لم يصبح كمال الشناوي مجرد نجم كبير لامع في سماء السينما المصرية فحسب، بل لمع اسمه أيضا في سماء السينما العربية، سواء في المشرق العربي، وتحديدا في سورية ولبنان والعراق، أو في بلاد المغرب العربي، تونس والجزائر والمغرب، وتمت ترجمة ذلك من خلال مرافقة كمال للعديد من أفلامه عند عرضها في العديد من الدول العربية، خاصة في الجزائر والمغرب، واستقبال الجمهور له بحفاوة كبيرة، فأصبح له حضوره المميز، بل ويتقدم صفوف النجوم، ليتبعه جيل آخر من الفنانين يحاولون شق طريقهم، فحرص كمال على أن تكون علاقته بهذا الجيل أكثر حميمية، بل يمد يد العون لمن أتيحت له الظروف لمساعدته، مثلما حرص على أن يفعل ذلك مع شكري سرحان، الذي راح يرشحه في العديد من الأدوار في أفلامه، وكذلك الفتى الوسيم الرياضي خفيف الظل، ابن الذوات، رشدي أباظة، الذي شاهده لأول مرة في حمام سباحة "مينا هاوس"، فرشحه لشركات الإنتاج، وسرعان ما بدأ نجمه يلمع، ولم يكن ذلك يمثل مشكلة لكمال الشناوي، لثقته الكبيرة بنفسه وفنه، والأهم بجمهوره، وهي الأسباب نفسها التي جعلته يقبل أن يعمل مجددا في فيلم يحمل "أفيشه" اسم "إسماعيل ياسين"، رغم أن اسمي كمال الشناوي وشادية يسبقان اسم إسماعيل ياسين في "تترات الفيلم"، إلا أنه لاعتبارات تسويقية، كان لابد أن يوضع اسم "إسماعيل ياسين" على أفيش الفيلم، بعد أن اعتبره المنتجون "الحصان الرابح" في التوزيع الداخلي والخارجي، حيث استغل الكاتب يوسف عيسى شخصيتي "خفيف ولطيف" اللتين قدمهما إسماعيل ياسين وكمال الشناوي، في فيلم "الهوا مالوش دوا" ليقدمهما ومعهما شادية في مغامرة جديدة يقومون بها في فيلم باسم "مغامرات إسماعيل ياسين"، من إخراج يوسف معلوف، وشارك معهم فاخر فاخر، عبدالغني قمر، رياض القصبجي، أحمد الجزيري، أيلين دياتو، وخريستو كلاداكيس، ودارت أحداثه حول الصديقين "خفيف" و"لطيف" صحافيين يعملان في شركة "الأنباء الطازجة" المشهورة بكتابتها عن أهم القضايا، تصلهما أخبار عن عصابة خطيرة لتهريب الأموال، وذلك عن طريق عضو سابق في العصابة يدعى "شاهين"، ويرى "خفيف" و"لطيف" أنها فرصة جيدة من أجل سبق صحافي فيعملان على جمع معلومات عن العصابة التي يتزعمها رجل مجهول، تؤدي لتعرضهم لكثير من المخاطر، وينافسهما في هذا السبق الصحافي فتاة تعمل في شركة "الأنباء الساخنة" المنافسة لشركة "الأنباء الطازجة" التي يعمل بها "خفيف" و"لطيف"، ويتورط الثلاثة مع عصابة كبيرة، تخطف الفتاة الصحافية، وينجح خفيف ولطيف في إنقاذها.

