رغم انشغال كمال الشناوي بفنه وأفلامه، لكنه حرص على ألا يكون منفصلا عن الواقع والأحداث الجارية في المجتمع، فبعد ترحيبه الشديد بثورة الجيش في 23 يوليو 1952، أعلن تأييده المطلق للزعيم جمال عبدالناصر، كرئيس للجمهورية عام 1954، بل وراح يدعو للمساهمة في تسليح الجيش المصري، في المبادرة التي أعلن عنها الزعيم جمال عبدالناصر عبر "الصفقة التشيكية"، بعد أن طبقت الدول الغربية ما يعرف بـ"التصريح الثلاثي" الصادر عن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإنكلترا، الذي يقضي بحظر تصدير السلاح إلى دول الشرق الأوسط، إلا أن إسرائيل كان لديها السلاح الذي حصلت عليه من قبل من دول الكتلة الشرقية، وبنت به قواتها المسلحة التي حاربت الدول العربية عام 1948، كما كانت لها طرقها بعد ذلك في الحصول على الأسلحة من الدول الغربية، بغض النظر عن التصريح الثلاثي، لذا لجأ الزعيم جمال عبدالناصر إلى اختراق هذا الحصار في مؤتمر "باندونج"، بعد اعترافه بالصين الشعبية، ولقائه مع رئيس وزراء الصين شواين لاي، طالبا إليه السعي لدى الاتحاد السوفياتي لتزويد مصر بالسلاح، وكانت تلك هي الخطوة الأولى التي تبلورت بعد ذلك في صفقة "الأسلحة التشيكية"، التي أعلن عنها في سبتمبر 1955، وهي الصفقة التي كانت لها تداعيات سياسية بعيدة الأثر على مصر والشرق الأوسط، بل وعلى السياسة الدولية وتوازناتها بصفة عامة.

حرص عدد كبير من الفنانين على التبرع للمشاركة في تسليح الجيش المصري، وفي مقدمتهم كمال الشناوي، غير أن أكثر ما لفت انتباهه، ما فعلته القديرة نجمة إبراهيم، تلك الفنانة المصرية الأصيلة التي تدين بالديانة اليهودية، والتي رفضت أن تترك مصر وتنتقل إلى الوطن المزعوم "إسرائيل"، كما فعل عدد كبير من اليهود الذين ولدوا وعاشوا في مصر، بل ظلت متمسكة بانتمائها لوطنها الأصلي‮ ‬مصر،‮ وعندما أسست فرقة مسرحية عام‮ 5591 ‬ساهمت بإيراد الليلة الأولى‮ ‬في‮ ‬مسرحيتها‮ "سر السفاحة ريا"‮ ‬لتسليح الجيش المصري‮، ‬بعد إعلان الرئيس عبدالناصر كسر احتكار السلاح، بعكس الممثلة راقية إبراهيم، التي ظن كثيرون، خطأ، أنها شقيقتها ـ والتي كان لمصر وللفن المصري عظيم الأثر في صناعة اسمها ونجوميتها، راحت تروج للكيان الصهيوني في‮ ‬أميركا، وتجمع المال من الجاليات اليهودية في أميركا وأوروبا وتحويلها إلى إسرائيل، بل وقامت بإبلاغ الموساد الإسرائيلي، بموعد إحدى زيارات عالمة الذرة المصرية سميرة موسى إلى أحد المفاعلات النووية في الولايات المتحدة، ليتم اغتيالها في حادث في الخامس عشر من أغسطس 2591، ما جعل كمال الشناوي يضحك ساخرا من نفسه، لأنه أحبها كأنثى، بل وفكر أن يرتبط بها يوما، فقرر كمال أن يتبرع بأجره كاملا عن فيلم "الجسد" للمساهمة في تسليح الجيش المصري.

