رغم شرقية كمال الشناوي وتمسكه بعادات وتقاليد الرجل الشرقي في علاقته بالمرأة، إلا أنه يتعامل معها بأخلاق الرجل المسلم، التي يصفها البعض بأنها أخلاق الغرب، فهي لها كامل حقوقها كزوجة، وعندما تصبح الحياة بينهما مستحيلة، يكون أيضاً لها كامل حقوقها كمطلقة، وهو ما فعله مع زوجتيه السابقتين، سواء عفاف شاكر، أو هاجر حمدي، حيث أصبحت زمالة العمل تجمعهما بكل الود والتفاهم، لأنه لا يؤمن بوجود صداقة بين الرجل والمرأة بالمفهوم الغربي، وعندما قررت هاجر حمدي اعتزال الفن، والزواج من آخر، لم يعد هناك زمالة، بل هي أم ابنه الوحيد، وكان أول من تمنى لها السعادة في حياتها الجديدة مع زوجها المخرج فطين عبدالوهاب.

لم يكن لدى كمال أي مشكلة أن تتزوج إحدى زوجتيه السابقتين، أو كلتيهما، لكن ربما مشكلته الوحيدة أنه يعيش بلا حب، بلا امرأة، خاصة أن العلاقة الوحيدة التي في حياته، علاقة "شفاهية" عبر سماعة الهاتف، من خلال "المعجبة" التي لاتزال على اتصال به، تتحدث معه بشكل يومي، دون أن تكل أو تمل، كما أنه لم يعد يطالبها برؤيتها كما كان يلح في بداية العلاقة، بل اكتفى بسؤالها الدائم وورودها التي تنتظم في إرسالها في كل مناسباته، والاكتفاء برؤيته على الشاشة الفضية، مثلها مثل ملايين المعجبين، وهو ما جعل كمال دائم البحث عن الحب في أعين كل من حوله، وحتى يجد ذلك، لم يجد أمامه سوى الانشغال بصناعة اسم كمال الشناوي.

Ad

أصبح اسم كمال الشناوي يتردد على كل لسان، في الصحف، والإذاعة، ويتم دعوته إلى المنتديات والصالونات والندوات الثقافية والفنية، حتى تمت دعوته في إحدى الندوات بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وما إن جلس على منصة الندوة، حتى جاءت عيناه في عينيها، لم يصدق أن هناك عينين بهذا الجمال وهذا السحر، ظلت عيناه معلقتين بعينها طوال الندوة، شعر بأن قلبه خطف، راح يبحث عنه وسط زحام الطلبة والأساتذة، حتى وجده معها، من هي؟ هل هي طالبة أم من أعضاء هيئة التدريس، أم زائرة؟ هل هي مصرية أم أجنبية؟ من تكون تلك الساحرة التي تجرأت وخطفت قلبه؟

غرام الدنجوان

لم ينم كمال الشناوي ليلته، سرقت النوم من عينيه، كما سرقت قلبه، لم يهدأ له بال ولم يغمض له جفن، حتى استطاع أن يعرف عنها كل شيء حتى يستطيع أن يسترد قلبه، فلم تكن من تلك النوعية التي يمكن أن يميل عقلها بكلمة أو نظرة، حتى إذا كانت من كمال الشناوي "الدنجوان معشوق النساء والفتيات" وحتى لو كان قد سرق قلبها هو أيضا، مثلما سرقت هي قلبه، فلا مفر من أن يعرف عنها كل كبيرة وصغيرة، قبل أن يدخل البيت من بابه.

عرف أنها زينب أو "زيزي الدجوي"، من عائلة الدجوي، واحدة من كبريات العائلات في المجتمع، عضو هيئة التدريس بالجامعة الأميركية، حاصلة على الماجيستير، وتستعد لمناقشة الدكتوراه، أما المفاجأة الكبرى التي لم يتوقعها، فهي أن يكون خال والدتها، الفنان الكبير زكي رستم، فشعر كمال أن مهمته أصبحت سهلة، أن يكون أحد أفراد العائلة، واحدا من كبار الفنانين في مصر والوطن العربي، غير أنه لم يكن يعرف أنه سيكون العقبة الوحيدة أمام هذه الزيجة.

