الغضب على «الإعدام السياسي» يتواصل... ومناشدات للأمير برده
إعلان مبكر عن نوايا إقراره بتصريحات نيابية تؤكد أن المقصود منه النواب السابقون
تواصلت ردود الفعل النيابية الرافضة لقانون «الإعدام السياسي»، فبينما كشف المؤيدون له سريعاً الهدف من إقراره، باستهداف من يريدون الترشح وفق نظام الصوت الواحد (المقاطعة)، مؤكدين أن ما يثار بشأن عدم دستوريته تختص المحكمة الدستورية بالفصل فيه، أصدرت «حدس» بياناً أعربت فيه عن رفضها له، مناشدة التيارات والنخب بالتحرك.
في وقت كشف فيه مؤيدو قانون "الاعدام السياسي" سريعا عن نواياهم من اقراره، لا تزال موجة الغضب على القانون، الذي اقره مجلس الامة الاربعاء الماضي دون مناقشة مستمرة.وتواصلت ردود الفعل النيابية الرافضة لهذا القانون، وسط مناشدة وجهها النائب صالح عاشور الى سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بعدم التصديق عليه ورده الى المجلس.وقال عاشور لـ"الجريدة": "لايجوز توقيع عقوبتين على الشخص، كما أن اغلب دول العالم تشجع مواطنيها على الترشح والانتخابات، بل هناك دول توقع غرامات على من لا يمارس حقه الانتخابي، مشيرا الى ان قانوني "الرياضة" و"الانتخابات" اللذين أقرهما المجلس في جلسته الأخيرة بهما إساءة الى مجلس الأمة وإنجازاته.
وأضاف ان "المجلس سلق هذين القانونين، وكانا سببا في ان ينسى الناس انجازات هذا المجلس التشريعية"، مناشدا سمو امير البلاد لعدم التصديق عليه ورده الى مجلس الأمة، لأن مثل هذه القوانين تسيء للديمقراطية، فبجانب انه يخالف روح الدستور والقانون، فإنه يصادر حق المواطن في المشاركة السياسية وإبداء الرأي.وردا على سؤال "الجريدة"، قال عاشور: "بلا شك فوجئنا بنظر هذا القانون في جلسة الاربعاء الماضي، خاصة أنه تم تقديمه يوم 20 من الشهر الجاري، وأقرته لجنتا الشؤون التشريعية والداخلية والدفاع والمجلس في اليوم ذاته، في حين ان هناك اقتراحات بقوانين مقدمة من قبلي قبل عام لم يتم انجازها من اللجان المعنية حتى تاريخه".
تعديلات مستحقة
من جهته، أكد النائب كامل العوضي أن التعديلات التي ادخلها مجلس الأمة على قانون الانتخابات لا يمكن تطبيقها بأثر رجعي، كما انها لا تستهدف احد بعينه سواء النائب السابق مسلم البراك او غيره، وهي تعديلات مستحقة، لأن من يتطاول على الذات الالهية أو الانبياء أو الذات الاميرية المصونة بحكم الدستور لا يستحق بالتأكيد نيل شرف تمثيل الامة.وقال العوضي لـ"الجريدة": يبقى موضوع دستورية "منع المسيئين" من الترشح من عدمها عند المحكمة الدستورية، فهي الجهة المنوطة بالفصل في دستورية القانون، مشيرا الى ان المجلس الحالي يحسب له انه هو من اقر تعديلات قانون انشاء المحكمة الدستورية، بما يسمح لأي مواطن بالطعن امامها في اي قانون يقر.وشدد على انه لا يجوز للحكومة ان تمنع في الانتخابات المقبلة ترشح من اساؤوا للذات الالهية أو الاميرية قبل صدور هذا القانون، لأن في ذلك مخالفة صريحة لنص الدستور، الذي يؤكد عدم جواز تطبيق القوانين الجزائية بأثر رجعي.من جهته، قال النائب عودة الرويعي ان "تعديل قانون الانتخابات الاخير ليس موجها ضد احد، واذا كان موجها ضد احد، فهو موجه فقط لمن يرغب بالانتخابات وفق نظام الصوت الواحد، ومن قرر سابقا عدم اعترافه بحكم الدستورية وتحصين نظام الصوت الواحد فهو غير معني بالتعديل، لانه اصلا لا يعترف به والافضل ان يلتزم بقناعاته".التحالف الوطني
إلى ذلك، هاجم النائب علي الخميس التحالف الوطني الديمقراطي، قائلا: "التحالف الوطني وبيانهم السيئ كأنهم يقولون دعونا (نلهو ونلعب) في الذات الإلهية، وليس للمجلس أن يتوسع في إقرار النصوص، ومن يتصور ان تعديل قانون الانتخاب جاء للانتقام فهذا فهمه، ونحن نصوت على قانون لا نوايا، فلا يجوز لمن يدان بهذه الجرائم أن يمثل الأمة". مستدركا "أبناء التحالف الوطني يعتقدون أن قيامتهم قد قامت بعد هذا القانون بسبب أنهم اكتشفوا أن رموزا لهم مدانون بالإساءة للذات الإلهية".مضمون سليم