Ad

وقفة مع النفس

ورغم نجاح الفيلم فإنه لم يضف جديدا لكل من كمال الشناوي وشادية تحديدا، في حين حقق إضافة جديدة لإسماعيل ياسين، باعتباره كوميديا في المقام الأول، ما جعل بعض الأقلام الصحافية تهاجم كلا من كمال الشناوي وشادية، باعتبارهما يكرران نفسيهما، الأمر الذي جعل الشناوي يتوقف عن قبول عدد كبير من هذه النوعية من الأفلام تحقق إيرادات عالية، بغض النظر عن مضمونها، فقرر أن يعود إلى الميلودراما مع مخرجه المفضل في هذه النوعية، المخرج حسن الإمام، الذي كتب قصة فيلم "اعترافات زوجة" سيناريو وحوار محمد عثمان، أمام محسن سرحان، أمينة نورالدين، هند رستم، زوزو نبيل، نظيم شعراوي، شفيق نور الدين، وعدلي كاسب، والذي دار حول "دوسة" السيدة التي تعمل بالحياكة في الظاهر، غير أنها في الخفاء تدير منزلها للأعمال المنافية للآداب، تذهب إليها "نادية"، زوجة الطبيب "محمود"، لتفصيل فستان، تعجب بها "دوسة"، وتقرر ضمها للشبكة، تقوم بإقناع "نادية" أن زوجها على علاقة بأخرى، فتهمل بيتها، وابنتها، وتقع في حب "أحمد"، وتطلب الطلاق، يحاول زوجها استعادتها، لكنه يفشل، ثم ينشأ خلاف بين "نادية" و"أحمد" فتقتله، وفي الوقت الذي تلقي الشرطة القبض عليها، تشتعل النيران في منزل "دوسة".

رغم ما يتمتع به كمال الشناوي من خفة ظل في الأفلام الكوميدية، فإنه يحقق حضورا قويا من خلال ما يقدمه من أعمال ميلودرامية، وهو ما جعله يطمئن إلى حد كبير للأدوار التي يختارها له المخرج حسن الإمام، وهو الشيء نفسه مع المخرج فطين عبدالوهاب في الكوميديا، والمخرج هنري بركات في كل الأشكال الدرامية التي يقدمها، سواء اجتماعية أو رومانسية أو حتى أفلام حركة، غير أنه فوجئ به يرشحه في دور لم يخطر له ببال في فيلم "رسالة غرام" أمام المطرب فريد الأطرش ومريم فخرالدين:

* آه طبعا قريت السيناريو.. وقبله قريت الرواية الأصلية... بس أنا مندهش.

= من إيه؟

* إني مش لاقي دور ليا في الفيلم.

= إزاي أنت هاتعمل دور صديق وحيد.

* هاهاها.

= إيه اللي بيضحكك؟

* تقصد محور الشر في الفيلم... مش ممكن ده دور كله شر وخبث.

= وإيه المشكلة؟... تجديد يا كمال.

* أيوا يا أستاذ... بس ده دور الجمهور هايكرهه مافيش كلام.

= ده يتوقف على شطارتك.

* ما هو أنا لو شاطر زي ما بتقول، لازم أخلي الجمهور يكرهني... وتخيل أنت بقى كمال الشناوي اللي بيعيش كل قصص الحب دي على الشاشة. وبيقول كل كلام الحب والرومانسية ده كله... يطلع منه كل كمية الشر دي على الشاشة.

= صدقني أنا شايفك في الدور ده.

* للدرجة دي يا أستاذ أنت شايفني شرير؟!

= لا يا أخي مش القصد... أنا قصدي شايفك فيه كممثل عنده قدرات كبيرة أوي ماحدش استغلها لحد دلوقت... وأنت لازم تتمرد على نوعية الأدوار اللي بتقدمها.

* أنا مانكرش أن الدور حلو وعاجبني أوي... يمكن أحسن من دور البطل، بس أنا خايف من رد فعل الجمهور.

= على ضمانتي أنا يا كمال... وبعدين أنا عايز أقولك سر.

* اتفضل.

= بصراحة بقى اللي شافك في الدور ده قبلي فريد الأطرش... وخاف يكلمك تكسفه وترفض... هو مقتنع بك أوي كممثل كبير... وحاسس أنك هاتعمل الدور ده بشكل مختلف.

توقع فريد الأطرش بطل الفيلم أن يرفض كمال الشناوي هذا الدور، بل وتراهن مع المخرج هنري بركات على أنه سيرفضه، بعد أن اعتاد الجمهور قيامه بأدوار العاشق المرح الطيب خفيف الظل، غير أنه فوجئ بموافقته على الدور، ليس هذا فحسب، بل إن كمال قرر أن يتعامل مع الدور باعتباره فرصة، حيث قرر أن يكسر قاعدة النمطية في أدوار الشر، فقد رأى أن أغلب من قاموا بأدوار الشر أسبغوا عليه لمسات كوميدية، لذلك أراد أن يقدم صورة الشرير خالصة من دون أي إضافات وكانت هذه نقلة كبرى، والفضل فيها لفريد الأطرش.