ما إن علم زكي رستم أن كمال الشناوي تقدم للزواج من ابنة شقيقته زيزي، حتى هاج وثار ثورة عارمة، ورفض هذه الزيجة رفضا قاطعا، ولم يكن هناك من بين أفراد العائلة من يستطيع أن يتجرأ ويسأله عن سر رفضه هذا العريس، الذي لا شك تتمناه كل فتاة، ليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي كله، غير أن أصغر أعضاء العائلة، طفلة صغيرة، هو بمثابة جدها، باعتبارها ابنة شقيقة زيزي، الطفلة الصغيرة ماجدة الخطيب، والتي تجرأت وسألته:

= هو حضرتك مش موافق على العريس ليه يا جدو؟

- أولا أنا مش جدو.. أنا أنكل.

= طب يا أنكل في حد يرفض عريس زي كمال الشناوي؟

= أنا يا غلباوية يا أم نص لسان.. أنا أرفضه.

- طب ليه بقى؟

= أقولك يا ستي ولا سيدك إلا أنا.. أنت ترضي أن طنط زيزي تتجوز أراجوز؟

- أراجوز إزاي.. هو أنكل كمال الشناوي يبقى أراجوز؟

= أيوا.. هو مش ممثل.. يبقى أراجوز.

- طيب ما حضرتك ممثل يا أنكل.

= بنت! أنا مش ممثل.

- إزاي بقى ما أنا باشوف حضرتك في السينما.. تبقى أكيد ممثل.

= لا أنا مش ممثل.. أنا عبقري يا عفريته.. هاهاهاها.

في النهاية استطاع كمال الشناوي أن ينتزع موافقة زكي رستم على الزواج من حفيدته، ليتم الزفاف، ويسافر العروسان ليقضيا شهر العسل في بيروت، لتنقطع بعدها وإلى الأبد مكالمات المعجبة العاشقة، بعد سنوات من المداومة على الاتصال اليومي، وقبل أن يكمل زواجهما عامه الأول، كان قد أثمر مولودهما الأول "علاء" والثاني لكمال الشناوي بعد نجله الأول "محمد" من زوجته السابقة هاجر حمدي.

في مطلع العام 1955 تعاقد كمال على أكثر من خمسة أفلام، بدأها بلقاء تأخر طويلا، وهو الوقوف أمام "سارة برنار الشرق" الفنانة فاطمة رشدي، أول من عرض عليه فرصة حقيقية للتمثيل والوقوف أمامها على خشبة المسرح، بل وانتظم في البروفات مع فرقتها، غير أنه لم يشأ أن يضحي بمستقبله العملي من أجل فرصة للتمثيل، حيث كان لابد من السفر مع الفرقة إلى السودان، فاعتذر عن الاستمرار، ليؤجل اللقاء بينه وبين فاطمة رشدي ما يقرب من عشر سنوات، عندما عرض عليه المخرج أحمد ضياء الدين فيلم "دعوني أعيش" قصة وحوار أمين يوسف غراب، سيناريو حسين حلمي المهندس، إخراج أحمد ضياء الدين، ليسبق اسم ماجدة الجميع منفردا، ويأتي بعدها فاطمة رشدي ومحسن سرحان، وصلاح نظمي، ثم بالاشتراك مع كمال الشناوي.

دارت أحداث الفيلم في صحراء السويس، حيث أرملة لعوب تملك أحد المقاهي تقع في حب السائق "رجب" الذي بدوره يحب شقيقتها الصغيرة "نعمات"، فتحاول قتلها لكنها تهرب لتختبئ عند مهندس بترول فيخفيها، ويقرر أن تقيم معه في الصحراء حيث مكان عمله، ويقرر الزواج منها، لكن يصل "حسام" شقيقه الأصغر ويقع في غرامها، لكنه ينسحب بعد معرفته بحب شقيقه الأكبر لها، يعلم "رجب" بالأمر فيقرر هو وأختها قتل المهندس، وإخفاء جثته، وتصوير الحادث على أنه قضاء وقدر وينجحان في ذلك، يحاول "حسام" كشف غموض موت أخيه.

لقاءات خاصة

يبدو أن الأفلام التي تعاقد عليها كمال الشناوي خلال هذا العام، لها خصوصيتها في مشواره الفني، فبعد اللقاء الذي تأخر عشر سنوات مع فاطمة رشدي، كان اللقاء الثاني مع "لهلوبة السينما المصرية" الفنانة الشابة نعيمة عاكف، التي كسرت أفلامها كل حواجز الإيرادات، حيث نجح المخرج كامل التلمساني في الجمع بينهما بعيدا عن قبضة مكتشفها المخرج حسين فوزي.