Ad

شهرة عربية

بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم "الجسد" في القاهرة، حرص كمال الشناوي على أن يحضر عرض الفيلم في لبنان، غير أنه ما إن نشرت الصحف خبر وصوله واسم الفندق الذي سينزل به في بيروت، حتى بدأت الجماهير تتوافد على الفندق منذ الصباح، وقبل وصوله، وخاصة الفتيات والنساء، وما إن وصل، حتى هجمت الفتيات عليه يتعلقن به، لدرجة أنهن كسرن باب الفندق الزجاجي، لولا تدخل العاملين في الفندق، لسقط أرضا من شدة الزحام وتهافت الفتيات عليه، ونجح العاملون في إخراجه من باب خلفي للفندق، لينزل في فندق آخر، حرص على ألا يتم الإعلان عنه، حتى مغادرة بيروت، لكن يبدو أن المعجبات اللبنانيات لم يكتفين بما فعلنه معه في بيروت، فما إن وصل إلى القاهرة، حتى فوجئ بواحدة منهن ترسل له برقية، تخبره بأنها في طريقها إلى القاهرة، لمقابلته، لأنها تحبه ولا تستطيع أن تعيش من دونه، فضحك كمال ساخرا من هذا "الجنون النسائي"، غير أنه لم يكن يتوقع أن يستمر هذا الجنون حتى نهايته، حيث فوجئ بزوجته تناوله سماعة الهاتف ليرد على من تطلبه:

* ألو

- هالوه حبيبي كمال.

* أهلا وسهلا... مين معايا؟

- أنا فتون.

* معلش أنا آسف مش واخد بالي... مين فتون؟

- أنا فتون اللبنانية اللي بعتلك مكتوب من بيروت.

* آه آه... افتكرت أهلا وسهلا... آنسة فتون، أنت بتتكلمي منين؟

- من القاهرة حبيبي، وناطرتك في مينا هاوس.

* ناطراني في مينا هاوس؟ إزاي وأمتى؟ بس أنا مشغول جدا... أنا عندي تصوير.

- ولا يهمك حبيبي... ناطراك لوين ما بدك.

* أيوا بس أنا بأصور تلات أفلام في اليوم... يعني ممكن أخلص وش الفجر.

- ولو... ناطرتك حبيبي.

أغلقت الفتاة الهاتف، تعجب كمال الشناوي من هذه الجرأة غير العادية، غير أنه نظر في عيني زوجته، ليجد بها عشرات الأسئلة عن هذه الجريئة، فصارحها بما دار بينهما في الهاتف، ورغم نظرات الريبة التي قرأها في عيني زوجته، إلا أنها نصحته بنسيان الموضوع، وهو ما فعله بالفعل، حتى فوجئ بعد ثلاثة أيام، وأثناء وجوده في استديو مصر، لتصوير فيلم "الغائبة" قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر، إخراج عزالدين ذو الفقار، أمام مريم فخرالدين، علوية جميل، محمود المليجي، سميحة أيوب، ومختار عثمان، فوجئ كمال الشناوي باستدعاء من قسم شرطة الهرم، وما إن دخل القسم، حتى زادت دهشته، حيث اكتشف أن الفتاة اللبنانية اختفت في ظروف غامضة، وعرفت الشرطة من إدارة الفندق، أن كمال الشناوي كان من بين آخر من اتصلت بهم الفتاة قبل أن تختفي، غير أن الحظ خدمه، قبل أن يتم توجيه أي اتهام له، حيث توصلت إليها تحريات الشرطة، ليتبين أنها وقعت ضحية موسيقي شاب، تعرف عليها في الفندق، ومن خلال كلامه معها أكد أنه صديق شخصي لكمال الشناوي، وتحت تأثير الكحول استطاع أن يقنعها بالزواج منه!

مجاملة فنية

عاد كمال الشناوي لاستكمال فيلم "الغائبة" وفي الوقت نفسه راح يصور فيلم "صحيفة السوابق" قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، إخراج إبراهيم عمارة، أمام صباح، عايدة هلال، محمود المليجي، سراج منير، نعمت مختار، الطفلة سهير رمزي، والذي دارت أحداثه حول شاب بدد كل ثروته، ثم ينضم إلى عصابة لتزييف النقود، تقبض عليه الشرطة، ليخرج من السجن، لينتقم من زعيم العصابة الذي حاول أن يتزوج من زوجته أثناء وجوده بالسجن.

قبل أن ينتهي كمال من تصوير فيلم "صحيفة السوابق" فوجئ بمكالمة هاتفية لم يتوقعها:

* معقولة... الأستاذ يحيى شاهين بجلالة قدره يطلبني في عمل من إنتاجه وأنا أتأخر... يا أستاذ من ستة الصبح أكون في اللوكيشن.

- هاهاها... طول عمرك فنان رائع يا كمال... ووجودك في الفيلم شرف قبل ما يكون إضافة.

* يا أستاذ الشرف ليا أنا... اعتبرني موافق من غير ما أقرأ ولا أعرف هأعمل أيه... ولو عايزني في مشهد واحد مش ممكن أتأخر.

- عموما أنا هابعتلك العقد مع مدير الإنتاج... حط فيه الأجر اللي أنت عايزه.

