التعديلات الأخيرة على قانون الانتخاب رائحتها وطعمها ونتائجها تصب في خانة النفاق والعبث بمستقبل هذا البلد، ومن خالف من خلال المساس بالمقدسات أو بالأصول لا يكون بعزله وحرمانه بحقوقه السياسية إنما بالنصح والإرشاد ومعرفة لماذا يلجأ البعض لهذا المساس.

الخارجون عن الأصول لا بد أن لهم أسبابهم، وساءت الأمور أمامهم لحد الخروج عن هذه الأصول، فهل بحث مجلس الأمة ما تمر به البلاد والعباد من أسباب أدت إلى خروج الناس عن هذه الأصول؟ وهل تقصى المجلس ظروف شبابنا وما يعيشونه من تضليل وقهر، وما عملت بهم ممارسات الدعاة وتكفيرهم لأي كلمة أو موقف يقفه الناس؟ وهل يعلم مجلس الأمة مقدار السخف الذي يثير الشباب والتكفير والاستخفاف بعقولهم وتحميل كل ذلك على الله ورسوله؟ وهل بحث المجلس في أداء الحكومة وتصرفات قادتها واستخفافهم بالناس والتعامل مع الشعب على أنه تابع يجب ألا يرفع حساً ولا يتخذ موقفا أمام ظلم أو تصرف مضر للبلاد؟

Ad

إن كنتم تريدون احترام الناس للأصول فاحترموا عقول الناس واحترموا أصل الدين وأهدافه، واحترموا الدستور وغاياته، واحترموا الإنسان وعقله وحقه في الاختيار، وعلموا أولادنا ألا يخافوا، وأن السجن لن يكون مصيرهم لكلمة قيلت هنا أو هناك، كونوا قدوة للناس دعاة وحكاما وإدارة، ليحبكم الناس ويحترموكم ويسمعوا لكم، خاطبوا العقول بما تستحق بالعلم والاحترام والخلق الحسن، وأوقفوا نهب البلد وتنامي الفساد وضياع الفرص على المبدعين والمخلصين وذهابها للمنافقين ومن له واسطة.

كيف لا تريدون أن ينال القهر من الشباب وأنتم تحقرونهم ليلا ونهارا ولا تفتحون نافذة للإنصات لما يريدون إلا ما جاء بتطبيل ونفاق؟ كيف نحمي شبابنا وكل الناس من الانهيار واختيار طريق المعارضة وربما الذهاب بعيدا إذا كان الوطن ضيقا عليهم، والسجن أصبح مفتوحا أمام أي كلمة ترون فيها مساسا دينيا أو سياسيا؟

والآن تزيدون الطين بلة فتعلنون العزل السياسي والحرمان من ممارسة حق أساسي للمواطن كفله له الدستور بأسباب أنتم سبب ظهورها.

لا يا أعضاء مجلس الأمة ليس هكذا نعالج الأمور، فأنتم أنشأتم مقصلة سيتخذ منها البعض وسيلة لكتم أنفاس الناس، وستدفعون الناس إلى ما تعمل الدول كل وسعها للتخلص منه، وهو كره الشعب وغضبه بعد أن سدت أمامه كل السبل، أنتم تقصدون حماية الدين والحكم ولكنكم بهذا القانون تضرونهم جميعا، لو كان هناك نائب عاقل وشجاع لقال هذا الكلام لكم ولحاول إيقاف هذه الجريمة.

أوقفوا هذه التعديلات فنحن في تراجع قاتل في حين إخواننا الذين كنا نسخر من قوانينهم تتجه للتصالح مع عقول الناس وتطور البشرية، نحن نتراجع في كل شيء وهذه أسباب للقهر والخروج عن الأصول والحل أن نعود للصواب في كل شيء قبل فوات الأوان، سيسجل على مجلس الأمة الحالي هذه النكسة في الحريات وفي تجاهله للكثير مما يدور قي البلاد، وسيصدق عليه ما قيل ويقال إنه مجلس الحكومة ليس للشعب فيه شيء إلا إذا تحرك وأوقف هذا التدهور.

أتمنى أن يقوم المجلس بخطوات معاكسة لمثل هذه التعديلات، وذلك بإلغاء أي نص في أي قانون يجرم حرية التعبير حتى لا يجد القاضي أمامه نصوصا غامضة يسجن بموجبها أي متهم بالمساس، تعديلات لا ترى في المساس جريمة إنما حالة تحتاج للرعاية والإرشاد، مع نية خالصة وعمل دؤوب على إصلاح أي فساد في الدولة.