الأمين العام للمركز العالمي للقرآن د. محمد داود لـ الجريدة.: مخطط غربي لتشكيك المسلم في القرآن والسُّنة
«الموسوعة» رد علمي وفكري على الاتهامات الموجهة للإسلام
يرى المفكر الإسلامي د. محمد داود، الأمين العام للمركز العالمي للقرآن الكريم وعلومه، والمشرف على موسوعة بيان الإسلام للرد على الافتراءات والشبهات، أستاذ علم اللغة في جامعة قناة السويس، أن الغرب يتربص بالإسلام، مؤكداً في مقابلة مع «الجريدة» ضرورة تكاتف جميع المؤسسات في الدول الإسلامية ونبذ الصدام والخلاف لمواجهة ما يتهدد أمتنا وهويتنا وديننا.. وإلى نص المقابلة:
● يتعرض الدين الإسلامي للكثير من الافتراءات والأكاذيب ما السبب في ذلك؟- هناك مخطط تقوده بعض دول الغرب تشجع على ذلك وتدعمه فكرياً ومادياً لتشكيك المسلم في الثوابت الدينية في القرآن وفي النبي (ص) وفي سُنته المشرفة، ونشر الخلافات والفرقة والتنازع والفوضى في المجتمعات الإسلامية. ● كيف نتصدى لهذه المخططات؟
- يجب على جميع المؤسسات الرسمية في المجتمعات الإسلامية مواجهة هذه الحملة الضارية، التي نواجه فيها تكتلاً دولياً يستخدم الفكر واللغة والشائعات والوسائل التكنولوجية الحديثة لإشاعة الخلافات والاختلافات، وينبغي أن تكون المواجهة بنفس الأسلوب الذي نحارب به، ومن الضروري أن نتغير، وندرك أن المتربص بنا هو جهلنا وأخطاؤنا، فهي أخطر علينا من كل أعدائنا وخصومنا فلابد من تحديث للشخصية العربية في هذه المواجهة الخطيرة.● ما رأيك في واقع المؤسسات المعنية بهذا الأمر؟- للأسف هذه المؤسسات تحتاج إلى بعث جديد، فلا يعقل ما نراه من صراع وتصادم بين المؤسسات، التي يفترض أنها منوطة ببناء الفكر لدى المواطن، فنرى تصادماً بين وزارة الثقافة والمؤسسات الدينية، كما نرى ازدواجية بين التعليم العام والتعليم الأزهري حتى صار بينهما ما يشبه الصراع، فلابد أن تتكامل هذه المؤسسات لمواجهة ما يتهدد أمتنا وهويتنا وديننا، وفي مصر مثلاً يجب الاعتراف بأن الأزهر ووزارة الأوقاف يقومان بدور كبير في الدفاع عن الإسلام لكن يجب أن تتكاتف معها وزارات الإعلام والثقافة والتعليم لتحقيق هدفها.● ماذا عن موسوعة "بيان الإسلام" التي تشرف عليها؟- هي رد علمي وفكري على كثير من الاتهامات الموجهة للإسلام وكل ما يتعلق به، خصوصاً أن الفترة الأخيرة شهدت تطاولات عدة على الإسلام، وقد استغرقت خمس سنوات من العمل المتواصل، شارك في إعدادها أكثر من ثلاثمائة عالم وباحث في تخصصات مختلفة، وساهم علماء الأزهر الشريف بالقدر الأكبر في إنجاز هذه الموسوعة، التي تعد أكبر قاعدة علمية شاملة للرد على الشبهات والأباطيل والافتراءات والإساءات المتكررة للقرآن والنبي (ص)، ورموز الإسلام وللأمة عامة بوعي وفهم للآخر، القائم على المنهج العلمي، الذي يخاطب العقل بعيداً عن التهور والاندفاع، الذي اتسم به رد الفعل الشعبي والقائم على رفع الأصوات والسب والشتم وحرق الأعلام، وربما نتج عنه بعض الإساءات التي لا تليق بالإسلام، وللأسف الشديد الإعلام شارك في ذلك فأراد العلماء توضيح الحقائق دون مهاجمة الآخر. ● حدثنا عن ملامح الموسوعة؟