قدم كمال ونعيمة فيلم "مدرسة البنات" قصة حلمي حليم، سيناريو وحوار علي الزرقاني، إخراج كامل التلمساني، وشاركهما لولا صدقي، عبد السلام النابلسي، زينات صدقي، سراج منير، كوثر شفيق، رياض القصبجي، وزينات علوي، ودارت أحداثه حول فتاة "نعيمة" لا تزال طالبة في إحدى المدارس الداخلية، لكنها اصطدمت بواقع الحياة مبكرًا، فهي تحب كمال الممثل، لكنه لا يستطيع الزواج منها لأنه قد خطب ابنة خاله، وفي نفس الوقت، يحاول عم نعيمة ذو الجذور الصعيدية أن يزوجها من ابنه المعتوه حتى يتسنى له أن يحصل على الأموال التي ورثتها، ومن هنا تتدخل ناظرة المدرسة لمساعدتها.

كان اللقاء الثالث هذا العام أمام الفنانة تحية كاريوكا في فيلم "عاشق الروح" قصة وحوار يوسف جوهر، سيناريو وإخراج حلمي رفلة، وشاركهما زهرة العلا، ستيفان روستي، محمد الديب، أحمد الحداد، ودارت أحداثه حول موسيقي شاب في بداية حياته الفنية، جارته راقصة بأحد الملاهي، تضج الراقصة بالمتطفلين المترددين على بيتها، فتضطر لأن تقدم جارها الموسيقي العاطل لأحدهم باعتباره زوجها، ثم تطلب من الرجل أن يجد له عملا، فيقرر أن يلحقه بشركته في وظيفة كبيرة طمعا في الوصول إلى زوجته كما يظن، لكن الموسيقي الشاب يفطن إلى الحيلة، فيكشف له المؤامرة، خاصة بعد أن وقع في حب ابنته، ويتفقان على الزواج، إلا أن والدها لا يوافق على هذا الزواج، ويهدد الشاب بل ويقرر فصله، غير أن الشاب يثبت له حسن نيته وجديته في الارتباط بابنته، ويرفض أن يفضح أمر الرجل أمام أسرته وعلاقته بالراقصة، فيوافق على أن يزوجه ابنته.

قدم كمال فيلم "بنات الليل" سيناريو وحوار السيد بدير، قصة وإخراج حسن الإمام، أمام مديحة يسري، حسين رياض، حمدي غيث، زوزو حمدي الحكيم، ثريا حلمي، أحمد علام، وفردوس محمد، والذي قدم فيه المخرج حسن الإمام الفنانة الشابة هند رستم بشكل خاص، لاقتناعه الكبير بموهبتها وقدرتها الخاصة كممثلة.

دارت أحداث القصة حول "نعيمة" الفتاة الفقيرة التي تقسو عليها ظروف الحياة فتلجأ للعمل راقصة، وفي إحدى الليالي يصحبها بحار إلى منزله ويعتدي عليها ويختفي من حياتها، وبعد فترة تكتشف حملها وتقابل العامل البسيط "حسين" الذي كان يحبها، يقرر مساعدتها على التخلص من حياتها السيئة والزواج منها، تنصحها ممرضة ببيع مولودتها إلى سيدة عاقر بهدف إرضاء زوجها حتى لا يطلقها، يرفض أهل حسين زواج ابنهم من هذه الفتاة سيئة السمعة، يتعرض حسين لحادث في عمله وينكسر عموده الفقري، ويحتاج إلى إجراء عملية جراحية مرتفعة التكاليف، توافق حبيبته على بيع ابنتها إلى السيدة العاقر بهدف توفير هذه الأموال لتنفيذ عملية حسين.

كان الفيلم الخامس الذي تعاقد عليه كمال الشناوي "الحبيب المجهول" قصة عبد الرحمن الشريف، حوار إبراهيم الورداني، سيناريو وإخراج حسن الصيفي، أمام ليلى مراد، حسين صدقي، سراج منير، عبد السلام النابلسي، علوية جميل، ورجاء يوسف.