فيلم "رسالة غرام" مستوحى عن فكرة من رواية ألفونس كار "تحت ظلال الزيزفون" كتب له السيناريو والحوار يوسف عيسى، وأخرجه هنري بركات، ليرتضي كمال أن يأتي اسمه في الترتيب الثالث بعد فريد الأطرش، ومريم فخرالدين، ومعهم حسين رياض، زمردة، هند رستم، عمر الحريري، عبدالسلام النابلسي، عبدالمنعم إبراهيم، ودار حول المطرب وحيد الذي يتذكر في ليلة زفاف الفتاة التي رباها، ذكريات حبه مع أمها التي أحبها في بداية حياته وطلبها للزواج، لكن والدها رفض زواجه منها بسبب الفارق الاجتماعي بينهما، وبعد إحدى زياراتها له، يطلب من صديقه صاحب النزوات العديدة أن يقوم بتوصيل رسالة لها بدلا منه، لكن صديقه يخونه ويقوم بإغواء حبيبته ويؤكد لها خيانة وحيد لها ونسيانه حبها، فتخضع لإغوائه وتوافق على الزواج منه، وبعد أن يعيش وحيد في صدمة بالغة، يقرر التفرغ للفن تماما بينما تعاني هي بعد زواجها بسبب نزوات زوجها، إلى أن ترحل حزينة بعد اكتشاف الحقيقة، وتترك خلفها ذكرى جميلة.

لعبة الاختيار

نجح الفيلم نجاحا كبيرا، لكن حدث ما توقعه كمال الشناوي، فلم يتقبل منه هذا الدور الذي بدا جديدا عليه، رغم أنه قدمه باقتدار وبراعة فائقين، لدرجة أن الجمهور كرهه بالفعل في هذا الدور، خاصة الجمهور العربي في الشام وفي المغرب العربي، وهو الجمهور الذي يكن للمطرب فريد الأطرش حبا وتقديرا كبيرين، ويتمتع عنده بشعبية كبيرة جدا، وكان بالنسبة لهم سلب فريد الأطرش حبيبته جريمة لا تغتفر حتى لو كانت تمثيلا، ولو أن من قدم هذا الدور هو الفنان المحبوب المحب، الذي لم يخل فيلم له من قصة حب رومانسية، ولمس كمال ذلك من خلال تحركاته في مصر، وعتاب بعض المحبين حول هذا الدور، غير أنه شعر بحرج شديد عندما زار المغرب بعد عرض الفيلم هناك، فإذا بالاستقبال يأتي فاترا على غير ما اعتاد في زيارات سابقة، ثم اكتشف السبب حينما فوجئ بمن يقول له:

= كيف تجرؤ على ارتكاب هذا الذنب الشنيع يا حلاليتو (يا حليوه)؟!

* أي فعل يا أخي أنا مش فاهم بتتكلم عن إيه.

= كيف تجرؤ تسرق حبيبة وحيد... كيف يكون كل هذا الشر بداخلك؟

* أنت فاهم غلط يا أخي... ده تمثيل مش حقيقي... وأنا والأستاذ وحيد... قصدي الأستاذ فريد أصدقاء جدا.

= يا حلاليتو هاي غلطة كبيرة.

* على كل حال يا سيدي أنا آسف باعتذر لكم واعتذر للأستاذ وحيد.

كان هذا الموقف درسا مهما لكمال الشناوي، تعلم منه أن هناك جمهورا يراقبه جيدا، ويمكن أن يحاسبه على أدواره، وأنه مثلما يختار أدواره بعناية، من المؤكد أن إتقانه لها لابد أن يكون له مردود إيجابي، حتى لو كرهه الجمهور بشكل مؤقت، لكن هذا لا يمنعه من أن يقدم من آن لآخر أحد هذه الأدوار التي تشبعه كممثل، فرغم ما حققه من نجومية كبيرة، وتصدر اسمه أفيشات أغلب الأفلام التي قدمها، إلا أنه لم يكن لديه ما يمنع من أن يضحي بأن يكون اسمه الثاني أو الثالث في الأفيش، مقابل تقديم أحد هذه الأدوار المهمة، وهو ما فعله في فيلم "رسالة غرام"، وكرره أيضا في فيلم "العاشق المحروم"، الذي أتى اسمه فيه الثالث بعد أمينة رزق ومحسن سرحان، وشاركهم إسماعيل ياسين، درية أحمد، منسي فهمي، حسن فايق، عفاف شاكر، والراقصة كيتي، والمطرب شفيق جلال، قصة وحوار علي الزرقاني، سيناريو وإخراج السيد زيادة، حاول الثري الكهل توفيق القضاء غرقا على ابنه رؤوف لأنه اكتشف أنه ليس ابنه، بل هو ابن فؤاد "المراكبي"، لكن العناية الإلهية شاءت أن ينجو الابن ويموت الأب، ويتم القبض على المراكبي، لكنه فقد الذاكرة.

