نعم تبقى الكويت الأرض والوطن دانة الدانات، فعلى أديمها درجت أقدامنا، وفي ثراها سجى أجساد أحبائنا، وفي هواها تهيم أرواحنا، عشقناها كما عشقها أجدادنا، وكما سيعشقها أبناؤنا وأحفادنا، إنها حقيقة لا تحتاج إلى إثبات، وما نقرأه على صفحات جرائدنا وما نسمعه في المجالس والديوانيات من انتقاد ما هو إلا مظهر من مظاهر هذا العشق والحب لهذا الوطن، الذي نتمنى أن يكون أجمل بلاد الدنيا، ليس بالمباني والشوارع النظيفة والجامعات ونظم التعليم بكل مراحله، والمستشفيات وتطور أنظمة العلاج فقط، بل بكل ذلك وأكثر وصولا إلى رقي أخلاق أهلها وأصالتهم ورقي أخلاق الوافدين ليكونوا قيمة مضافة في بناء الوطن وتطوره.

ولكن هناك، وللأسف، من يصور هذا الانتقاد بأنه نتاج حقد أو كراهية أو حنق أو حب في النقد والانتقاد، وأنا على يقين بأن كتّاب الزوايا وأصحاب الرأي والرؤى يفيض حبهم وعشقهم لهذا الوطن من خلال تلك المقالات التي تتحدث عن مواطن الخلل، في محاولة لتجاوز الأخطاء والعمل بإخلاص من أجل بناء وطن يكون مثالا يحتذى من حيث التنمية والتطور.

Ad

ولكن من ناحية أخرى ألا يمكن أن يكون الوصول إلى هذا التردي في الخدمات العامة، وعدم إنجاز المشاريع وتراكم المشاكل يعود في بعضه للسياسة الحكيمة التي تنتهجها الحكومة، وبدعم من مجلس الأمة وبعض كبار المسؤولين والقيادات المخضرمة، ليبقى الوضع على ما هو عليه، أو إلى الأسوأ، يعني "على طمام المرحوم".

فتخيل لو أن الحكومة قامت بافتتاح جامعة الشدادية منذ سنين ولم يحدث فيها أي حريق، تخيل لو أن مستشفى جابر وجسر جابر واستاد جابر تم افتتاحها منذ عقود وغدت من معالم الدنيا، وبحسرة تخيل "مطار الكويت الدولي وقد أصبح تحفة معمارية ينافس مطار شيكاغو أو لندن أو مطار مدينة دبي الرائعة، تخيل لو كان أعضاء مجلس الأمة ممثلين حقيقيين للشعب الكويتي ولخدمة الوطن ومصالحه، تخيل لو التزم كل مواطن بالحضور للدوام والعمل بكل إخلاص وتفان، تخيل لو أن شوارعنا غدت نظيفة وبدون حفر، وتم صبغ الأرصفة وتجديد الخطوط الأرضية التي قضى عليها الزمن، وصارت شوارعنا تنافس شوارع هولندا وألمانيا ودبي.

تخيل لو اختفت من حياتنا أغلب الأزمات والمشاكل التي تواجهها الدولة، فهنا ستبرز مشكلة غاية في الخطورة وصعبة على الحل، فكتابنا الكبار عن ماذا سيكتبون؟ وجرائدنا من أين ستأتي "بالمانشيتات" الصاعقة؟ ورواد المجالس والديوانيات عن ماذا يتكلمون؟ وسيختفي الرأي والرأي الآخر.

ولكن تبقى الكويت دانة الدانات مهما حاول البعض إيذاءها بقصد أو بغير قصد، وعمار يا الكويت، حفظها الله وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

اقتراح بأمنية

بتاريخ 12/ 4 / 2016 كتبت في هذه الجريدة الغراء مقالا بعنوان "إذا صكت حجايجها" تناول موضوع مفاوضات السلام اليمنية التي تحتضنها الكويت الغالية، وقد جاء في المقال ما يلي "وكم يكون رائعا لو حضر حفل التوقيع على الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه بين الأطراف اليمنية المتنازعة أمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون وأمين عام الجامعة العربية، ليأخذ الاتفاق الصبغة الدولية، ومن ناحية أخرى ليتم التأكيد على حقيقة أن دولة الكويت ليست مركزا عالميا للإنسانية فقط بل إنه مركز للسلام والأمن الدوليين، وليس مستبعداً أن يتم نقل محادثات السلام السورية من جنيف إلى الكويت الغالية". ولعل زيارة الأمين العام للكويت تكون تحقيقاً لتلك الأمنية.