دارت أحداثه حول ليلى التي تتعلق بحب الطبيب حسين والذي يقرر الزواج منها حتى يتمكن من إجراء عملية جراحية لها تحت مسؤوليته الكاملة لإصابتها بمرض القلب، وعقب إجراء الجراحة ونجاحها يشك حسين أن ليلى أصبحت تحب صديقه بعد أن نقل إليها قلب حبيبة صديقه التي توفيت في حادث، ظنا منه أن قلب حبيبة صديقه لايزال ينبض بحب صديقه، لكنه يكتشف كذب نظريته، خاصة عندما يعرف سبب تحول ليلى، وهو ظنها بأن حسين كان يحبها من أجل تحقيق مجد طبي لنجاح العملية وليس لشخصها، لكنها تعود لحبه عندما تعرف صدق مشاعره.

حزن مزدوج

ما إن طرح فيلم "الحبيب المجهول" في دور العرض، حتى اكتشف كمال ضعف الإقبال عليه، ولم يحقق الإيرادات المتوقعة كما يحدث في أفلام ليلى مراد عادة، ربما لأن الفيلم لم يكن من تلك النوعية التي اعتاد الجمهور عليها من ليلى مراد، التي تمتلئ بالأغاني والاستعراضات، فلم تقدم ليلى في هذا الفيلم سوى أربع أغنيات فقط هي: "ياطبيب القلب" كلمات فتحي قورة، وألحان شقيقها منير مراد، و"القلب بيتنهد" كلمات محمد حلاوة، ألحان كمال الطويل، و"ليه خلتني أحبك" كلمات مأمون الشناوي، وألحان كمال الطويل، إضافة إلى أغنية الحلم كلمات فتحي قورة، ألحان رياض السنباطي، فضلا عن أن الدور الذي قدمته ليلى، ليس كسابق أدوارها الفتاة الشقية الممتلئة حيوية، التي تملأ الشاشة شقاوة ومرحا بأغانيها واستعراضاتها، بل دور لسيدة مريضة كئيبة حزينة، فضلا عن أداء الفنان حسين صدقي الهادئ الرزين، ما أعطى الفيلم بعدا دراميا مختلفا، فربما كان ذلك سببا في عدم إقبال الجمهور عليه، حتى فوجئ كمال الشناوي، مثل الملايين من عشاق فنها بالصحف تنشر الخبر:

"اعتزال قيثارة الغناء العربي ليلى مراد"

ما إن نشرت الصحف قرار ليلى اعتزال الفن، حتى فوجئ كمال بطوابير لا أول ولا آخر لها أمام دور العرض التي تعرض الفيلم، فضحك ظناً منه أن شركة الإنتاج "أفلام مصر الجديدة" قامت بهذه الحيلة ونشرت شائعة اعتزال ليلى مراد لزيادة إقبال الجماهير على الفيلم، فبادر بالاتصال بليلى وهو يضحك:

= أشكرك يا كمال على اهتمامك... بس الخبر صحيح فعلا مش إشاعة.

* أنت بتقولي إيه؟ خبر إيه اللي صحيح تعتزلي يعني إيه؟

= أعتزل يعني اعتزل.. مافيش معنى تاني للكلام.

* إزاي؟ طب لما أنت تعتزلي مين اللي ممكن يفضل على الساحة غيرك؟!

= ميرسيه على المجاملة اللطيفة دي.

* والله ماهي مجاملة، دي حقيقة... أنت لو اعتزلت السينما المصرية هاتخسر كتير جدا.

= عجلة الفن عمرها ما هاتقف علشان فنان اعتزل أو فنان مات... الفن كائن حي يا كمال كل يوم بيولد جديد.

* حتى لو ده صحيح... بس صدقيني الفن هايخسر كتير جدا، وجمهورك العريض هايخسر أكتر، وأنا أول واحد فيهم.

كان كمال أول من صدم بهذا القرار، ليس فقط كفنان كان يتمنى أن تواصل ليلى مشوارها الفني، ليقدم معها المزيد من الأعمال الناجحة، بل أيضا باعتباره واحدا من جمهورها العريض سيخسر بالتأكيد وجودها على الشاشة، غير أن قرار ليلى مراد أضاء "لمبة حمراء" في رأسه، وكيف يمكن للنجم الحقيقي أن يحافظ على اسمه وتاريخه، مهما كلفه ذلك، وكيف ينتقي أدواره والأعمال التي ستنسب إلى تاريخه، إذا ما قرر يوما الابتعاد عن الفن طواعية لأسباب تخصه، أو أن تضطره الظروف لذلك.

