نائب رئيس جامعة الأزهر د. محمد أبوهاشم لـ الجريدة.: يجب أن تضع المؤسسات الدينية خطة واضحة لمواجهة التحديات
«العمل العشوائي يضر بالأمة والدعوة الإسلامية»
دعا نائب رئيس جامعة الأزهر د. محمد أبوهاشم، إلى ضرورة وجود تنسيق بين المؤسسات الدينية، ووضع خطة واضحة المعالم لمواجهة التحديات التي تواجهها الأمة، والتصدي للهجمات الشرسة التي يتعرض لها الإسلام، محذرا في مقابلة مع "الجريدة" من خطورة التمادي في العمل العشوائي، لما في ذلك من ضرر بالغ على الأمة والدعوة الإسلامية... وإلى نص المقابلة.
● ما التحديات التي تواجهها المؤسسات الدينية حاليا؟- الإسلام يتعرض لهجمة شرسة منظمة من الخارج، ويوجد طعن وتشكيك في ثوابت الدين ورموزه، وهناك أفلام تبث وبرامج تذاع وصحف ومجلات تنشر موضوعات ورسوما مسيئة للإسلام ورسوله الكريم، ويتم استخدام التقنيات الحديثة ومواقع التواصل في الإساءة للدين، علاوة على وجود تيارات ترتدي عباءة الدين، وتخدم مخططات الخارج في تشويه صورة الدين.● هل أساءت التيارات الدينية للدين؟
- نعم، كل التيارات والجماعات التي روجت للعنف والتشدد وحملت السلاح، وقتلت وسفكت الدماء وروعت الآمنين وأحدثت بلبلة وفتنة وتخريب بدعوى إقامة دولة الخلافة وتطبيق شرع الله، فهذه التيارات حسابها عسير أمام الله تعالى يوم الحساب، ولابد من ردعها في الدنيا حتى تتوقف عن فسادها في الأرض، فهذه التيارات تسيء للدين أكثر من أعدائه، وتعطي ذريعة للغرب بالتدخل في شؤون الدول وإلصاق تهم الإرهاب والتطرف بالإسلام رغم أنه دين الرحمة والتسامح.● البعض يرى أن تراجع المؤسسات الدينية ساهم في ظهور تلك التيارات.- نعم، تهميش دور المؤسسات الدينية في العقود الأخيرة، وعدم دعمها بشكل كاف، بالإضافة إلى بعض العوامل السياسية والتقديرات الخاطئة أدت لصعود تلك التيارات في غفلة من الزمن، على حساب تقليص دور المؤسسات الدينية المعتدلة، ولابد من الاستفادة من دروس التاريخ.● كيف؟- علينا إعادة الاعتبار للمؤسسات الدينية ودعمها من خلال الدول والحكومات لنشر الفكر الوسطي ودحر المفاهيم المغلوطة والتأكيد على سماحة واعتدال الدين، وكشف زيف التيارات التي تستغل الدين لخدمة أطماعها الدنيوية ومآربها السياسية.● هل المؤسسات الدينية تقوم بدورها تجاه الهجمات التي يتعرض لها الإسلام؟- ليس بالشكل المناسب، فلابد من تكاتف المؤسسات الدينية وأن تكون على قلب رجل واحد ويكون العمل وفق خطة ومنهج منظم لصد الهجمة على الإسلام، أما العمل العشوائي فلن يجدي، فمازلنا نعاني من عمل المؤسسات في جزر منعزلة، وبالتالي يغيب العمل الجماعي المنظم، وللأسف لم نتعلم من الدروس السابقة التي تعرضت لها الأمة الإسلامية، ولابد أن تقوم المؤسسات بعمل منظم للرد على الهجمات الشرسة من عقد المؤتمرات والقوافل واستغلال كل وسائل التكنولوجيا والتواصل مع الخارج بفاعلية.● ما تأثير العمل العشوائي على الدعوة؟ - أضر بالدعوة كثيرا، ولم يثمر عن نتائج إيجابية ملموسة، وظهرت المؤسسات الدينية أمام العالم على أنها غير منظمة وتفتقد للتنسيق والتعاون فيما بينها، وبالتالي لابد من وضع خطة ممنهجة بالتنسيق بين المؤسسات الدينية لإبراز سماحة الدين وبراءته من تيارات العنف والتطرف.● ماذا عن الحوار مع الغرب؟- توجد مشكلة حقيقية في التواصل والحوار مع الغرب، وعلينا إعادة جسور الحوار لتصحيح المفاهيم والأفكار المشوهة عن الدين، وعلينا مخاطبة الغرب بلغاته والإلمام بثقافته، فالإسلام دين يأمرنا بالتواصل مع الآخر وفتح قنوات الحوار، وليس الانغلاق على أنفسنا، فالعالم أصبح قرية صغيرة ولابد أن نكون فاعلين ومؤثرين وليس مجرد رد فعل لما يحدث حولنا.● هل صار دور العالم الإسلامي يقتصر على رد الفعل تجاه ما يساق إليه من اتهامات؟- هذا واقع، وعلينا تغييره، فالإسلام دين عظيم، ويتم محاربته في الغرب بالترويج لظاهرة الإسلاموفوبيا بعدما أخذ في الانتشار داخل أوروبا في الفترات الأخيرة، ونحن علينا التصدي لتلك الظواهر، وتفنيد كل الافتراءات والأباطيل التي تروج عن الدين في المجتمعات الغربية.● كيف تقيم رد فعل المسلمين عقب ظهور رسوم مسيئة؟- الإساءات تولد الغضب في نفوس المسلمين، وعلينا ضبط تصرفاتنا، فالغرب يريد استفزاز مشاعرنا من حين إلى آخر لإظهار مساوئ المسلمين واللعب عليها لتشويه صورة ديننا، فالتظاهرات التي ترفض التطاول والإساءة للدين مثلا تأتي كرد فعل سلبي، حيث يصور بعض شياطين الغرب وأعداء الدين المسلمين بأنهم همج وغوغائيون، وبالتالي علينا عدم الوقوع في تلك الفخاخ، ووجب علينا إبراز أخلاق إسلامنا في تعاملاتنا، وفي طلب العلم والاجتهاد في كل المهن والحرف وإتقانها، وتبيان معالم الإعجاز في القرآن والسنة، كما أن الطبيب الناجح والمهندس وأستاذ الجامعة الناجح يكون أفضل سفير لبلاده ودينه في الخارج، وعلينا إبراز النماذج الناجحة ودعمها.● كيف ترون مسألة الخلاف بين علماء الدين والمثقفين فيما يتعلق بازدراء الأديان؟- الخلاف مفتعل، لأن هناك فارقاً كبيراً بين حرية الرأي والإبداع، وبين التطاول والإساءة للرموز والمقدسات الدينية، والطعن في الثوابت وكتب التراث، فالإسلام دعا لحرية الاعتقاد، ولم يجبر أحدا على اعتناق الديانة الإسلامية، والله تعالى قال: "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف:29)، وبالتالي لا نقبل أي مساس أو تشكيك أو استهزاء أو تطاول على الدين ورموزه، فالأديان خط أحمر.● برأيك ما سبب ظهور تيارات الإلحاد مؤخرا بشكل لافت؟- التيارات الدينية بفضل ممارساتها المسيئة للدين وتركيزها على العنف والتشدد أصبحت سبباً رئيسياً في تنفير الناس في دينهم لحد وصل عند البعض إلى كراهية الدين بسبب أفعال تلك التيارات والجماعات الضالة والمضلة، وبالتالي على المؤسسات الدينية بذل جهد كبير في إعادة الأمور إلى نصابها.● كيف يمكن مواجهة ظاهرة تضارب الفتاوى؟- يجب قصر الفتوى على أهل العلم والاختصاص، فلا يمكن منح رخصة لطبيب أو مهندس بمزاولة المهنة إلا إذا كان متخصصا.
المؤسسات الدينية تعمل في جزر منعزلة