طبياً نسمع عن توصيف حالات حمل تكون خارج رحم المرأة، تنتهي بسقوط مُضغة من الدم الفاسد لا ينتج عنها شيء، وتكون نسياً منسياً، وفي التوصيف السياسي والتشريعي هناك أحياناً مؤسسات تكون من خارج رحم الأمة، تعبث بمكتسباتها وتصم آذانها عن رغبات أبنائها، وعندما تنتهي وترحل تكون نقطة سوداء في سجل أي أمة.

مجلس الأمة 2013 يمكن اعتباره بحق برلماناً من خارج رحم الأمة، لتوغله في سن تشريعات وقرارات تتجاهل مطالب الكويتيين وتطلعاتهم، وتتعدى على طبيعة البلد الديمقراطية وحقوق مواطنيه الدستورية.

Ad

برلماننا الحالي ورئاسته حظيا بما يشبه الحصانة من النقد الجاد والمؤثر، ورافقت مسيرته المواكب الاحتفالية وحاملو المباخر، ومحطات الـ "بروباغندا" التلفزيونية، ولكنه فعلياً لم يلتفت لرأي الشارع ومطالبه في العديد من القوانين التي كان آخرها بدعة قانون العزل السياسي الذي يسلب من بعض المواطنين حقهم الدستوري في الترشح والانتخاب والمفصل على قياس إقصاء شخصيات سياسية بعينها، بينما الشعب الكويتي بقيادته المتمثلة في سمو أمير البلاد تعمل للتوافق الاجتماعي والمصالحة السياسية، والتي كان آخرها استقبال رئيس الدولة أحد أهم التنظيمات السياسية التي كانت فاعلة ومحرضة في فترة ما سمي بـ "الحراك".

هذا المجلس شرع عدداً من القوانين من أجل الكم وليس الكيف، وكان يستجيب لمطالب فئة معينة في تشريعاته الاقتصادية من تعديل قانون هيئة أسواق المال لتخفيف قيوده قبل أن يأخذ القانون مداه في التفعيل والممارسة، ولم يكن لتلك التعديلات أثر في انتعاش البورصة كما زعموا، ولم يلتفت للرأي العام في قوانين الوكالات التجارية والمناقصات العامة والـB.O.T ليقوم بعملية تجميلية للظاهر من مواد تلك القوانين دون تغيير لمضمونها لخدمة الإصلاح الاقتصادي العادل والجدي.

وفي مجال الحريات وحقوق الإنسان سُنت قوانين الجرائم الإلكترونية، دون مراعاة لما يتعلق بحرية النشر والتعبير عن الرأي من المغردين والناشرين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أقر أخطر قانون بإجبار المواطنين والمقيمين والزائرين للبلاد بحفظ البصمة الوراثية (الحمض النووي) الخاصة بهم لدى الدولة، وهو قانون لا مثيل له في العالم، بل إن الدول التي تعرضت لعمليات إرهابية كبرى رفضت إقراره، والذي وصفته منظمة هيومن رايتس واتش بأنه قانون يهتك خصوصية البشر، ويتعارض مع كل شرائع حقوق الإنسان وربما يدخلنا في مشاكل مع عدة دول ترفض أن يتم حفظ البصمة الوراثية لرعاياها، كونه أمراً يتعارض مع حقوق الإنسان وأمنها القومي.

مجلسنا الحالي رغم كل محاولاته في بداياته بالحصول على الصبغة الشعبية عبر الخروج للشارع والتجول في "المولات" لعمل الاستفتاءات الشعبية فإنه انكفأ على نفسه بعد أن وضع القضية الإسكانية كأولوية وفشل في اقتحامها وحلها، فيما حرم من باع بيته من التملك وحكم عليه بصفة الإيجار مدى الحياة، وفشل في إصدار تشريع يعالج مشكلة ورثة البيوت الحكومية التي سقطت عنهم القروض الإسكانية بعد التحرير، فيما يتم توزيع قسائم للشباب على الخرائط دون إنجاز البنية التحتية لها.

وفي نهاية عمره التشريعي يكشف مجلس 2013 عن وجهه المتمثل في التفرد والخصومة الفاجرة، عبر قوانين التصفيات السياسية المتمثلة في قانون حرمان المسيء للذات الإلهية والذات الأميرية من حقوقه الدستورية، ليكون حقاً مجلس 2013... برلماناً من خارج رحم الأمة.