من ناحيته، قال النائب عبدالرحمن الجيران، لـ"الجريدة"، ان مضمون القانون سليم، لكن شكله غير مستوف لأهم صفات القانون وهو الشمول والتجرد، ولا يمكن معالجة كل الانحراف بالممارسات السياسية بتشريع القوانين، مشددا على ان "ذلك سيؤدي بنا الى فوضى تشريعية".وأضاف أن "القانون سيطبق على كل من سيترشح للانتخابات القادمة بمن فيهم النائب السابق مسلم البراك الذي يقضي العقوبة حاليا وغيره، وهذا يعتبر تطبيقا بأثر فوري لا رجعي، أما التطبيق بأثر رجعي فهو أن يسري القانون على الأعضاء الحاليين فتبطل عضوية من سبق أن أدِينَ بجريمة من الجرائم المسماة بالنص، ورجعية القانون تحتاج إلى نص خاص فيه عملا بالمادة (١٧٩) من الدستور".الى ذلك، أصدر التيار التقدمي الكويتي بيانا حول تعديل المادة ٢ من قانون الانتخابات قال فيه: «جاء إقرار التعديل القاضي بحرمان من أدين بحكم نهائي عن جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية من الحق في الانتخاب ليمثل حلقة جديدة من الهجمة المستمرة لتقويض هامش الحرية المحدود أصلاً في الكويت، وإمعاناً في تهميش المؤسسات الديمقراطية، والتي سبق أن جُردت من استقلالها السياسي عبر التدخلات السلطوية غير الشرعية، مما يزيد من انغلاق أفق العمل السياسي بشكله التقليدي المتمثل بالعمل البرلماني».وقال إن المقصود من التعديل إقصاء ناشطي المعارضة ونوابها السابقين وغيرهم من العمل البرلماني، وهو استقصاد مفضوح وغير ديمقراطي ومعيب دستورياً. بدورها، أصدرت حركة العمل الشعبي بيانا قالت فيه ان هذا التعديل يمثل حلقة جديدة من حلقات الهجمة الشرسة على الحريات وحقوق الأفراد الذي يمارسه هذا المجلس وهذه الحكومة، التي أصبحت غير مؤتمنة على مقدرات الوطن وحقوق الأفراد وحرياتهم.وقالت الحركة ان هذا التعديل اظهر جليا انحراف المشرع في استخدام سلطته في التشريع عبر الانتقام من خصوم سياسيين من خلال «سلق» القوانين، وعدم اعطاء المشروع الوقت الكافي لمناقشة هذا المقترح الخطير، الذي يمثل اعتداء على حق دستوري أصيل للمواطن وهو حق الانتخاب.«حدس»: القانون معيب ... ومطلوب التحرك لإلغائه
وصفت الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» القانون بالمعيب دستورياً وقانونياً لمخالفته الدستور والقانون، داعية التيارات والنخب السياسية للتحرك دستوريا وسياسياً واجتماعياً لرفضه.وقالت الحركة، في بيان لها: «فوجئ الشعب الكويتي بتعديل قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس الأمة الحالي بشكل مستعجل ومسيء للمسيرة البرلمانية، والذي نص على منع الانتخاب والترشيح لمن ادين قضائيا في مسائل الاساءة للذات الإلهية والأنبياء والأمير، وقد قوبل هذا التعديل القانوني برفض شعبي باعتبار عدم دستوريته ومخالفته للديمقراطية، ويحمل في طياته سعيا مستنكرا للحيلولة دون ترشح شخصيات ورموز وطنية في اي انتخابات قادمة».وتابع «اننا في الحركة الدستورية الاسلامية نرى ان هذا القانون معيب دستوريا وقانونيا وقيميا لاعتبارات عديدة منها مخالفته للدستور الذي حدد آلية الانتخاب والترشح دون وضع الموانع التي تحرم من هذه الحقوق، باعتبار أن المخالفات والجرائم الأخرى لها عقوبات محددة في التشريعات الجزائية ليس منها منع الترشح والانتخاب حماية للحق الدستوري بالمشاركة الشعبية».وأكدت الحركة أن التعديل القانوني خالف الدستور والقانون في إطار شموله لقضايا الاساءة السابقة، وهو ما يخالف مبدأ عدم رجعية القوانين المنصوص عليها دستوريا وقانونيا، موضحة ان التعديل القانوني السيئ الذكر متجاوز للدستور، لافتقاده صفتي العمومية والتجرد اللتين يجب توفرهما في اي تشريع يصدر.وشددت على أن هرولة أعضاء مجلس الأمة نحو إقرار مثل هذا القانون لهي دليل قاطع على تيقن النواب من شعبية المعارضة الواسعة ونجاحها في أي استحقاق انتخابي قادم، مما دفع المؤيدين في مجلس الأمة لإقرار هذا القانون الانتقائي المرفوض شعبيا.ودعت الحركة الدستورية الإسلامية سمو أمير البلاد لاستخدام حقه الدستوري برفض القانون المسيء للدستور وللديمقراطية الكويتية.