قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، إن الإدارة العامة في البلاد استنفرت عندما هدد الأميركان بوقف رحلاتهم المباشرة من وإلى مطار الكويت الدولي، وأعلنت وزارة الداخلية فوراً حزمة من الإجراءات لترميم خدمات المطار، وكأن اكتشاف رداءة المطار وخدماته أمرأ مفاجئاً.

وبحسب التقرير، وقبلها ببضعة أسابيع، انتفض مجلس الوزراء الكويتي وعقد اجتماعاً مطولاً لمناقشة تقرير وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، الذي منح الكويت نظرة مستقبلية سلبية، المبرر الرئيس للنظرة السلبية كان تقاعس الإدارة العامة -الحكومة- عن اتخاذ إجراءات مقنعة لمواجهة تدهور أوضاع سوق النفط، ومرة أخرى كانت ردة الفعل كما لو كان رأي "موديز" مفاجأة.

Ad

في التفاصيل، وفي حالة المطار جاء الرد صادماً من مسؤول رسمي، فحواه، أن دوافع النقد الأميركي ناتج عن صراع مصالح، سببه تلزيم الخدمات الأمنية للمطار لشركة بريطانية وليس أميركية، وبأن زحمة المطار أمر طيب، كحكم التزاحم في أحد المعارض لمشاهدة تحفة فنية لأحد مشاهير الرسامين.

وفي حالة "موديز"، جاء الرد أيضاً صادماً، وعلى لسان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ومفاده بأن الحكومة قامت بما يلزم وأكثر في تنفيذ وثيقتها للإصلاح المالي والاقتصادي، كذلك قامت بما يلزم لتنفيذ رؤيتها الاستراتيجية لسنة 2030 أو 2035.

ثم أعقبه تصريح مناقض لرئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية لمجلس الأمة، بترحيل نقاش وثيقة الحكومة للإصلاح إلى شهر أكتوبر القادم وما بعده، أي إلى أكثر من سنتين بعد إنهيار أسعار النفط.

الإدارة العامة

وأشار التقرير إلى أن ما لا يتدخل فيه الأجانب، وهو ضمن صلب عمل الإدارة العامة، كثير ورديء، فالديوان الأميري مثلاً، يقوم بأعمال وزارة الأشغال العامة وبموازنة قريبة من موازنتها، لأن أداء وزارة الأشغال إما رديء أو فاسد. والتعليم مازال في مشروع مبنى جامعة يتيمة، يمكن أن ينتهي مبناها في بدايات العقد المقبل، إن إنتهت حرائقه، ذلك غير مضمون، والتعليم الهابط، غير انتشار شهاداته المضروبة لتوازي الصحيحة ونوايا تحويلها إلى جامعة ثانية بقيادة أصحاب الشهادات المضروبة، والخدمات الصحية، التي اخترقها هاوٍ ولمدة خمسة أشهر، وبكل نواقصها، وبفساد وتضخم موازنة العلاج السياحي في الخارج، وبشراء ذمم النافذين بحصص منه، أمرها محزن. وللكهرباء قصة، وللمرور حكاية، وللشوارع "قاذفة الحصى" حتى اختراع خلطة سحرية تمنعها، وفي البلدية حرب يرفع لواءها مديرها العام لمواجهة فسادها "الذي لا تحمله البعارين"، ولا نهاية لتلك الأمثلة.

هيمنة الحكومة

ومن أهم بديهيات العمل الإداري والسياسي، هي أن المسؤولية بقدر السلطة، بمعنى، أن أعلى سلطة تتحمل أكبر قدر من المسؤولية عن الحالة العامة الرديئة، التي بلغتها مرافق الدولة، والحكومة هي المهيمنة على مصالح الدولة.

والحكومة، التي لا تتحمل مسؤوليتها، لن يكون بمقدورها تحميل أي مسؤول أو موظف في أي مرفق عام لمسؤولياته، ومن أجل هروب الحكومة من المسؤولية، كان الإجراء المستخدم في زمن رواج سوق النفط، هو تأسيس كيانات موازية لوزارات الدولة تقوم بعملها، لكنها لا تلبث بمرور الوقت، أن تصبح مراكز توظيف وتنفيع وقاصرة مثلها. وفي أوضاع شح الموارد المالية، سوف تظهر عواقب الهروب من المسئولية مضاعفة، وفي بلد قال فيه الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في 17-05-2016، إن موظفي القطاع العام أضعاف حاجة العمل فيه، لن يجدي تلزيم الخدمات لشركات خاصة، كما في حالة أمن المطار.

ذلك سوف يزيد الأعباء المالية في زمن الشح، ويفاقم من مشكلة البطالة المقنعة، ويزيد من البطالة السافرة، ويسيء إلى قيم العمل أكثر مما هي سيئة. وعليه، سوف تصبح القطاعات التي لا تهم الأجانب، غير قابلة للإصلاح، ولا يستمع لنواقصها، والحل، هو في موازنة المسئولية بالسلطة من أعلى الهرم إلى أدناه، وموازنة الأجر بالإنتاجية.