تعتمد الدولة على مؤسساتها وهيئاتها في الإدارة وخدمة الوطن والمواطن، ومدى تطورها يقاس بتطور وزاراتها ونجاحها في تحقيق أهدافها، وهناك وزارات استراتيجية مهمة جداً لرفع شأن الوطن، من بينها وزارة التربية والتعليم العالي، فهي تحدد مصير شعب كامل عبر تشكيل مستقبل أبنائنا وأجيالنا القادمة، فقادة المستقبل من مخرجاتها، وما وصلت دول العالم المتقدم إلى ما وصلت إليه إلا بعد تطوير تعليمها، وبناء عليه لابد من نهضة تعليمية حقيقية من أجل رفعة الدولة. والدور الكبير يقع على قيادات الوزارة لتحقيق هذه النهضة عبر اتخاذ قرارات من شأنها إنقاذ التعليم، وأبرز مثال على ذلك بعض الوزراء الذين قدموا قرارات فعالة في تاريخ التعليم، ومنهم، مثالاً لا حصراً، د. سليمان البدر بدوره الكبير في إعادة التعليم في الكويت بعد الغزو العراقي الغاشم في وقت قياسي، وعمل سنة الدمج لتعويض الطلبة عن سنة الأزمة حفاظاً على مستقبلهم.

وأيضا الوزيرة نورية الصبيح وجهودها الجبارة في إعادة ترميم المدارس وصيانتها وتجهيزها بأحدث الوسائل، ولا يمكن إغفال دور وزير التجارة والصناعة السابق د. عبدالمحسن المدعج الذي كلف بأعباء "التربية" إضافة إلى مهام وزارة التجارة والصناعة الكثيرة، فاتخذ قرارات مهمة، منها إقرار الأعمال الممتازة بقانونها الجديد الذي أنصف المعلمين بعد إيقاف دام سنوات هُضِم خلالها حق المعلم في الحصول على مكافأة تقديرية لجهوده طوال العام الدراسي، وجاءت بأثر رجعي لعامين متتاليين، وكانت ردة فعل إيجابية للمعلمين بعد إحباطات متتالية مروا بها. أيضاً فيما يخص معلمات السعودية اللواتي يعملن في الكويت، نقلهن الوزير إلى محافظتي الأحمدي والجهراء، تسهيلاً لوصولهن إلى مدارسهن بحيث يكنّ قريبات من مناطق سكنهن في الخفجي وحفر الباطن، وهو قرار إنساني بالدرجة الأولى.

Ad

أما عن مصلحة الطالب فرفض الوزير رفع نسب قبول الطلبة في البعثات، حيث دعم موقفهم في الحصول على مقاعد بالجامعات الخارجية وتوفير فرص علمية لهم حفاظا على مستقبلهم، إضافة إلى إدخال التكنولوجيا في المدارس عبر توفير السبورة التفاعلية داخل الفصول، بعد أن ظلت سنوات داخل مخازن الوزارة، وكان توفيرها إنجازاً لتطوير التعليم.

هذا ما نحتاج إليه حالياً، قرارات جدية صادقة في مصلحة المعلم والمتعلم، والتصدي للأزمات وإنصاف المعلم والطالب ووضع حلول جوهرية لمشاكل تؤخر رفعة الوطن ونهضته، فأتمنى أن تصدر قرارات في "التربية" تستحق الإشادة والتقدير، فالوضع لا يحتاج إلى تصاريح يومية تصب جميعها ضد مصلحة المعلم والطالب، والغريب أن الوزير المدعج لم يصرح بهذه الإنجازات لأنه رجل أفعال لا أقوال، فهل سيعود زمن الإنجازات لهذه الوزارة؟