لم يقبل كمال الشناوي كل ما يعرض عليه من أدوار، بل حرص على أن ينتقي الأفضل، خاصة الأعمال المأخوذة عن نصوص أدبية أو روايات، وليس بالطريقة التي تكتب بها الأفلام، وهو ما جعله يرحب بفيلم "أحلام الربيع" المأخوذ عن رواية برلنتي العشري، سيناريو وحوار وإخراج حسن رمزي، أمام مديحة يسري، زهرة العلا، سليمان نجيب، سناء جميل، ثريا حلمي، كمال حسين، إبراهيم عمارة، وفردوس محمد، والذي دارت أحداثه حول فتاة تقع في حب طبيبها الشاب الذي يبادلها الحب في صمت، لأنه يدرك أنه مصاب بمرض فيه خطورة على حياته، فيقرر السفر إلى أميركا في عمل يتعلق بمهنته، في الوقت الذي يتقدم شاب لشقيقتها الصغرى، فيرفض والدها أن يزوجها قبل شقيقتها الكبرى، فتثور وتهدد بالانتحار، فتزعم الكبرى أن الطبيب الشاب عرض عليها الزواج قبل سفره إلى أميركا فيوافق الوالد على زواج الصغرى بشرط تأجيل عقد القران لحين عودة الطبيب، ثم تضطر لأن تعترف لوالدها بحقيقة الموقف، غير أنها تفاجأ بعودة الطبيب بعد شفائه من مرضه ويعترف للفتاة بحبه ويطلبها للزواج.

لم يكن كمال الشناوي يستطيع أن يرفض فيلما من إخراج حسن الإمام، لما يقدمه من توليفة ميلودرامية تنجح مع الجمهور إلى حد كبير، فما إن عرض عليه فيلم "الجسد" حتى وافق على الفور، كتب له السيناريو والحوار السيد بدير، قصة وإخراج حسن الإمام، ولعب أمامه بطولته فاطمة رشدي، هند رستم، حسين رياض، سراج منير، فيفي يوسف، حسين المليجي، ومختار عثمان، والذي دارت أحداثه حول أب ضعيف وأم متسلطة تعلم ابنتها الرقص، وتحلم بالثراء على يديها بعد عملها في أحد الملاهي الليلية، ويفشل الأب المغلوب على أمره في إثنائهما عن ذلك، فتلقى كل منهما مصيرها.

اعتزال ليلى مراد
ما إن شاهدت ليلى مراد فيلم "الحبيب المجهول" وضعف الإقبال عليه حتى اتخذت قرارا باعتزال التمثيل بشكل نهائي، وساعدها على اتخاذ قرارها أكثر من سبب، أهمها خبر رحيل فتى الشاشة الأول في السينما المصرية ولسنوات طويلة، الفنان أنور وجدي، في 14 مايو 1955، في حين عرض الفيلم في 23 مايو من نفس العام، متأثرا بمرضه الذي وقف الطب عاجزا أمامه، وزاد من إصرارها على القرار الفيلم الذي عرضه عليها المنتج رمسيس نجيب، فرغم احتفاظها بجمالها ورونق صوتها، وعدم تخطيها عامها الثالث والثلاثين، إلا أنها أصبحت لا تصلح لأدوار الفتاة الشقية العاشقة المحبة، التي اعتاد الجمهور رؤيتها فيها، لذلك رشحها رمسيس نجيب لتقوم بدور "الأم" في فيلم "دعني لوالدي" المأخوذ عن رواية للكاتب إحسان عبد القدوس، والذي ضمنه العديد من المشاعر الإنسانية بعيدا عن أدوار العشاق والمحبين، فما إن قرأت ليلى الرواية، حتى أدركت أنها لم تعد كما كانت، وأنها مقبلة على مرحلة قد يرفض جمهورها أن يراها فيها، بل وقد ينفض من حولها، فقررت الابتعاد عن التمثيل نهائيا، ليكون آخر ما تركته في ذهن الجمهور هو تلك الصورة الجميلة التي اعتاد على أن يراها فيها طوال الوقت.

البقية الحلقة المقبلة