تربى الإمام الحسن البصري في بيت النبوة، وعاش في كنف كبار الصحابة، فتعلم منهم وروى عنهم إنه كما لقبه خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز بسيد التابعين، حيث يقول: لقد وليت قضاء البصرة سيد التابعين. وحينما سمعته السيدة عائشة (رضي الله عنها) يتكلم قالت: من هذا الذي يتكلم بكلام الصديقين.

إنه الإمام الحسن البصري وهو أبوسعيد الحسن بن يسار البصري ولد بالمدينة المنورة عام 21 هجريا في أواخر خلافة عمر بن الخطاب وأبوه مولى زيد بن ثابت الأنصاري (رضي الله عنه) وأمه خيرة مولاة أم المؤمنين السيدة أم سلمة (رضي الله عنها) وحينما كانت أمه تخرج لقضاء احتياجات السيدة أم سلمة تترك الحسن وهو طفل رضيع فكان إذا بكى تقوم السيدة أم سلمة بإرضاعه لتسكته، ويقال إن فصاحته من بركة ذلك، وكانت السيدة أم سلمه تخرجه إلى الصحابة فيدعون له ودعا له عمر بن الخطاب، قائلا: "اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس".

Ad

رحل إلى البصرة سنة 37 هـ، للعلم، حيث استمع إلى الصحابة الذين استقروا بها، وفي سنة 43هـ عمل كاتباً في غزوة لأمير خراسان لمدة عشر سنوات، وبعد رجوعه من الغزو استقر في البصرة، حيث اشتغل بالحديث والعلم وكان له مجلسان للعلم: مجلس خاص بمنزله، ومجلس عام في المسجد يتناول فيه الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة وغيرها.

يقول عنه قتادة: ما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن.

والإمام الحسن هو صاحب تسمية المعتزلة، وذلك حينما اختلف معه تلميذه واصل بن عطاء (مؤسس فرقة المعتزلة) في حكم مرتكب الكبيرة ثم اعتزل حلقته، فقال الحسن البصري "اعتزلنا واصل"، فسميت فرقته منذ ذلك الحين بالمعتزلة.

وكان الامام أنس بن مالك حينما يسأله رجل عن مسألة يقول: سلوا مولانا الحسن، فيقال: يا أبا حمزة نسألك، تقول: سلوا الحسن؟ قال: سلوا مولانا الحسن، فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا، وقال أيضاً: إني لأغبط أهل البصرة بهذين الشيخين الحسن البصري ومحمد بن سيرين.

ابتعد الإمام الحسن عن الفتن التي ظهرت في عصره، فلم يخرج مع أية ثورة مسلحة ولو كانت باسم الإسلام، وكان يرى أن الخروج يؤدي إلى الفوضى والاضطراب، ويؤدي إلى طمع الأعداء في المسلمين.

تٌوفي الإمام الحسن عشية يوم الخميس في أول رجب سنة 110هـ وعاش 88 سنة، وكانت جنازته مشهودة، ويقع مرقده في البصرة.