بعد تأكيد الحكومة الاسكتلندية أنها تعد لاستفتاء على انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، أظهرت استطلاعات للرأي نشرت نتيجتها أمس، أن 52 إلى 62 في المئة من الاسكتلنديين يؤيدون الانفصال عن بريطانيا، بعد قرار أكثرية الناخبين البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وكان الناخبون الاسكتلنديون رفضوا في استفتاء أجري عام 2014 الاستقلال عن بريطانيا، لكن بعد الزلزال الذي أحدثه فوز مؤيدي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي تغيرت المعادلة، مع تصويت الأسكتلنديين بمعظمهم (62 في المئة) لمصلحة البقاء، الأمر الذي دفع رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا سترجون للقول إن خروج أسكتلندا من الاتحاد على عكس تصويت مواطنيها أمر غير ديمقراطي.

Ad

وأعلنت سترجون، زعيمة الحزب الوطني الأسكتلندي، أمس، أن "المملكة المتحدة التي صوتت اسكتلندا في 2014 للبقاء فيها لم تعد موجودة".

وأضافت: "أعتقد أن الاسكتلنديين سيجدون من غير المقبول" ان تمنعهم الحكومة البريطانية من إجراء استفتاء جديد.

الاستفتاء الثاني

إلى ذلك، تصاعد عدد الموقعين على عريضة نشرت على موقع مجلس العموم البريطاني، تطالب بإعادة الاستفتاء بشأن الانضمام إلى أوروبا إلى أكثر من 3 ملايين موقع، وذلك في غضون أيام قليلة، الأمر الذي يعني انه اذا تواصل التوقيع بهذا الوتيرة، فإن النواب ملزمون بتسريع مناقشتها، فيما يتوقع مراقبون ان تتوسع الحملة، وتشكل ضغطا اضافيا على الحكومة.

ويتعين على البرلمان بحث مناقشة أي عريضة تجتذب أكثر من 100 ألف توقيع.

وتدعو العريضة الحكومة إلى إجراء استفتاء ثانٍ على عضوية الاتحاد الأوروبي إذا جاء التأييد للبقاء أو الخروج في الاستفتاء أقل من 60 في المئة استنادا إلى نسبة إقبال تقل عن 75 في المئة من الناخبين. وأظهرت نتيجة استفتاء الخميس، أن أقل من 52 في المئة من الناخبين يؤيدون الخروج.

نادمون

في السياق، نشرت صحيفة "ميل أو صنداي" استطلاعا للرأي أظهر ان مليونا ونص مليون بريطاني من الذي صوتوا على الخروج من الاتحاد الأوروبي نادمون على قرارهم.

كما أظهر الاستطلاع نفسه أن وزيرة الداخلية المحافظة تريزا ماي هي الوحيدة القادرة على منافسة عمدة لندن السابق بوريس جونسون على خلافة ديفيد كاميرون في رئاسة الحكومة.

وأظهر ان غالبية تطالب باستقالة زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، وان أول عمدة مسلم للندن صادق خان هو أفضل سياسي عمالي حاليا.

أزمة حزب العمال

وبعد أن أصبح رئيس الحكومة البريطانية الذي يتزعم حزب المحافظين ديفيد كاميرون الضحية الاولى لنتيجة الاستفتاء، بإعلانه نيته الاستقالة في اكتوبر المقبل، يبدو أن زعيم حزب العمال جيرمي كوربين، الذي ينتمي إلى الجناح اليساري في الحزب، قد يكون الضحية الثانية، بسبب تعامله "الملتوي" مع خيار البقاء، وفق ما اتهمته شريحة كبيرة في الحزب، أكدت أن كوربين لم يضع ثقل الحزب في حملة البقاء.

وقام كوربين، أمس، بعزل وزير خارجية حكومة الظل هيلاري بن، الذي ينتمي إلى تيار الوسط في الحزب، بسبب الانتقادات التي وجهها له.

وكرد فعل على هذا العزل، أعلنت وزيرة الصحة في حكومة الظل هيدي ألكسندر في تغريدة على "تويتر" استقالتها، وقدم 8 آخرون أيضا استقالاتهم، فيما أفادت تقارير بأن ما يصل إلى نصف أعضاء حكومة الظل (28 وزيراً) يعتزمون الاستقالة. وعلى الرغم من المعارضة القوية له، رفض كوربين الاستقالة.

وستقدم نائبتان عماليتان اليوم مذكرة بحجب الثقة عن كوربين، الذي أعلن كوربين أنه لا يخشى المذكرة، مضيفا انه سيعقد اجتماعا عاجلا للحزب.

برلين وحكومة كاميرون

إلى ذلك، قال وزير الأعمال البريطاني في حكومة كاميرون، ساجد جاويد، أمس، إنه لا ضرورة فورية للبت في موعد تنفيذ المادة 50 المتعلقة بآلية خروج أي دولة من الاتحاد الأوروبي، وذلك في اول رد رسمي على الضغوط التي مورست على بريطانيا لدفعها إلى الاستعجال بتقديم طلب الخروج من الاتحاد وبدء التفاوض على شروط الرحيل.

في المقابل، برزت مساعٍ المانية للتخفيف من حدة اللهجة العدائية الأوروبية تجاد لندن. وسعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لتخفيف الضغوط من جانب باريس وبروكسل وحكومتها أيضا، لإجبار بريطانيا على التفاوض بشأن تعجيل خروجها من الاتحاد الأوروبي، رغم تحذيرات من أن التردد ربما يعزز الاتجاهات "الشعبوية" في دول الاتحاد.

وقالت ميركل أمس الأول: "بأمانة تامة يجب ألا يستغرق الأمر عقودا. هذا حقيقي. لكنني لن أقاتل الآن من أجل إطار زمني قصير".

بدوره، قال رئيس مكتب المستشارية في ألمانيا بيتر ألتماير، أمس، إن مفاوضات الخروج قد تتم بعد مغادرة كاميرون منصبه في اكتوبر، وتشكيل حكومة بريطانية جديدة.

وأضاف أن قرار تقديم بريطانيا طلب الخروج الذي يعني بدء التفاوض على شروط الرحيل يقع في يد الحكومة البريطانية وحدها، داعيا إلى احترام ذلك.

إلا أن هذا الموقف من قبل إدارة ميركل لم يمر مرور الكرام، حيث صعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي، شريك ميركل في الائتلاف الحكومي، من ضغوطه على المستشارة، للمطالبة بتسريع التفاوض البريطاني، محذرا إياها من "الانحناء لكاميرون".

المبادرة الفرنسية ـ الألمانية

وصاغ وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا وثيقة من تسع صفحات عنوانها "أوروبا قوية وسط عالم من الشكوك"، واقترحا فيها سياسات أوروبية مشتركة على صعيد الأمن والهجرة، فضلا عن تعزيز التقارب الاقتصادي.

وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير وونظيره الفرنسي جان مارك أيرو في الوثيقة التي اطلعت "رويترز" على نسخة منها، إنه "كي نمنع التفتت الزاحف الصامت لمشروعنا الأوروبي يجب أن نركز أكثر على الأساسيات وعلى الوفاء بالتوقعات الملموسة لمواطنينا".

(عواصم ـ وكالات)