* أنت بتقول أيه يا أستاذ... أجري أنا خدته خلاص.

- خدته خلاص... إزاي مش فاهم؟!

* أجري هو أني أشارك معاك في فيلم من إنتاجك وأنت بطله.

- ده كتير أوي يا كمال... المجاملة تبقى في التنازل عن جزء من الأجر، أو حتى نص الأجر... لكن عن أجرك كله ده كتير.

* ده كلام نهائي... أنا أجري وصلني بالكامل... وتحت أمرك من بكره.

رفض كمال الشناوي أن يتقاضى أجرا من صديقه الفنان يحيى شاهين، بطل ومنتج فيلم "الغريب" المأخوذ عن "مرتفعات ويذرنج" للكاتبة الإنكليزية إيميلي برونتي، سيناريو وحوار حسين حلمي المهندس، إخراج كمال الشيخ، وشارك معهما ماجدة، زهرة العلا، سراج منير، صلاح نظمي، عبدالوارث عسر، محسن سرحان، حسين رياض، والذي دارت أحداثه حول الحاج كامل الذي يكفل صبيا صغيرا رفض أقاربه إيواءه بعد موت والديه، فيعيش إلى جوار ابنته وابنه الصغيرين، يكبر الثلاثة معا، تقع الفتاة في حب "الغريب"، في حين يعامله شقيقها باعتباره خادما، ما يحدث خلافا بينهما، فيطرده شقيقها، تمر عشر سنوات، يعود بعدها الغريب للعزبة، وقد أصبح ثريا، لكنه يعلم أن ياسمين تزوجت، فيحاول الانتقام، يشترى منزل سيده ويذله نفسيا وماديا، ويتزوج من ليلى، أخت زوج حبيبته ويسومها العذاب، وتأكل الغيرة قلب الحبيبة، وتنتهي القصة بموت الحبيبة بين يدي الغريب، وينطلق هائما في الحياة.

دور وطني

عقب عقد الزعيم جمال عبدالناصر صفقة السلاح مع الكتلة الشرقية، والاعتراف بالصين الشيوعية، كان قرار دالاس وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، هو سحب عرض تمويل مشروع "السد العالي" في يونيو 1956، وهو المشروع الذي كان عبدالناصر يعلق عليه آمالا كبيرة في تنمية مصر، فجاء هذا القرار بمثابة صفعة على وجه النظام الثوري الجديد، ما دفع عبدالناصر للرد بتوجيه ضربة مقابلة، تمثلت في تأميم شركة قناة السويس في يوليو 1956، وهو ما أثار ثائرة الإمبراطوريتين الاستعماريتين المتداعيتين فرنسا وإنكلترا، صاحبتي أكبر قدر من الأسهم في شركة قناة السويس، فكان تحالفهما مع إسرائيل فيما عرف بـ"العدوان الثلاثي" في 29 أكتوبر 1956، غير أن هذا العدوان الذي عارضته الولايات المتحدة، فشل بفضل الاتحاد السوفياتي، حيث أجُبرت فرنسا وإنكلترا وإسرائيل على الانسحاب، لتكون هذه لحظة انتهاء الحقبة الاستعمارية في العالم.

في هذه الأجواء، قرر كمال الشناوي أن يساهم بفنه في معارك وطنه، فكتب وأنتج فيلم "وداع في الفجر"، وأنفق عليه كل ما يملك، لكن الفيلم فشل وأفلست شركته، واعتقد أن الأمر انتهى عند هذا الحد، إلا أنه فوجئ بالمخرجين يبحثون عن ممثلين منافسين له، ولم يكن يعلم أن دخول الممثل ميدان الإنتاج يضر به للغاية، ويدفع المخرجين والمنتجين للابتعاد عنه، ظنا منهم أنه أصبح له "شلته الخاصة" التي لابد أن يعمل من خلالها، ما كان سببا في ظهور بعض النجوم الجدد، مثل شكري سرحان وعمر الشريف، ورشدي أباظة وأحمد رمزي والمطرب عبدالحليم حافظ، ولم ينقذ الموقف سوى المخرج الشاب حسام الدين مصطفى، العائد توا من أميركا بعد دراسة الإخراج هناك، والذي رشح كمال لشناوي للقيام ببطولة فيلم "كفاية يا عين" قصة وحوار يوسف جوهر، سيناريو وإخراج حسام الدين مصطفى، أمام ماجدة، محمود المليجي، عباس فارس، زينب صدقي، ستيفان روستي، نعمت مختار، والذي تدور أحداثه حول كمال، الذي يقع بغرام نادية عندما يراها بالنادي، ليكتشف أنها جارة لوالده في بلدتهم، وتبدأ علاقتهما في التطور، إلى أن يراها شقيقه فتحي ليطمع في مالها، ويدبر مكيدة لإبعاد كمال عنها حتى يتزوجها، لكنه يفشل في ذلك.

