانتخاب، والقاعدة أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.

• أن قانون الإجراءات الجزائية هو الشريعة العامة يرجع إليه في موضوع رد الاعتبار، فالمادة ٢٤٤ تنص على أنه كل حكم بعقوبة تظل آثاره الجنائية قائمة الى ان يسترد المحكوم عليه اعتباره بحكم القانون او بحكم قضائي. يترتب على رد الاعتبار القانوني أو القضائي محو الحكم بالادانة بالنسبة الى المستقبل وزوال كل ما يترتب عليه من آثار جنائية، ولكن لا أثر له في حقوق الغير. والمواد اللاحقة تنظم كيفية رد اعتبار المحكوم عليهم بعقوبة جناية أو بعقوبة جنحة.

التجريد المدني المطلق والأبدي عقوبة عفا عليها الزمن، وتجاوزتها القوانين منذ القدم، كما أن التجريد الأبدي لحق الانتخاب يوصم بعدم الدستورية وهو ما قررته المحكمة الدستورية العليا المصرية والتي قضت بعدم دستورية النصوص التي قررت حرمان فئة من المواطنين من حقهم في الانتماء إلى الأحزاب السياسية، ومن مباشرة حقوقهم السياسية كافة حرمانا مطلقا ومؤبدا، ومن ذلك نص المادة الرابعة من القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي والذي قرر عدم جواز الانتماء إلى الأحزاب السياسية أو مباشرة الحقوق أو الأنشطة السياسية لكل من تسبب في إفساد الحياة السياسية قبل ثورة يوليو 1952، سواء كان ذلك بالاشتراك في تقلد المناصب الوزارية، منتميا إلى الأحزاب السياسية التي تولت الحكم قبل 23 يوليو 1952، أو بالاشتراك في قيادة الأحزاب وإدارتها، وذلك كله عدا الحزب الوطني والحزب الاشتراكي (مصر الفتاة). ويعد مشتركا في قيادة أي حزب وإدارته وفقا لهذا النص، كل من تولى منصب الرئيس أو نائب الرئيس أو وكيله أو السكرتير العام أو السكرتير العام المساعد أو أمين الصندوق أو كان عضوا في الهيئة العليا للحزب (حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 56 لسنة 6 قضائية "دستورية" بجلسة 2 يونيو 1986، الجريدة الرسمية، العدد (27) في 3 يوليو 1986).

عزل سياسي

بدوره، وصف أستاذ القانون المدني في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. سامي الدريعي القانون بـ "العزل السياسي" لبعض المواطنين لحرمانهم من المشاركة انتخابا وترشيحا في الانتخابات.

وأضاف الدريعي أن مسألة تطبيق القانون مِن حيث الزمان مسألة خلافية، وكلٌ قدم رأيه وسيحسمها القضاء، ولكن الجانب المهم في هذا القانون أن بعض الدول العربية التي قامت بها ثورات تبنت قوانين للعزل السياسي للأحزاب المستبدة التي كانت حاكمة، وبعد ذلك تراجعت عنها عندما أيقنت أن تطبيقها لا يحقق الأمن الاجتماعي، وذلك الذي ينبغي على المشرع عندنا أن ينتبه إليه.

وتابع: "لذلك أتمنى أن يعاد النظر فيه لأنه ضرب من ضروب الانتقام السياسي، بحيث تبقى أداة التشريع بعيدة عنه، فالقاعدة أنه كلما زادت المشاركة بالانتخابات زادت شرعية النظام"

وذكر أن من عيوب التشريع كمصدر للقانون أنه قد يصاغ من قبل أشخاص لا يمتلكون القدرات القانونية فتدخل فيه اعتبارات سياسية غير فنية وبعيدة عن المنطق القانوني، وهذا ما حدث بالضبط بقانون العزل السياسي، كما أسهمت المقاطعة بإصدار العديد من القوانين السيئة وأهمها قانون العزل السياسي، لذلك كنا نطالب بعدم المقاطعة، فهل أدرك المقاطعون النتائج الكارثية من مقاطعتهم؟ وهل بإمكانهم بعد اشتراكهم بالانتخابات المقبلة تعديل تلك القوانين؟.

وقال الدريعي إن الغريب بالأمر أنه حتى في ظل حل البرلمان حلا غير دستوري لم تفكر السلطة بقانون العزل، فكيف يصدر من البرلمان ذاته؟ لافتا إلى أن على المجتمع أن يضغط برفض قانون العزل السياسي ليدرك جميع الأعضاء أنه مسار خاطئ، كما تجدر الإشارة الى أن من أساء إلى الرسول (ص) نفسه وحاربه ثم تاب لم يحرم من حقوقه السياسية فكيف نحن نتبنى سياسة العزل السياسي؟!

لم يترك للسلطة التنفيذية أي سلطة تقديرية

لا يصح تأبيده ولا تطبيق أحكامه إلا على ما يقع بعد نفاذه بأحكام نهائية ... الحميدة

مُفصّل لفئةٍ من المواطنين محددة ومعلومة سلفاً لمنعها من الترشح ... الحمود

التجريد المدني المطلق والأبدي عقوبة عفى عليها الزمن وتجاوزتها القوانين منذ القدم .... الكندري

ضرب من ضروب الانتقام والعزل السياسي ولا يحقق الأمن الاجتماعي ... الدريعي
back to top