رغم وجود صفقة مليارية تفوق قيمتها المليار دينار، مثل إتمام صفقة بيع أسهم مجموعة "الخير" في شركة "أمريكانا " لمصلحة شركة "أديبتو" الإماراتية"، فإن تفاعل سوق الكويت للأوراق المالية خالف التوقعات، ولم يكن بالشكل المأمول، إذ ارتفعت القيمة السوقية لسوق الكويت للأوراق المالية "البورصة" في يوم الإعلان الأول للصفقة بقيمة 360 مليون دينار، كما ارتفعت السيولة المتداولة إلى 20 مليون دينار.لكن سرعان ما عادت "ريما إلى عادتها القديمة"، وانحسرت مكاسب السوق على اليوم الأول فقط، وتراجعت مؤشراته حتى نهاية تداولات يوم الخميس الماضي، حيث أغلق المؤشر السعري عند مستوى 5407 نقاط، والمؤشر الوزني عند مستوى 354 نقطة، ومؤشر "كويت 15" عند مستوى 812 نقطة.
وعللت مصادر سوق الكويت للأوراق المالية الأسباب، التي ساهمت في محدودية تفاعل سوق الكويت للأوراق المالية مع صفقة بحجم "أمريكانا" إلى عدة عوامل أهمها، تفاعل السوق في مرة سابقة جراء التصريحات والإعلانات من قبل الأطراف ذات العلاقة بالصفقة، والتأكيد على أن الصفقة ماضية قدماً، واتمام الصفقة مع بداية أشهر الصيف وفي شهر رمضان المبارك، وأن تلك الفترات تعاني تدني أحجام التداول.ولفتت المصادر كذلك إلى تدني ثقة المستثمرين بالسوق نتيجة عوامل عدة، مثل تراجع أسعار النفط رغم معاودتها الصعود وسوء الأوضاع السياسية في المنطقة، وانحسار الأدوات الاستثمارية في البورصة، وكذلك ضيق القنوات التمويلية، التي يمكن من خلالها توظيف البنوك لعوائد اتمام الصفقة والتي تفوق قيمتها 700 مليون دينار.وأشارت أيضاً إلى تشبيه البعض بأن السوق دخل مرحلة الاحتضار منذ فترة، وبحاجة إلى إعادة الثقة فيه من جديد من خلال التشريعات، وحزمة القوانين والإجراءات والأدوات الاستثمارية، التي أعلنت عنها هيئة الأسواق، وأنها في طور إطلاقها خلال الفترة المقبلة، وإليكم مزيداً من التفاصيل:
عدة عوامل
أفاد الرئيس التنفيذي في شركة "كامكو" للاستثمار فيصل صرخوه بأن عدم تفاعل سوق الكويت للأوراق المالية مع صفقة "أمريكانا" مرده إلى عدة عوامل، منها أن إتمام الصفقة جرى في شهر رمضان المبارك، ومع بداية موسم الصيف، ومن المعروف أن هذه الفترة عادة ما تشهد عزوفاً من قبل المستثمرين، وتدنياً في مستويات التداول.وقال صرخوه، إن صفقة "أمريكانا" ورغم أن حجمها ليس بالهين لاسيما بعد إتمامها وتأثيراتها في تحرير السيولة المضافة، فإن تأثيرها يتوقع أن يكون محدوداً على أوضاع سوق الكويت للأواراق المالية بشكل عام على المديين القصير والمتوسط.ولفت إلى أن السوق الكويتي يواجه مشكلة حقيقية تتمثل في تدني مستويات الثقة لدى المستثمرين، مما يترك تأثيراً سلبياً على تفاعل السوق مع صفقة بحجم "أمريكانا"، حيث إن السوق يعاني منذ فترة عزوف المستثمرين بسبب الأوضاع الاقتصادية السلبية عالمياً، والتي تسببت بانخفاض مستويات النمو عالمياً، وتأثيرها على هبوط أسعار النفط، مما شكل عبئاً على دول مثل الكويت، تعتمد بشكل رئيسي على عوائد تصدير النفط في التأثير على نموها الاقتصادي.وقال إنه على الرغم من متانة الوضع المالي لدينا، إلا أن تلك المخاوف مصحوبة مع مخاوف أخرى تتمثل في تأثير إجراءات الحكومة الإصلاحية على نمو أعمال الشركات جميعها، وهي تشكل عوامل ضغط سلبية على زيادة مستويات الثقة، ومن ثم تفاعل السوق مع أحداث مهمة ومؤثرة مثل صفقة "أمريكانا"، بالإضافة إلى أن إتمام الصفقة في شهر رمضان المبارك، ومع بداية فصل الصيف ساهم في عدم حدوث ردة فعل على النحو المأمول.وبين صرخوه أن نتائج صفقة "أمريكانا" ستتوضح خلال الأشهر المقبلة، بعد استفادة الأطراف ذات العلاقة من إتمام الصفقة، لافتاً إلى أن السوق متعطش لأي أنباء أو صفقات إيجابية ملموسة تنعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي، ودخل الشركات، جنباً إلى جنب مع مواصلة تطوير السوق والأدوات الاستثمارية المرتقبة، حتى يواكب سوقنا الأسواق العالمية ويتمكن من استقطاب السيولة المحلية والإقليمية والعالمية.بارقة أمل