بعد اللقاء مع حسام الدين مصطفى، يعود كمال الشناوي للعمل في ميلودراما حسن الإمام، حيث يختاره لبطولة فيلم "لواحظ" قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، أمام شادية، محمود المليجي، زوزو نبيل، عبدالمنعم إبراهيم فاخر فاخر، كريمان، شفيق نورالدين، والذي يدور حول "لواحظ" فتاة الملاهي الليلية التي تعترف لها والدتها، قبل أن تموت بأنها ليست ابنة "المعلم عزب" المجرم السجين، الذي يهددها ويبتزها، فتلجأ إلى ضابط الآداب طالبة حمايتها من شره، تتدخل الصدفة، حيث يتضح أن الضابط هو ابن للزوجة الثانية للرجل المحترم الذي هو الأب الحقيقي للفتاة، وهو يتحدث إلى زوج أمه عن مأساة الفتاة التي رأها في مكتبه.

فيدرك الرجل أن الفتاة "لواحظ" هي ابنته من الراقصة القديمة المتوفاة، يخرج "المعلم" من السجن، ويبحث عن لواحظ ويقوم بخطفها، ويحاول اغتصابها، تقاومه الفتاة وتقتله طعنا بالسكين في الوقت الذي يحضر فيه الضابط مع رجال البوليس لإنقاذها.

نجومية خاصة

ظل كمال الشناوي طيلة عام 1958، بلا عمل، إلى أن طلبه المخرج حسن الإمام مجددا قبيل نهاية العام في عمل ميلودرامي جديد بعنوان "قلوب العذارى"، قصة وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، أمام شادية، رشدي أباظة، حسين رياض، أمينة رزق، محمد رضا، كريمان، برلنتي عبدالحميد، نظيم شعراوي، والذي لم يشذ عن قاعدة أغلب أفلام حسن الإمام، التي تقوم على الصدف ولعبة الأقدار، غير أنه مع مطلع عام 1959 عاد المنتجون والمخرجون يطلبونه مجددا، فتعاقد على خمسة أفلام دفعة واحدة، هي "لن أعود" قصة وحوار كامل الحفناوي، سيناريو وإخراج حسن رضا، أمام تحية كاريوكا، سميرة أحمد، عبد فارس، عبدالمنعم إبراهيم، وفيلم "عاشت للحب" عن قصة "شجرة اللبلاب" للكاتب محمد عبدالحليم عبدالله، حوار صالح جودت، سيناريو وإخراج السيد بدير، أمام زبيدة ثروت، ليلى طاهر، عبدالمنعم إبراهيم، وداد حمدي، وكمال حسين، وفيلم "عش الغرام" قصة وسيناريو وحوار يوسف جوهر، إخراج حلمي رفلة، أمام شادية، ليلى فوزي، عمر الحريري، ميمي شكيب، وحسين رياض، وفيلم "ارحم حبي"، سيناريو سيف الدين شوكت، وبركات، حوار علي الزرقاني، إنتاج حلمي رفلة، إخراج بركات، أمام شادية وعماد حمدي، مريم فخرالدين، نجوى فؤاد، زينب صدقي، وصلاح نظمي، ثم فيلم "شمس لا تغيب" قصة وسيناريو وحوار وإخراج حسين حلمي المهندس، أمام زبيدة ثروت، حسين رياض، عايدة هلال، يوسف فخر الدين، والكاتب الصحافي موسى صبري، رئيس تحرير مجلة الجيل، والذي دار جزء من أحداث الفيلم من خلالها.

أثناء تصوير كمال الشناوي فيلم "ارحم حبي"، مع المخرج هنري بركات، لاحظ وجود المنتج والمخرج حسن رمزي في زيارة للبلاتوه، ففهم على الفور أنه جاء للاتفاق مع كمال على بطولة فيلم جديد، فقرر أن يحجز لكمال على الفور لبطولة فيلمه المقبل، قبل أن يسبقه حسن رمزي:

* رواية لطه حسين... تعرف أني من زمان وأنا نفسي أعمل حاجة للراجل ده... أنا بيعجبني كل كتاباته.

