• لماذا كان الإخوان يفوزون بالانتخابات بعد ثورة يناير؟- لأن "عندهم ناس في كل حتة"، أذكر أنني ذهبت وعرضت على زميلين أحدهما يمثل التيار الاشتراكي، وهو أحمد بهاء الدين شعبان، والآخر يمثل التيار الناصري، وهو حمدين صباحي، وهما من الأصدقاء، ومن الجيل الوسيط، وشركاء لنا، بهدف الدخول في قائمة مشتركة في الانتخابات، لكن صباحي قال لي إنه قرر دخول الانتخابات مع الإخوان، ودعاني للانضمام، ورفضت، وقلت له: "لو ما حدش انضم لينا هندخل لوحدنا"، فيما أبلغني شعبان أنه سيدخل الانتخابات مع الكتلة المصرية.
مجرد ديكور
* لماذا رفضت دخول الانتخابات مع الإخوان مع أنك قريب منهم فكرياً؟- أعرف طريقة الإخوان في إدارة مثل هذه الأمور، هم يرون أنهم الكتلة الأكبر، وأنت ستأتي معهم على الهامش، تبقى ديكور، وترضى بما يعطونك إياه، وهذه ليست طريقة بناء تحالفات، وهذا ما اعترضنا عليه، وطالبنا بوضع معايير واضحة ولو حكمت بأن لك الحصة الأكبر فلا مشكلة، وحضرنا الاجتماع الأخير ومثلنا فيه الدكتور محمد محسوب واحتد على رئيس حزب الحرية والعدالة –وقتها- الدكتور محمد مرسي، وانسحب من الجلسة، لأن أنا عارف إن الإخوان ليس من السهل أن يقبلوا بأحد معهم كشريك، هم يريدون من يلعب دور الديكور، ونحن نعرف هذه اللعبة جيداً.ودخلنا الانتخابات وحصلنا على مليون و200 ألف صوت، تمت ترجمتها على أرض الواقع بـ 10 مقاعد برلمانية، وساعة الجد لم نقبل تقسيم الكعكة، ولم ننقلب، وكنت ضد ترشح الإخوان في الانتخابات الرئاسية، واتصلت وقابلت أحد المسؤولين في المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد حينذاك، وأبلغته بقلقي من ترشح الإخوان فقال لي: وأنا كمان، فقلت له: "عندي مبادرة ونحاول نشوف حل لعدم ترشحهم"، رد وقال: "إيدي على كتفك"، وطلبت مقابلة مرشد الإخوان لكنه رفض، حيث أبلغوني أنه عليّ مقابلة د. محمد مرسي لأنه رئيس الحزب، لكني رفضت مقابلته، لأن القرار في يد الجماعة وليس الحزب، ولم تكتمل الفكرة ورفضوها، ولم أقابل بديع بعدها إلا بعد دخولنا السجن، فكان على يسار زنزانتي الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، ومرشد الإخوان في الغرفة التي تليها، ورأيته ولم نتعاتب في أي شيء، طبعا كنت متضايقا من الواقعة، ولكني تعاطفت إنسانيا معه ونسيت ضيقي الشخصي.أول محطة
* كيف تفسر بداية نشاطك السياسي مع "الجماعة الإسلامية" حيث النزعة للعنف ثم الانتقال للانضمام لجماعة "الإخوان؟- الجماعة الإسلامية أول محطة في حياتي وهي مختلفة عن الجماعة الإسلامية التي تحولت للعنف فيما بعد، فالجماعة الإسلامية الأولى لم تكن تنظيماً، كانت مثل جماعة الصحافة والرحلات، وبدأت نشاطها داخل الكليات تحت مسمى "الجماعة الدينية"، ولم أكن موجوداً لحظة تأسيسها العام 1971، فقد دخلت الجامعة العام 1976، والذين بدأوا فيها مثل عبدالمنعم أبو الفتوح وعصام العريان قالوا إن اسم "الجماعة الدينية" غير معبر، وتسمح بأي دين، لذلك اقترحوا اسم "الجماعة الإسلامية"، فأصبحت جماعة نشاط وبدأت تعمل أنشطة أغلبها تغطي الأفكارالدعوية، وكانت تهتم بلجنة واحدة هي اللجنة الثقافية، لأن من خلالها يمكن طباعة منشورات وكتيبات، تطورت إلى أنها تعمل أنشطة عامة، وبدأت تدخل اتحاد الطلاب في بعض الكليات.وفي العام 1976 انضممت إلى الجماعة بعد نهاية العام الدراسي الأول، وذلك في كلية هندسة جامعة المنيا، وفي العام التالي رشحت لاتحاد الطلبة، ثم نجحت كرئيس اتحاد طلاب الجامعة، وبعدها بعام أصبحت نائب رئيس اتحاد الطلبة على مستوى الجمهورية، والجماعة أقصى ما وصلت إليه هو اختيار أمير لها، وكان مثل المتحدث الرسمي، فكان التشكيل هلامياً، بل إن اتحاد الطلبة كان أقوى من "الجماعة الإسلامية"، لأن اتحاد الطلبة كان يملك أموالا ومقرات أكثر من الجماعة.