يتم قراءة الوصية التي توصي بالثروة لزوجته أمينة والابن رؤوف، شرط ألا يتزوجا، وإلا ذهبت إلى الخادمين بسيوني وخضرة، على ألا يتزوجا أيضا، وفجأة تعود الذاكرة لفؤاد والد رؤوف الحقيقي، ويحاول أن يوضح حقيقة أمره، لكن رؤوف لا يسمع له، ويقرر الزواج، ويكتشف أن هناك من بين الوصية صندوقا مغلقا لدى أحد البنوك لابد أن يقدمه هدية لعروسه في ليلة الزفاف، فينفذ رؤوف الوصية، وعند فتح الصندوق يكتشف أن ما به يؤكد أن توفيق ليس والده، يصدم رؤوف، ولكن أمه تشرح له الحقيقة، ويعود فؤاد ويلتئم شمل الأسرة.

ورغم أن دوره في "العاشق المحروم" كان بعيدا عن أدوار الشر، إلا أنه لم يعد كمال الشناوي بشكل كامل إلى منطقته التي دأب على الوجود فيها بأمان، سواء من خلال الكوميديا أو الميلودراما، وهو ما عمل للعودة إليهما، فقدم فيلم "الملاك الظالم" المقتبس عن مسرحية "القضية المشهورة" للكاتب أدولف وينجري، كتب له السيناريو يوسف عيسى وحوار السيد بدير، إخراج حسن الإمام، أمام فاتن حمامة، حسين رياض، محمود المليجي، عبدالوارث عسر، فردوس محمد، زهرة العلا، فاخر فاخر، سراج منير، زينات صدقي، وعزيزة حلمي، ودارت أحداثه حول طفلة تشهد شهادة تؤدي لدخول والدها إلى السجن ظلما، بعد أن تعتقد أنه هو من قتل والدتها، يتولى المحامي تربية الابنة حتى تكبر، تعمل الابنة باحثة اجتماعية وتنفذ بحثا عن السجون والحالات الإنسانية فيه، تقابل والدها بالمصادفة في أحد السجون، جاهلة أنه والدها ثم تعرف بعد ذلك ما حدث وتحاول إثبات البراءة، مستعينة بخطيبها ضابط الشرطة بالرغم من رفض والده ذلك اعتقادا منه أن ابن المجرم لابد أن يكون مجرما مثله.

نهاية فنانة

بعده اختاره المخرج محمود ذوالفقار في دور مختلف، يجمع بين الشر والرومانسية والكوميديا، من خلال فيلم "الأرض الطيبة" قصة وإخراج محمود ذوالفقار، سيناريو وحوار يوسف جوهر، أمام مريم فخرالدين، حسين رياض، زوزو ماضي، عبدالسلام النابلسي،

عبدالعزيز أحمد، فؤاد المهندس، سعاد مكاوي، عمر الحريري، عمر الجيزاوي، وخيرية أحمد، تكتشف سعدية أنها ابنة رجل ثري ولها إرث ضخم بعد موته، تحقد عليها زوجة أبيها فتتآمر ضدها بمساعدة حبيبها وشقيقها، وترفع دعوى ضد سعدية للحجر عليها، في هذه الأثناء يقع شقيق زوجة أبيها في حب سعدية، لتخوض سعدية في أحداث ومواقف لم تكن في الحسبان، ليقوم شقيق زوجة أبيها بكشف المخطط الذي يدبرونه من أجل الحجر على سعدية وحرمانها من ثروة والدها.

جمع كمال الشناوي في شخصية واحدة في فيلم "الأرض الطيبة" بين أغلب الشخصيات التي يقدمها في أعماله، التي تضم الطيبة والرقة، والرومانسية والكوميديا، فضلا عن جانب من الشر ظهر على استحياء في مجمل أعماله، فلم يقدمه سوى في فيلم "رسالة غرام" وجزء بسيط جدا من أحداث "الأرض الطيبة".