- طب يا سيدي أهي الفرصة جتلك... وآدي السيناريو كاتبه أنا ويوسف جوهر.

* "دعاء الكروان" الله أنا قريت الرواية وعجباني جدا فوق ما تتصور... طبعا دور المهندس.

- بالظبط دور مهندس الري.

* هايل... بس أنا كان ليا شوية ملاحظات في شخصية المهندس من ساعة ما قريتها... وعايز أعمل عليها شوية تعديلات بسيطة.

- شوف أي حاجة بعيد عن طبيعة الشخصية ماشي... أنا مش عايز أدخل في مشاكل مع طه حسين.

* لا بالعكس... أنا حريص زيك وزيه بالظبط على الشخصية... دي تعديلات بسيطة في تصرفاته، بحيث إنه مش لازم يبان أن الراجل ده شرير بطبعه... أظهر الجانب الإنساني اللي عنده، بحيث يكون رجلا له نزواته، لكنه في النهاية إنسان.

- وأنا موافق.

* مين هايعمل دور البنتين؟

- فاتن حمامة هاتعمل دور آمنة، وزهرة العلا هاتعمل دور هنادي... والأم.

* طبعا أمينة رزق.

- بالظبط... والخال عبدالعليم خطاب.

* كاست رائع جدا وشايفهم في كل الأدوار.

انصرف هنري بركات من الاستديو، بعد أن اتفق بشكل مبدئي مع كمال الشناوي على القيام ببطولة فيلم "دعاء الكروان"، غير أنه أرجأ بقية الاتفاق وتوقيع العقد، لحين الانتهاء من التعديلات التي طلبها كمال.

ما إن انصرف بركات، حتى انفرد به حسن رمزي، ليعرض عليه بطولة فيلم جديد:

* غريبة أوي... يعني أنت هاتنتج بس مش هاتخرج الفيلم.

- لا، الإخراج لمحمود ذو الفقار... وده السيناريو.

* المرأة المجهولة... اسم حلو.

- طب كويس... وأنت هاتعمل دور الابن.

* ابن مين؟

- ابن لعماد حمدي وشادية.

* طب عماد حمدي ممكن، لكن شادية إزاي؟

- أنت فنان تشكيلي يا كمال قبل ما تبقى ممثل، وعارف أنه سهل أوي بالمكياج.

* مش قصدي... أنا قصدي شادية توافق على أني أكون ابنها.

- موافقة ومتحمسة جدا ومعتبره أن ده دور عمرها.

الرئيس مبارك على الشاشة مع الشناوي

إلى جانب تبرعه لتسليح الجيش، ومشاركته فيما أطلق عليه "قطار الرحمة" لجمع التبرعات لدعم الجيش، قرر كمال الشناوي أن يشارك بعمل فني يدعم به الاتجاه الوطني السائد في الدولة، فكتب قصة "وداع في الفجر"، وقرر أن يقوم بإنتاجها للسينما، وشارك في كتابة السيناريو والحوار مع الفنان السيد بدير، وعهد بإخراج الفيلم لحسن الإمام، الذي شاركهما في كتابة السيناريو.

حرص كمال الشناوي على أن يكفل لفيلم "وداع في الفجر" كل عوامل النجاح، حيث استعان بوحدات الطيران الحربي للجيش المصري، وقام بالتصوير في كلية الدفاع الجوي، بمساعدة أركان حرب الكلية وقائد السرب، الطيار محمد حسني مبارك، الذي استعان به ليظهر في أحد مشاهد الفيلم أثناء التصوير في "مطار بلبيس" بمحافظة الشرقية، وهو المشهد الذي تسبب بعد ذلك في عدم عرض الفيلم نهائيا على شاشات التلفزيون، بعد أن صار مبارك رئيسا لمصر، ولم يعد يرحب بأن يشاهده المواطنون في مشهد سينمائي.

اختار كمال للبطولة أمامه نصفه الفني شادية، ومعهما سراج منير، فردوس محمد، عبدالمنعم إبراهيم، رجاء سراج، ثم اختار الفنان يحيى شاهين الذي رد له الجميل الذي فعله معه في فيلم "الغريب"، ورفض أن يتقاضى أي أجر عن دوره في "وداع في الفجر".

عندما شرع في إنتاج الفيلم، دفع كمال الشناوي كل ما يملك لإنتاج الفيلم، غير أن آثار العدوان الثلاثي كانت لاتزال تخيم على أجواء البلد، حيث أغلقت أغلب دور العرض، فلم يحقق الفيلم نجاحاً وأفلست شركته.