- التوثيق العلمي من المصادر العلمية المتفق عليها، وطالعنا كل ما كتبه المستشرقون، وكل ما قيل، ولا أقول هذا يساوي وهذا لا يساوي، فمنهم أناس منصفون، ونحن استفدنا من جهد المستشرقين سلباً أو إيجاباً، كما قمنا بعمل مسح لكل الشبهات عبر الإنترنت والكتب المطبوعة، وتم التصنيف والحصر، وناقشنا المنهج الذي يجدي في مواجهة هذه الشبهات بعمق كبير، وبعد المناقشة انتهينا إلى معالجة الفكر بالفكر، ثم قمنا بتصنيف هذه الشبهات من تخصصات التاريخ واللغة والشريعة وغيرها من التخصصات وعرضنا هذه الردود على وفد من جمعية السلام الأميركية، الذين زاروا مصر وضم الوفد مستشرقين يهوداً ومسيحيين وجرت مناقشات بيننا وبينهم حول قضايا المرأة، وقضايا الآخر، والعنف والإرهاب، والشبهات، التي تثار حول الفكر الإسلامي، وتم إصدار الموسوعة ورقياً في (أربعة وعشرين مجلداً)، تم الرد فيها على 1168 شبهة. ● ما أبرز الشبهات التي ردت عليها الموسوعة؟- أجابت الموسوعة عن شبهات كثيرة أثيرت حول تعاليم الإسلام، مثل هل حقاً انتشر الإسلام بالسيف؟ ما موقف الإسلام من الرق والعبودية؟ هل حقاً تعتبر المرأة نصف الرجل في الشهادة والميراث؟ ما حقيقة دعوى أن مهر المرأة ثمن للتمتع بها؟ وما حقيقة تعدد الزوجات في الإسلام؟ ولماذا تعددت زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ هل يمكن الاستغناء بالقرآن عن السنة؟ وقد ردت الموسوعة كذلك على شبهة التعارض بين الأحاديث النبوية، وتعارض السنة مع القرآن، وحقيقة التشكيك في كمال لغة القرآن؟ والادعاءات بوجود آيات شيطانية في القرآن، وشبهات حول العلاقات الدولية في الإسلام (الجهاد، الرق، العلاقات السلمية)، وشبهات حول الحدود في الإسلام، وشبهات حول حياة النبي (ص)، وشبهات حول العبادات والمعاملات الاقتصادية في الإسلام.● هل هذه الموسوعة متاحة للمثقف الغربي؟- قمنا بتوزيعها على المراكز الإسلامية بالخارج، كما تم تدشين موقع إلكتروني خاص بموسوعة بيان الإسلام على الإنترنت، ونأمل أن تتعاون هذه المراكز في ترجمة الموسوعة، حتى يطالعها المواطن الغربي ويتعرف على الأسئلة التي تثار حول الإسلام.● ما رأيك في المراكز الإسلامية المنتشرة في الدول الغربية؟- تحتاج إلى تفعيل، وتنشيط، بتوفير الدعاة الذين يجيدون اللغات الأجنبية المتعددة، بالإضافة إلى عقد دورات تأهيلية على فترات متقاربة على استخدام التكنولوجيا الحديثة.● برأيك ما سمات الداعية الذي يستطيع مخاطبة المواطن الغربي؟- لابد أن يطور الداعية نفسه بأن يتحدث لغة أجنبية، وأن يكون متمكناً من المعلومات، ويجيد فن التحاور مع الآخر، حتى يواكب مستجدات العصر، وينجح في رسالته، ولابد أن يعي جيداً ثقافة المجتمع الغربي، حتى يعرف كيف يخاطبه بلغته وثقافته، وأن يتمتع الداعية بحسن المظهر، كما يجب عليه أن يتحدث إليهم برفق، وبطريقة عصرية، متبعاً قوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» " (النحل: 125)، ويستخدم أسلوب الترغيب وليس الترهيب.
المراكز الإسلامية في الغرب بحاجة إلى تفعيل