من ناحيته، اعتبر الرئيس التنفيذي في شركة بيت الاستثمار العالمي "غلوبل"، بدر السميط، أن إتمام صفقة بحجم "أمريكانا" من المفترض أن تعيد الثقة إلى الاقتصاد الكويتي، بالتالي تنعكس على أوضاع سوق الكويت للأوراق المالية، مبيناً أن إجراء هذه الصفقة يعطي بارقة أمل بأن الثقة في الشركات الكويتية مازالت موجودة.وأوضح السميط أن سوق الكويت للأوراق المالية رغم ما يعانيه لكن هناك شركات لاتزال تحتفظ ببريقها مثل جوهرة الشركات الكويتية "أمريكانا"، التي أسست على أعمدة صلبة وتعد مفخرة للاقتصاد الكويتي.وذكر أن إتمام صفقة مثل "أمريكانا" سيشكل عامل دفع للسوق خلال المرحلة المقبلة، على الرغم من الأمور السلبية الأخرى، التي يعانيها، مبيناً أن تأثير الصفقة لا يقاس بمدى تفاعل السوق وصعوده معها سواء يوم أو يومين، بل يقاس على ضوء أنه مازالت هناك شركات تشغيلية تعد بمنزلة عامل جذب وثقة في السوق الكويتي.وأضاف أن هناك عوامل أخرى ساعدت في محدودية تأثير صفقة "أمريكانا" مثل تراجع أسعار النفط، رغم معاودة صعودها مرة أخرى، إضافة إلى الأوضاع السياسية، التي تمر بها المنطقة، بالإضافة إلى نتائج خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي سيكون له تأثير بشكل أو بآخر على الأسواق العالمية وسوق الكويت للأوراق المالية على وجه الخصوص.استفادة محدودة
بدوره، قال محمد المباركي مساعد المدير العام إدارة الأصول المحلية والخليجية في شركة الأمان للاستثمار، إن خبر إتمام صفة بيع أسهم مجموعة الخير لمصلحة شركة "اديبتو" الإمارتية فقد زهوته، ولم يكن له تأثير واضح على مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية، لاسيما أن الأسهم المرتبطة بإتمام الصفقة تفاعلت تزامناً مع الإعلان عن الخبر، قبل فترة، وقبل الإعلان عن فشل الصفقة لعدم الاتفاق على السعر في المرحلة الأولى، بالتالي حققت هذه الأسهم مكاسبها في المرحلة الأولى، ولم تتفاعل بعد الإعلان عن الاتفاق عن الصفقة في المرحلة الأخيرة.وأضاف المباركي، أن الاطراف المستفيدة من اتمام هذه الصفقة محدودة وتتمثل في الشركات ذات الصلة، والتي لديها ملكيات أسهم في شركة "أمريكانا"، كذلك البنوك المرهون لديها أسهم "أمريكانا"، والتي ستحقق استفادة محدودة عند فك رهن هذه الأسهم، والتي لن يكون لها واقع التأثير على سوق الأسهم، خصوصاً أن قنوات إعادة تمويلها محدودة مع ضيق الفرص، التي تجذب هذه البنوك لتمويلها.وذكر أن العامل النفسي للمتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية، له تأثير كبير في عدم التفاعل مع خبر بهذا الحجم، خصوصاً، أن السوق في أضعف حالاته مع تدني حجم السيولة وابتعاد صناع السوق عن السوق منذ فترة نظراً إلى الأوضاع الصعبة، التي يمر بها، ومحدودية الأدوات الاستثمارية، التي يمكن الاستثمار من خلالها، مبيناً أنه رغم أن هناك فرصاً متاحة في السوق، وأسهم تتداول عند مستويات أقل من قيمها الدفترية، كذلك أسعار أسهم بنوك مغرية جداً للشراء، لكن هناك حالة ضعف شديدة يعانيها السوق خلال الفترة الماضية.ولفت إلى أن السوق يعول على نتائج النصف الأول من العام الحالي من أجل بناء مرحلة جديدة، يمكن الانطلاق على أساسها، مشيراً إلى أن إتمام صفقة "أمريكانا" في شهر رمضان، سبب آخر لعدم تفاعل السوق، خصوصاً أن بعض المستثمرين يعزفون عن التداول في هذا الفترة ويتفرغون للعبادة.