جماعة "الإخوان" كانت حركة ضعيفة وغير مؤثرة بعد ما حدث لها في فترة حكم جمال عبدالناصر، لذلك أرادت "الإخوان" في أواخر العام 1979، ضم الجماعات الطلابية التابعة لـ"الجماعة الإسلامية" والاستعانة بها، وبدأوا بمجموعة جامعة القاهرة، والتي تضم عبدالمنعم أبو الفتوح وعصام العريان ومحمد عبداللطيف -وهو أمين عام حزب الوسط حالياً- ثم جاءوا لإقناعنا في الصعيد، وقتها كنت محبوساً في سجن المنيا بتهمة المشاركة في المظاهرات الرافضة لاتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل، واتفقت مع زميلي محيي الدين عيسى على أن ننضم إلى جماعة الإخوان، وكان كرم زهدي معنا في نفس السجن، وعرض علينا فكرة تأسيس جناح مسلح للجماعة، ورفضنا وكنا نناقشه، لكنه كان عصبي المزاج، لذلك قررنا أن ننضم للإخوان دون أن نخبره، بينما سار هو في طريقه بتأسيس الجناح المسلح والانضمام لمجموعة "الجهاد" بالقاهرة ثم اغتيال السادات.الخيار الثالث
* ألم يكن هناك أي خيارات أخرى بعيداً عن الجماعة الإسلامية والإخوان؟- وأنا في السجن عام 1979 كان عمري 21 سنة، وكان أمامنا خياران، أن نساير جناح كرم زهدي وندشن التنظيم المسلح، وهو ما نرفضه، أو نذهب لننضم إلى جماعة قديمة اسمها "الإخوان"، عندها رصيد ولديها بعض العيوب يمكن إصلاحها، هذا كان تقديرنا في هذه اللحظة، لكن الخطأ الذي وقعنا فيه أننا لم نبحث عن الخيار الثالث، لم يكن لدينا النضج الكافي لكي نفكر فيه، وهو تأسيس جماعة جديدة ليس لها علاقة بالتنظيمين القائمين وقتها، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أكن لأنضم لجماعة الإخوان، وكنت أسست جماعة إسلامية جديدة سلمية تقدم نفسها، وتنمو مع الوقت.* دعنا نستعيد أجواء انضمامك ومعك مجموعة من شباب الجماعة الإسلامية إلى الإخوان، هل وجدتم توافقاً فكرياً معها؟- دخلنا "الإخوان" وكنا مجموعة من الشباب المتحمس، ونتبنى آراء متشددة لكن بدأنا ننضج ونعدل في أفكارنا وصارت معتدلة بالكامل، حصل لنا تطور وسبقنا الإخوان، وحين دخلنا كانت لنا آراء فقهية أكثر تشددا من "الإخوان"، مثل قضية الحجاب، كانت بالنسبة لنا حياة أو موتا، لكن الإخوان "مش أوي"، كان هناك الكثير من الأخوات غير محجبات، وكنا لا نسمع الأغاني والموسيقى، مع الوقت سبقنا الإخوان، وصرنا أكثر اعتدالا، وبدأنا نتكلم عن العمل العام والإصلاح، وعدم اللجوء إلى التنظيمات السرية، خصوصاً أنني تخرجت في الجامعة في هذه الفترة ودخلت نقابة المهندسين، وقطعنا فيها شوطا طويلا، وكانت خبرة غير عادية في العمل النقابي والعمل العام.وهذه هي الفترة التي عرفنا فيها الإخوان، وبدأت الخلافات لأنهم "مش مجاوبين" عن أسئلة كثيرة، فقطعنا سكة طويلة في الإصلاح، استمرت نحو 10 سنوات، كان أساسها فكرة العلاقة بين الدعوة والسياسة، وحاولنا إقناع الجماعة بالفصل بين الدعوي والسياسي، وأنه يجب أن تتخصص في أي منهما، أو تؤسس حزبها بعيدا عن الجماعة، لكن كل الطرق أغلقت، لذلك قررنا أن نؤسس حزبنا، لذلك خرجنا من الجماعة لتأسيس حزب "الوسط"، لتبدأ معه المرحلة الثالثة من حياتي بعد 17 عاما داخل جماعة "الإخوان"، فاليوم وفي العام 2016 مرّ 20 عاماً على تركي لها والخروج منها.الدعوي والسياسي
* هل تعني أن حزب "الوسط" جاء ليفصل بين الدعوي والسياسي؟- يؤسفني أن أحد الكتاب الكبار من التيار الإسلامي كتب وتحدث عن تجربة حركة "النهضة" في تونس، وأنها قدمت خطوة مهمة في الفصل بين الدعوة والسياسة، وهذا الكاتب غمطنا حقنا، لأننا قدمنا الفكرة مبكرا، ونفذناها، هذه كانت تجربة مميزة وسبقت كل تجارب المغرب والجزائر وتركيا.* لكن رغم ذلك لم يستطع الحزب خلق قواعد له؟- عندما أخذنا الرخصة بدأنا العمل، وكنا في شقة صغيرة في شارع قصر العيني، "الوسط" كان حزباً حقيقياً، ويعترف بعامل الزمن، لا تبنى الأحزاب بين يوم وليلة، وبالتالي كنا في تصاعد، وحين حدثت أحداث "30 يونيو" أو "3 يوليو"، كان لدينا 130 مقرا، بخلاف المقر الرئيسي وكان لدينا تشكيلات في المحافظات.* وما عدد مقرات الحزب حالياً؟- لا يوجد غير المقر الرئيسي وأربعة مقرات أخرى، وحالياً نبدأ من الأول.