الفحم يخسر حربه أمام مصادر الطاقة النظيفة

نشر في 25-06-2016
آخر تحديث 25-06-2016 | 00:01
خلال السنة الماضية تفوق الغاز الطبيعي على الفحم بوصفه المصدر الأعلى للطاقة في الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يشهد هذا الاتجاه درجة أكبر من التسارع، لأن الأرقام تظهر أنه اعتباراً من سنة 2015 تعرضت 20% من المصانع التي تعمل بطاقة الفحم في الولايات المتحدة إلى احتمال التوقف عن العمل.
 بلومبرغ • لم أكف مطلقاً عن الشعور بالدهشة ازاء كيفية تعامل الناس مع قضاياهم ولجوئهم إلى شتى الطرق لدعمها.

ويبرز هذا المسار بجلاء في عالم الاستثمار المالي، حيث تفضي أجندات معينة في أغلب الأحيان الى قرارات ينجم عنها خسارة محققة لرأس المال، وتجدر الإشارة إلى أن قدرة المستثمر على رصد واكتشاف هذا الهراء في حينه يعتبر جيداً في الأجل الطويل بالنسبة الى محافظ الاستثمار.

وقد حصلت على تذكير في هذا الشأن في الآونة الأخيرة عندما قرأت تقريراً صدر عن منتدى العمل الأميركي، يقول انه قبل خمس سنوات فقط وصلت القيمة السوقية لأكبر أربع شركات للفحم الى أكثر من 35 مليار دولار، ولكن تلك القيمة هبطت منذ ذلك الوقت بنسبة 99 في المئة، كما أن البعض من كبار منتجي الفحم تقدموا بطلبات لإشهار افلاسهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: على من يجب إلقاء اللوم بسبب هذه الخسارة المثيرة للاستغراب والدهشة؟ واللافت هو ان التقرير المشار اليه يختصر الرد بكلمة واحدة هي: التنظيم. ويقول ذلك التقرير إن "الحرب على الفحم فرضت 312 مليار دولار على شكل تكلفة، اضافة الى أكثر من 30 مليون ساعة من أعباء العمل الورقي والمكتبي حول هذه الصناعة".

كان هذا تفسيراً جميلاً ولائقاً ولكن يوجد ما هو أكثر من ذلك في هذا الشأن وهو يتجاوز حدود التنظيم السالف الذكر والذي قد صمم بشكل رئيسي من أجل تحديد كمية الملوثات التي تطلقها الصناعة في الهواء، ولنلق نظرة عن كثب أكثر على العوامل التي قد تقف وراء الضعف المهلك الذي لحق بشركات الفحم، ولنظر الى التطورات التالية:

1 – الغاز الطبيعي الرخيص

كانت المصانع التي تعمل بطاقة الفحم المصدر الفاعل بالنسبة الى توليد الكهرباء في الولايات المتحدة خلال القسم الأكبر من قرن من الزمن، ولكن العديد من المنشآت بدأ بالتحول من استخدام الفحم الى الغاز الطبيعي على شكل مصدر للطاقة، ويرجع ذلك ليس فقط الى كون الغاز الطبيعي أكثر صداقة للبيئة بل انه أرخص ثمناً أيضاً وبشكل جزئي لأن نقله عن طريق الأنابيب أقل تكلفة من شحن الفحم على السفن أو السكك الحديدية أو الشاحنات، والعامل الآخر الذي يفضي الى خفض الأسعار هو الانتعاش الذي شهدته عمليات التكسير الذي فتح الأبواب الواسعة أمام مصادر جديدة للغاز الطبيعي.

ويبدو في الوقت الراهن أن الغاز الطبيعي قد تفوق على الفحم على شكل المصدر الأعلى للطاقة في الولايات المتحدة خلال السنة الماضية – ومن المحتمل أن يشهد هذا الاتجاه درجة أكبر من التسارع لأن الأرقام تظهر أنه اعتباراً من سنة 2015 تعرض 20 في المئة من المصانع التي تعمل بطاقة الفحم في الولايات المتحدة الى احتمال التوقف عن العمل. ويتعين علينا أن نتوقع استبدال تلك المصانع باخرى تعمل بالغاز الطبيعي.

وينطوي هذا الأمر على أهمية لأن توليد الطاقة الكهربائية استخدم 92.8 في المئة من اجمالي امدادات الفحم في الولايات المتحدة اعتباراً من سنة 2014، كما أن الفحم يشكل 29 في المئة من توليد الطاقة الكهربائية.

