حتى مع أن الأردن لم يقل هذا رسمياً، إلى الآن، فإن عدم "مسارعة" تنظيم داعش إلى إعلان مسؤوليته عن عملية "الرُّكبان" الأخيرة على الحدود الأردنية – السورية قد تعني، وهي تعني، أن هناك فاعلاً حقيقياً آخر، والحقيقة أن كل الأدلة التي غدت متوافرة للجهات المسؤولة والمعنية في الأردن تشير إلى أن المتورط في هذه الجريمة، التي لن تمر بدون عقاب ووفقاً لمعادلة "مقابل الصاع ليس صاعين وإنما ألف صاع"، هو إيران، ونظام بشار الأسد، وحقيقة إنه لا فرق بينهما ما دام حراس الثورة الإيرانية غدوا الآمر الناهي في "دمشق العروبة"... وللأسف.

تنام جلَّق بين اليأس والكمد

Ad

أما من منقذٍ من "زمرة" الأسد

إنه لم يصدر عن تنظيم داعش أي تبنٍ لهذه العملية الإجرامية، مع أن هذا التنظيم بادر إلى تبني عملية أورلاندو الأخيرة في فلوريدا - الولايات المتحدة فور وقوعها، وقبل أن يتأكد مما إذا كان دافع "المُنفذ" الأفغاني الأصل هو ما تم إعلانه على الفور أم هو ما قيل لاحقاً عن وجود شبهات أخلاقية، على اعتبار أن مسرح الجريمة هو أحد ملاهي "المثليين" الشهيرة والمسموح بها في الولايات المتحدة الأميركية، ومع أنه، أي هذا التنظيم، كان قد تبنى جريمة "البقعة" الأخيرة، شمالي العاصمة عمان، بعد دقائق من إعلانها، وقبل القبض على مرتكبها، وإعلان السلطات الأردنية اسمه.

وهذا يعني إما أن هناك اتفاقاً بين هذا التنظيم وبين إيران ونظام بشار الأسد على عدم تبني هذه العملية أو تأجيل تبنيها يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر لإرباك الأردن والأجهزة الأردنية المعنية، وإما أن الفاعل الحقيقي هو المخابرات السورية والمخابرات الإيرانية، سواء كان التنفيذ من قبل هذين الجهازين، اللذين هما في حقيقة الأمر جهاز واحد، مباشرة، أو من قبل حزب الله اللبناني، أو أحد التشكيلات الطائفية والمذهبية التي استوردها حراس الثورة الإيرانية من كل حدب وصوب، وتم تركيزها مقابل الحدود الأردنية داخل الأراضي السورية...!

وهنا فإن ما يتردد في الأردن، سواء بين الأردنيين العاديين أو في بعض الأوساط الأردنية المسؤولة، هو أن "داعش"، هذا الذي غدا عنواناً لأي جريمة لا يريد مرتكبها أن يُعرف، ولا يريد أن يُعلن مسؤوليته عنها، لا علاقة له بهذه العملية الإرهابية، حتى وإن هو أعلن مسؤوليته عنها، سابقاً أو لاحقاً، وان الفاعل الحقيقي هو غرفة العمليات المشتركة بين مخابرات نظام بشار الأسد والمخابرات الإيرانية، والمعروف أن حراس الثورة مخابرات إيرانية وكذلك حزب الله بكل فروعه وليس فرعه اللبناني فقط.

أما لماذا يستهدف نظام بشار الأسد والإيرانيون المملكة الأردنية الهاشمية فإن الجواب هو أولاً: لأنهم يريدون تصدير الفوضى التي تضرب سورية والعراق إلى دول هذه المنطقة كلها، وثانياً: لأن استهداف الأردن بالنسبة لهؤلاء يعني استهداف السعودية التي يعتبرونها، وهي في حقيقة الأمر كذلك، الرقم الرئيسي في المعادلة العربية التي تتصدى لأطماعهم التوسعية التي هدفها، وهذا واضح جداً، استعادة ما يعتبره المتربعون على المقاعد الوثيرة المرتفعة في طهران أمجاد فارس.