أبو العلا ماضي يتحدث لـ الجريدة• عن تجربة السجن والثورة (2- 3):
ظروف المصالحة بين النظام و«الإخوان» لم تتوفر بعد
• الجماعة اتهمتني بعقد صفقة مع النظام مقابل إطلاق سراحي
• أرفض ما حدث في «رابعة» من عنف المعتصمين وفض الاعتصام بالقوة
استعرض رئيس حزب «الوسط» أبو العلا ماضي، في الحلقة الأولى من حواره مع «الجريدة»، علاقته بجماعة «الإخوان» التي أحكمت قبضتها على السلطة بعد ثورة 25 يناير، وفي الحلقة الثانية من الحوار، يتحدث عن تجربة دخوله السجن بعد نجاح ثورة «30 يونيو» في الإطاحة بنظام الإخوان، ثم خروجه منه وعودته إلى الحياة السياسية، مؤكداً أن ظروف المصالحة بين النظام الحالي والجماعة لم تتوفر بعد، وأن مصر تحتاج إلى حل سياسي شامل، وفيما يلي نص الحوار:
• بعد ثورة "30 يونيو" وما أعقبها من أحداث دخلت السجن، فلماذا قبض عليك؟- ظلمنا في كل الأحوال من جميع الأطراف، ظلمنا لأنه تم وضع حزب "الوسط" مع الإخوان وأننا كنا نقف معهم، وهذا غير صحيح، إذ كان شعارنا أن الوطن قبل "الوسط"، والتاريخ سيقول هذا، وعرض علينا دخول الوزارة وحركة المحافظين كثيرا ورفضنا.• ولماذا أخرجوك من السجن؟
- ولماذا اعتقلت أساساً؟ هذا هو السؤال الأصلي، من اليوم الأول في التحقيقات وأنا أقول للنيابة هل هناك حبس بتحريات المباحث فقط؟ فيردون عليّ: في أول جلسة لمحكمة الجنايات ستحصل على البراءة، فقلت له: ولماذا تحبسني احتياطيا؟ السؤال الذي يشغلني هو لماذا كان الحبس والتلفيق؟ فأنا لم أعرف مكان اعتصام النهضة، ولم أذهب إليه.• ألا تمتلك تفسيراً لحبسك؟- التخمينات في المسائل السياسية غير مطلوبة، ليس لدي يقين، عندي تخمينات فقط.• البعض تحدث عن صفقة ما للإفراج عنك.- أنا لم أذكر "الإخوان" بالخير أو الشر منذ خروجي من السجن، باستثناء أنه لا علاقة بين "الوسط" والجماعة، منذ أيام التقى نجلي أحمد قيادة كبيرة من الإخوان أثناء جلسة محاكمة فض اعتصام رابعة في المحكمة، ووجه الإخواني سؤالاً إلى نجلي: "صحيح يا أحمد إن والدك جلس مع السلطة واتفق معهم على الخروج على أن يتركوه يعمل في الحزب؟"، فرد عليه ابني قائلاً: "هذا الكلام يردد منذ أن كان والدي في السجن".مازال الإخوان يفكرون بطريقتهم بأن هناك صفقة، وأقول لهم لقد تعرضت لظلم عامين، والسجن الانفرادي مدة 23 ساعة داخل الزنزانة، وأصبت بنوبتي سكري داخل الزنزانة، وكان بيني وبين الموت ثوان، وكان من الأجدى عمل الصفقة قبل حبسي، ولكن ذلك لم يحدث.• هل تواصلت مع أحد بعد خروجك من السجن؟- لم أتواصل مع أي شخص منذ خروجي، والتواصل مع السياسيين كان شخصيا، لتهنئتي بالخروج.• كيف كنت تقضي الـ23 ساعة داخل محبسك؟- رحمة ربنا أكبر مما كنت أتخيل، هذا بلاء وفيه لطف من الله، بعد فترة نبهني أحدهم إلى أهمية حفظ القرآن، فقلت أحفظه وأنا عندي 55 سنة، وأتممت حفظه في 240 يوما، وراجعته 5 مرات، وكان عندي برنامج عمل في السجن، وأستعجل أي شخص يكلمني من زملائنا أثناء مرورهم أمام زنزانتي ويسألني في شيء، كان إحساسي بالوقت والاستفادة منه عاليا جدا، ولذلك تركت كل شيء، عدا "المصلية" والمصحف والسبحة، بخلاف أدويتي وجهاز السكري، ولذلك خرجت وليس لدي خصومة مع أحد.*هل تمارس عملك الحزبي بحرية؟- لم أمنع من شيء، ولم أتحرك حركة طبيعية حتى الآن.• لماذا؟ - لأننا في مرحلة إعادة البناء، أهتم الآن بالحزب وبمقره الرئيسي، وقمنا بعمل مؤتمر عام لإعادة البناء، وتفعيل بعض اللجان مثل "الثقافية" و"العضوية"، وكذلك نلتقي بشباب وأمانات المحافظات، لبث الروح، فنحن لسنا في عجلة من أمرنا.• عودة إلى الشأن العام، هناك من يرى أن تنظيم الإخوان ضعف بسبب ضربات الأمن، في حين أن الفكرة مازالت قوية.