ذراع إغاثي خليجي
أول العمود:
قانون الحرمان من الترشح والانتخاب الذي أقره مجلس الأمة يسير باتجاه تفصيل فترة انتخابات مجلس 2017 بمواصفات خاصة.***أحيت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العشرين من الشهر الجاري اليوم العالمي للاجئ، وأعلنت أعدادهم فكان الرقم صادما، ففي عامنا هذا هناك 65.3 مليون لاجئ يهيمون في البحار والجبال ومناطق القتال، ويواجهون مصيرا قاسيا، وبالمناسبة يفوق هذا العدد سكان دول الخليج العربية مجتمعة، حيث يبلغ تعداد الأنفس في دولها الست 53 مليون نسمة (إحصاء 2015). شاهدنا في السنوات الثلاث الأخيرة تدفق اللاجئين بكثافة على دول أوروبية، ولمسنا مضاعفات تلك الاستضافة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في فرنسا وألمانيا تحديدا، وكيف انتهت الأمور الى مراجعة النفس بعد الكرم الأوروبي وهو الأمر الذي جعل دول مجلس التعاون الخليجي تقيّم خجلها تجاه التفاعل مع المأساة السورية، خاصة في مسألة قبول أعداد وحصص منهم، ويبدو أن هذا الخجل كان في محله إذا ما قارنا القدرات الإدارية والإنتاجية بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي. لكن هل يتلاءم حجم قوة دول الخليج العربية مع حجم مأساة اللاجئين؟ قد تكون هناك حساسية خليجية سياسية وأمنية مفهومة تجاه استضافة لاجئين على أراضيها، إلا أن الفرص المتاحة للمساهمة في تخفيف معاناة هذه الفئة حول العالم تبدو كبيرة، وأولى تلك الفرص تكمن في تأسيس ذراع إغاثي وإنساني يتبع منظومة مجلس التعاون الخليجي يشبه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تموله الدول الست بنسب مقررة، ويؤسس لجيل خليجي خلاق من الشباب يتلمس معاناة البشر على اختلاف مشاربهم، ويساهم في توسيع مداركهم تجاه من يختلف معهم في العقيدة بدلا من دوامة التقوقع والطائفية المريضة التي تمر بها المنطقة وتخلع على شعوبها المزيد من الفرقة. بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي إدارة ملف اللاجئين باحترافية عالية من خلال استثمار جزء من ناتجها المحلي البالغ 1.6 مليار دولار، في الأراضي الزراعية المنتجة، وبناء مستشفيات طوارئ في دول قريبة من مناطق النزاع، وتكون فوائد تلك الاستثمارات لمصلحة اللاجئين وقضيتهم التي لا تكف عن الولادة اليومية، إذ يلاحظ- باستثناء تركيا- أن معظم الدول المستضيفة للاجئين في المنطقة العربية فاشلة أو فقيرة ومتعثرة اقتصاديا كلبنان صاحب الرصيد الأوفر من اللاجئين والأردن وجيبوتي، وتسري تلك الظاهرة على الدول الإفريقية كذلك، والتي ستقف عاجزة يوما ما لو تركت وحيدة بلا عون. ليس مطلوبا من مجلس التعاون الخليجي حل مشاكل العالم، ونؤكد أن دوله الأكثر غنى تقوم بالتخفيف من معاناة البشر وقت الكوارث الطبيعية والبشرية، كما حدث في استضافة الكويت مؤتمرات المانحين لسورية، لكن مشاكل اللاجئين لا تنتهي مما يتطلب جهداً يتسم بالديمومة من خلال ما اقترحناه، وهو ما سيقوي منظمة مجلس التعاون. لنتخيل لو أن المبالغ المتفرقة التي تبذلها دول الخليج العربية على المآسي البشرية قد تجمعت تحت إدارة واحدة مستقلة ومهنية، بالتأكيد ستكون مؤثرة وقوية، وستضيف صورة إيجابية لسكان هذا الإقليم بين دول العالم التي يبدو أن أكثرها لا يريد أن يرانا إلا من خلال نافذة النفط!