قام كمال الشناوي ببطولة فيلم "لمين هواك" تأليف يوسف جوهر، وإخراج حلمي رفلة، أمام الفنانة هدى سلطان، وعماد حمدي، فريد شوقي، منى، عبدالسلام النابلسي، وداد حمدي، والراقصة زينات علوي، وشاركهم في بطولة الفيلم هاجر حمدي طليقة كمال الشناوي، والذي دار حول نادية التي تعاني بسبب سلوك أختها نوال، ما يجعلها تلجأ إلى الدكتور عادل وتطلب منه المشورة، ليولد بينهما الحب، ذات يوم يصل شاب حاول الانتحار لأنه مصاب بالشلل، وتنجح نادية في علاجه وإخراجه من حالة اليأس، لتبدأ قصة حب بينه وبين شقيقتها نوال.

أثناء تصوير "لمين هواك" شارك كمال في تصوير فيلمين آخرين، الأول "حدث ذات ليلة، قصة وحوار فتحي أبوالفضل، سيناريو وإخراج بركات، أمام هدى سلطان، محسن سرحان، هند رستم، والذي دار حول فتاة تقع في براثن شاب محتال، يتسبب في طلاقها من زوجها، وتسعى الزوجة إلى الانتقام من المحتال الذي دمر حياتها.

الفيلم الثاني "انتصار الحب" قصة وحوار السيد زيادة، سيناريو وإخراج حسن رمزي، أمام زهرة العلا، هند رستم، حسين رياض، سراج منير، محمود شكوكو، وخيرية أحمد، والذي دار حول مهندس يعيش في سعادة مع زوجته ويتهم ظلما في جريمة قتل ويحكم عليه بالسجن، يحاول والدها أن يمنعها من زيارته في السجن لكنها لا تأبه لأحكامه.

وما إن انتهى تصوير فيلم "لمين هواك"، وقبل أن يعرض في خلال شهر يونية 1954، فوجئ كمال الشناوي، مثلما فوجئ جميع العاملين في الوسط الفني والجمهور معهم، بقرار الفنانة هاجر حمدي، بالابتعاد عن الفن نهائيا، دون عودة تحت أي ظروف، لتعتزل التمثيل بعد أن اعتزلت الرقص، بعد رحلة قصيرة مع الفن لم تزد على اثني عشر عاما، من عمرها الذي لم يبلغ الثلاثين بعد.

كان أكثر المرحبين بالقرار المخرج فطين عبدالوهاب، ليس لفشلها كممثلة، بل لغرض في نفسه، حيث تقدم للزواج منها، وبعد مطارداته لها وإلحاحه على الزواج منها وافقت خاصة بعد أن فقدت الأمل في عودة العلاقة بينها وبين والد ابنها كمال الشناوي، دون أن يؤثر ذلك على العلاقة بينهما، أو ابنهما محمد.

صداقة بعد الطلاق
حرص كمال الشناوي على اختيار أدوار تتلاءم إلى حد كبير مع شخصيته الحقيقية، التي تتسم بالكثير من الرومانسية والطيبة، وخفة الظل، فضلا عن اتسامه بأخلاق الشهامة والكرم وحسن معاملة النساء، ما يجعله نموذجا مثاليا ترى فيه كل امرأة زوجا مثاليا أو صديقا مقربا، وعندما يختلف معها يختلف بهدوء عاقل، وعندما ينسحب من حياتها، لابد أن يترك أثرا طيبا لا يشين العلاقة بينهما، وهو ما فعله مع زوجته الأولى عفاف شاكر، والتي التقى معها في العديد من الأعمال بعد انفصالهما، وكذلك العلاقة الطيبة التي استمرت مع شقيقتها الفنانة شادية، وهو الأمر نفسه الذي فعله مع زوجته الثانية وأم ابنه الفنانة هاجر حمدي، التي ظلت علاقته بها كصديقين على أفضل ما يكون بعد انفصالهما، وهو ما جعله يرحب بالوقوف أمامها مجددا في فيلم "لمين هواك" الذي عرضه عليه حلمي رفلة من إنتاج آسيا داغر.

البقية الحلقة المقبلة