مثلما اعتمدت السينما المصرية، في بداياتها،على الأفكار الأجنبية، بعد اقتباسها وتمصيرها، واجهت صعوبة بالغة في ترجمة تلك الأفكار والموضوعات إلى صورة، نظراً إلى قلة الإمكانات والكفاءات، فاتجه القيمون عليها للاستعانة بالمصورين الأجانب، مثلما حدث مع تليو كيارني في فيلم «ليلى»، بريمافيرا في فيلمي {فاجعة فوق الهرم» و{الوردة البيضاء»، دافيد كورنيل في أشهر أفلامه: «تيتا وونج» و{العامل»، الفيزي أورفانيللي في فيلميه الشهيرين «رصيف نمرة خمسة» و{باب الحديد»، جاستون مادري في الفيلم الأشهر «زينب»، جيليو ودي لوكا في أشهر أفلامه: «ليت الشباب»، «معلهش يا زهر» و{أمير الانتقام»، جيلمان في «ياقوت أفندي» الذي اختفت نسخته قبل أن يتم العثور عليها أخيراً، فرانسوا فاركاش في أهم فيلميه «العزيمة» و{انتصار الشباب»، جورج بنوا في فيلمي «يحيا الحب» و{يوم سعيد} بطولة محمد عبد الوهاب، جورج أستيلو في فيلم «لاشين»، الذي قيل إنه تنبأ بثورة يوليو 1952، برونو سالفي في فيلمي «فاطمة وماريكا وراشيل» و{رنة الخلخال»، كليليو في أفلامه الأكثر شهرة «الهوى والشباب»، {بيت الله الحرام» و{صراع في النيل» بالإضافة إلى مشاركته في تصوير فيلمي إسماعيل ياسين «مستشفى المجانين» و{البوليس الحربي»، ولا يمكن تجاهل جورج أوهان وفيلمه الأشهر «الشاطر حسن» ودوره الأكبر في التطوير التقني لأدوات الصناعة، ومع استعانة يوسف شاهين بمدير التصوير الأجنبي ماسيمو دللامانو في فيلم «بابا أمين» (1950) يمكن القول إن خدمة المصورين الأجانب في مصر انتهت!

بالطبع كان للمصورين المصريين وجود في تلك الفترة، بدليل إسناد تصوير فيلم «أولاد مصر {(1933) للمصري عبد الحليم نصر، الذي أصبح علامة مسجلة بعد أفلام:»ليلى بنت مدارس»، {لست ملاكاً» و{سيدة القصر»، وأحمد خورشيد في فيلم «سي عمر» (1941) إخراج نيازي مصطفى الذي تعاون في تصويره مع مصطفى حسن ومحمد عبد العظيم، وبعدها تحمل وحده تصوير الكثير من الأفلام أهمها :{السوق السوداء»، {صراع في الوادي»، {صراع في الميناء» ،{البوسطجي»، «المتمردون»، «شيء من الخوف»، {الاختيار» والفيلم الديني «الشيماء».

Ad

ومع حلول العام 1946 ظهر عبد العزيز فهمي الذي أدار تصوير عدد من الأفلام، التي تنوعت بين الديني مثل «بلال مؤذن الرسول» والاجتماعي مثل «درب المهابيل» والاستعراضي مثل «إجازة نصف السنة» والسياسي مثل «فجر يوم جديد». لكن مشروعه الحقيقي في التصوير والإضاءة بدأ في فيلم «المستحيل» إخراج حسين كمال، وتأكد في فيلم «زوجتي والكلب» إخراج سعيد مرزوق. ومع «المومياء» (1975) بزغ نجمه ما أجبر يوسف شاهين على التعاون معه مرة أخرى في فيلم «عودة الابن الضال» واكتمل أسلوبه، ومشروعه، في الأفلام التي تعاون فيها مع المخرج محمد راضي، مثل: «وراء الشمس»، «أمهات في المنفى» و{موعد مع القدر»، الذي اختتم به مسيرته الرائعة في العام 1986 تاركاً مدرسة في الإضاءة والتصوير من أهم تلاميذها ماهر راضي، أما ديد سري فظهر في العام 1948 وترك علامات مثل: «أني راحلة»، «الفتوة»، «خالد بن الوليد»، «المراهقات»، «في بيتنا رجل»، «الناصر صلاح الدين» و{العمر لحظة»!

نهاية الأربعينيات عرفت الصناعة أيضاً اسم وحيد فريد، الذي أدار تصوير عدد من الأفلام التي تحولت إلى أيقونات مثل: «ريا وسكينة»، «شباب امرأة»، «بين الأطلال»، {بين السماء والأرض»، «واإسلاماه»، «الخطايا»، «الشموع السوداء» و{القاهرة 30»، وإن ظلت علاقته بالفنانة فاتن حمامة هي الأشهر، إذ كان القاسم المشترك في أفلامها الأخيرة، مثل : «أفواه وأرانب»، {لا عزاء للسيدات»، {حكاية وراء كل باب» و{ليلة القبض على فاطمة»، وهو أيضاً مدير تصوير «أبي فوق الشجرة» و{العسكري شبراوي» الذي أتصور أنه تحمل مسؤولية تصويره حباً في رفيق عمره المخرج الكبير بركات!

المثير للدهشة أن حقبة الستينيات لم تشهد ظهور مواهب جديدة في التصوير، باستثناء محسن نصر سليل العائلة الشهيرة، الذي ارتبطت موهبته بأفلام رائعة، مثل: «على من نطلق الرصاص»، {الكرنك»، {اللعب مع الكبار» و{شفيقة ومتولي»، مع شقيقه الأكبر عبد الحليم نصر في حين أفرزت السبعينيات: رمسيس مرزوق، سمير فرج، سعيد شيمي، ومع مطلع الثمانينيات ظهر محمود عبد السميع في «العوامة رقم 70»، محسن أحمد في «المطارد» وطارق التلمساني في «خرج ولم يعد»، وشهدت التسعينيات بزوغ نجوم وراء الكاميرا، مثل: كمال عبد العزيز في «سوبر ماركت»، سمير بهزان في «أحلام صغيرة»، هشام سري في «دماء على الأسفلت» واستمر تعاونه مع عاطف الطيب في فيلمي «إنذار بالطاعة» و{ليلة ساخنة»، وظهر سامح سليم في «المقامر» وأيمن أبو المكارم في «قشر البندق»، لكن مع الألفية الجديدة، وظهور تقنيات متطورة في التصوير ظهر جيل جديد ضم: نزار شاكر، أحمد مرسي، فيكتور كريدي، عبد السلام موسى، أحمد حسين وأحمد بشاري... ونوابغ أخرى ستفرض نفسها!