ومن الواضح أنه من غير الملائم لشركتك وأعمالك أن يتخلى أكبر عملائك عن منتجاتك لصالح أشياء أرخص ثمناً.

2 – الديون

شركة "بيبودي كول" وهي أكبر منتج للفحم في الولايات المتحدة وتسيطر على 19 في المئة من السوق تقدمت بطلب اشهار افلاس بموجب الفصل رقم 11 في وقت سابق من هذا العام، وتؤثر عملية الافلاس على قيمة تقارب 8.4 مليارات دولار على شكل قروض وسندات، ولم يساعد تلك الشركة أنها أنفقت ما يصل الى 5.1 مليارات دولار لصالح شركة ماك آرثر الأسترالية لإنتاج الفحم في عام 2012 بعد هبوط أسعار الفحم.

كما أن "آركول" وهي ثاني أكبر شركة لإنتاج الفحم في الولايات المتحدة والتي تسيطر على 13.6 في المئة من السوق قد تقدمت أيضاً بطلب اشهار افلاس بموجب الفصل 11، ولديها ديون تصل الى 4.5 مليارات دولار تكبدت معظمها عن طريق سلسلة من عمليات الاستحواذ السيئة التوقيت في عام 2011، وذلك قبل وقت قصير من انهيار أسعار الفحم.

أما قائمة أكبر الشركات الأخرى المنتجة للفحم التي تقدمت بطلبات افلاس فتشمل باتريوت كول وألفا كول ووار انرجي وريفر كول.

3 – الطاقة النظيفة

من المعروف أن الفحم هو مصدر قذر للطاقة – لأنه يلوث الهواء ويترك خلفه المناجم المهجورة التي تضاعف أخطار مواقع الفضلات التي تحتاج بدورها الى عمليات تنظيف، ويتم ذلك في أغلب الأحيان على حساب دافعي الضرائب. وهذه هي العوامل التي يطلق عليها خبراء الاقتصاد الجوانب الخارجية التي تعني أن جهة اخرى غير شركات الفحم تتكبد أعباء تكلفة التلوث الذي تسببت به تلك الشركات.

وهكذا وفيما يتمحور الكثير من الحديث السياسي حول ما يوصف بخطط البيت الأبيض المتعلقة بالطاقة المتجددة ربما يكون قد فاتك مكان العمل اللازم، وهو على مستوى الولاية حيث تطلب جهات التنظيم من المنشآت الاشراف على عمليات خفض استخدام الفحم.

وكما يلاحظ دان كروس من "سليتز " فإن 29 ولاية لديها ما يدعى محفظة مقاييس للطاقة المتجددة وهي تطالب بزيادة بنسبة مئوية في استخدام الطاقة النظيفة، ويعني هذا في العادة شيئاً آخر غير الفحم، وتستبعد معايير جودة الهواء أيضاً الفحم على شكل مصدر للطاقة في مصانع توليد الكهرباء الجديدة، والأكثر من ذلك أن تسع ولايات على الساحل الشرقي في الولايات المتحدة أطلقت مبادرة إقليمية حول بيوت الدفيئة الخضراء للغاز، بغية الحد من الانبعاثات، وهذا يعني كميات أكثر من الغاز الطبيعي والطاقة الصديقة للبيئة ونسبة أقل من الفحم.

وكان الهبوط الذي شهدته صناعة الفحم الأميركية مدفوعاً بالعديد من العوامل، وصحيح أن الأعباء التنظيمية قد ازدادت ولكنها تكاد ألا تكون العنصر الرئيسي، وهي مبررة تماماً في ضوء ما يلحقه الفحم من ضرر في البيئة وفي صحة البشر.

وحقيقة الأمر أن الفحم هو ضحية المنافسة من جانب الغاز الطبيعي الأرخص ثمناً ومن مصادر الطاقة الخضراء مثل الشمس والرياح اضافة الى الديون الكثيرة التي ترتبت على عمليات الاستحواذ السيئة التوقيت والباهظة التكلفة.

* باري ريتهولتز | Barry Ritholtz

قبل خمس سنوات فقط وصلت القيمة السوقية لأكبر أربع شركات للفحم إلى أكثر من 35 مليار دولار

ما شهدته صناعة الفحم الأميركية من هبوط راجع إلى عوامل عديدة في مقدمتها زيادة أعبائه فضلاً عما يلحقه من ضرر بالبيئة وبصحة البشر

الحرب على الفحم فرضت 312 مليار دولار تكلفة إضافة إلى أكثر من 30 مليون ساعة من أعباء العمل الورقي والمكتبي حول هذه الصناعة
back to top