- طبعاً، قلت لكل قيادات الإخوان الذين كانوا معي في السجن، وكان آخرهم المرشد السابق مهدي عاكف، والتقيت به قبل خروجي من السجن بيومين: "مازال رأيي فيكم كما هو، ولم يتغير لكني ضد تعرضكم للظلم"، وقلت هذا لأغلب قيادات الجماعة، لأن الظلم يغذي كل التيارات والتنظيمات الإسلامية، أما العدل والحرية وتجربة أن يختار الناس فهي الأفضل، لأن الناس كانت محرومة من الحرية والعدل، والتوازن يتحقق بهما.وفي ذروة قوة الإخوان أيام حسن البنا، لم يكن ينجح لهم أي من مرشحيهم في البرلمان، في الوقت الذي كان يسيطر على الساحة غول سياسي اسمه حزب الوفد، وكانت الحياة السياسية أفضل، وبالتالي لو هناك حياة سياسية ونمو أحزاب سيقدر المواطن على الاختيار، وهناك تجربة صديق خان في الفوز بمنصب عمدة لندن، في بلد أغلبيته من البيض، وفيه 100 سبب لسقوطه لأنه ملون ومسلم، ومع ذلك نجح لوجود مستوى من النضج السياسي لجمهور الناخبين.• هل ما حدث في "30 يونيو 2013" ثورة أم انقلاب؟- 30 يونيو مظاهرات من حق الناس المشاركة فيها، أما ما حدث في 3 يوليو فهو خروج على الديمقراطية.• لم تجب عن السؤال. - قلت في تحقيقات النيابة إجابة واضحة، وهي أن ما حدث في "3 يوليو" كان انقلابا، وليس مطلوبا مني أن أقول هذا كل يوم، والآن نحن نبحث عن سؤال المستقبل، والنظر للخلف لن يدفعنا للأمام، قلت إنه انقلاب، ودفعنا الثمن من حرق مقرات، وحبس قيادات، واستشهاد آخرين، وبعضهم أخرج بعيداً عن البلاد.• كيف رأيت اعتصام رابعة العدوية وفضه في أغسطس 2013؟- ما حدث في رابعة لا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، فلا يمكن قبول عنف الإخوان، وكذلك لا يمكن قبول طريقة الفض بالقوة والقتل، وهذه صفحة مأسوية، نسأل الله أن نتجاوزها وألا نجعلها حجر عثرة في طريقنا، وعلينا إيجاد طريقة لتجاوزها بالعدل والحرية والتسامح والمصالحة لأنها أزمة حقيقية في المجتمع.• هل المصالحة واردة بين النظام القائم وجماعة "الإخوان"؟- ستحدث حينما تتوافر ظروفها، حتى الآن ظروفها لم تتوفر، فالطرفان لا رغبة لديهما في ذلك، ورأيي أن الأزمة أكبر من الطرفين، من الإخوان والسلطة، هي أزمة مجتمع، كل يوم تظهر مشكلة، أطراف المجتمع تحتاج إلى أن تجلس مع بعضها البعض للتفكير بشكل جماعي في حل سياسي شامل، لأن مصر أكبر من الجميع.• ما الحل السياسي الشامل الذي تقترحه؟- جلوس مجموعة من الأفراد لمناقشة الحلول المقترحة.• ومن يلعب هذا الدور؟- ناس كثيرون، ليس عندي حصر بالأسماء، وإن وجدت رغبة في تحريك الأمور فاختيار الأفراد أمر سهل، يجب أن تتوافر الرغبة أولاً.• لو دعيت للقاء بين الرئيس السيسي ورؤساء الأحزاب، فهل ستحضر؟- لا أريد أن أستبق الأحداث، وأي قرار سأعود فيه للحزب، لكن لو أي لقاء فيه تصور حول ما أقوله الآن فلن أتأخر عنه، "غير كدا لأ مش هحضر، لازم يكون مناخا تصالحيا، في ظل الأوضاع الحالية مفيش جديد، لازم يبقى فيه مناخ جديد، حل سياسي شامل".• برأيك ما إنجازات الرئيس السيسي وإخفاقاته؟- لست في مجال تقييم الرئيس لأن لدينا مشكلة أكبر وهي أزمات كبيرة وتحتاج إلى حل.• ما رأيك في الجدل الدائر حول تنازل النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية؟- الجزيرتان مصريتان "مافيش فصال فيها".*هل تشعر أن وضع مصر بشكل عام أفضل من أيام مرسي؟- لا، مطلقاً.• أي فترة تراها أصعب أيام مبارك أم الآن؟-الآن أصعب من أيام مبارك، وأنا أتكلم عن الشعب المصري والوضع السياسي العام، وهذا يحتاج إلى روح ونفسية متوازنة حتى يتحسن الوضع، والأمل لغد أفضل.• هل تواصلت مع حمدين صباحي؟- كلمني في الهاتف بعد خروجي من السجن.• كيف ترى مواقفه من السلطة الآن؟- هناك الكثير من الناس مع الوقت غيروا مواقفهم، لأنهم اكتشفوا أن الأمور ليست كما تصوروا.• ما ردك على من يرى أن تيار الإسلام السياسي انتهى؟- كل مراكز الأبحاث في العالم تعرف أن هذا أمر صعب، وأن الإسلام السياسي لا يموت، ولابد من حل تفاهمي وحريات، حتى يظل في حدوده المطلوبة ولا يقصى تماماً من المشهد.