المعروف في عالم الصناعة أن ارتفاع أسعار الوقود يفضي بشكل مؤكد الى خفض الاستهلاك، وخاصة في الآلات التي يمكن للمستهلك التحكم بها كالسيارات على سبيل المثال، ويرى البعض في ذلك فرصة للتوجه نحو مسار صديق للبيئة.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أخيراً فإن القليل فقط من المواطنين الأميركيين لاحظوا ما شهدته أسعار البنزين من ارتفاع لأنها لا تزال متدنية بصورة استثنائية.

Ad

وفي حقيقة الأمر، فإن تلك الأسعار كانت في بداية شهر يونيو الأدنى خلال الأحد عشر عاماً الماضية. وتقول جمعية السيارات الأميركية إن سعر غالون البنزين ارتفع بشكل وسطي 17 سنتاً في الشهر الماضي ثم عاود الصعود ليصل الى 2.37 دولار في الأيام القليلة الأخيرة.

والأكثر من ذلك، يضيف تقرير الصحيفة، أن تلك الأرقام سوف تدفع المستهلكين الى التوجه نحو شراء سيارات أكثر توفيراً للوقود وفقاً لدراسة أجرتها جامعة ميتشغين.

وهذه أنباء جيدة يتعين أن توجهنا نحو التفكير في خطوات من أجل ابقاء الأسعار في مسارها الصحيح: نحو الأعلى. ويرجع ذلك بشكل رئيسي الى ان هبوط أسعار البنزين يشجع الناس على القيام بتصرفات غير سليمة – ليس اذا أردنا خفض انبعاثات غاز بيوت الدفيئة وملوثات الهواء الأخرى.

تضاعف سعر النفط

ويتوقع التقرير أن تقوم الأسواق بهذه المهمة لفترة من الزمن، وخاصة بعد أن تضاعف سعر النفط في الآونة الأخيرة (منذ شهر فبراير على وجه التحديد) مع توقع مزيد من الارتفاع في الأجل القصير، كما أن أحداً لا يعرف ما هو مستوى سعر النفط بعد سنة او سنتين من الآن.

ولكن الإجراء الآخر الذي يفضله خبراء الاقتصاد من اجل رفع الأسعار والتأثير على سلوك المستهلكين بصورة عامة يتمثل في فرض ضريبة على الكربون أو على النفط والبنزين بشكل أكثر دقة. وهي، على أي حال، خطوة يعارضها الكونغرس الذي صوت أخيراً وبأكثرية ضد مثل تلك الضريبة.

ولكن على الرغم من ذلك يتعين القول ان الضريبة المقترحة كان يمكن أن تستخدم في اصلاح البنية التحتية المهملة في البلاد (مثل الجسور والأنفاق والقطارات) أو من أجل تحسين مصادر الطاقة المتجددة، وخفض الاعتماد المباشر على الوقود الحفري، اضافة الى الاحتمال الآخر المتمثل في جعل سعر البنزين عالياً بحيث يدفع المستهلك الى التفكير مرتين قبل التوجه الى محطات التعبئة.

وثمة أدلة، كما يقول التقرير، على أن هبوط الأسعار، كما حدث في السنوات القليلة الماضية، دفع الناس نحو سيارات أكبر وأقل توفيراً في الوقود قادرة على استيعاب كمية من الأغراض التي لا تتوافر في السيارات الصغيرة الموفرة للوقود. وعلى المستهلك اليوم أن يتذكر كيف وصلت الأسعار الى أكثر من 3 دولارات لغالون البنزين العادي قبل سنتين والى أكثر من 4 دولارات في عام 2008.

الموديلات الصديقة للبيئة

وتجدر الإشارة الى ان معدلات استهلاك البنزين بلغت 25.8 ميلا للغالون في شهر أغسطس من سنة 2014 مرتفعة عن 20.1 ميلا للغالون في شهر أكتوبر من عام 2007 – وتعود هذه الأرقام الى السيارات الجديدة والخفيفة الوزن.

ولكن مع ارتفاع أسعار البنزين من جديد تحول المستهلك نحو الموديلات الصديقة للبيئة بقدر أكبر. وباختصار يقول الخبراء إن الأميركيين يعمدون عندما تكون أسعار البنزين رخيصة حقاً الى شراء سيارات أقل توفيراً في الوقود والقيادة الى مسافات أطول وهو ما شهدناه بشكل عملي في الفترة الماضية.

أما أسعار الوقود الأعلى فإنها تجعل السيارات الكهربائية والهجينة والأصغر حجماً مطلوبة بقدر أكبر، كما يظهر في حركة الأسواق بشكل فعلي.

وحسب دراسة حديثة فإن تحقيق تحسن كبير في استهلاك السيارة للوقود من 21.4 ميلا للغالون اليوم الى 56 ميلاً سوف يخفض اجمالي انبعاثات الوقود في الولايات المتحدة بنسبة 10 في المئة. ولكن ذلك لن يلبي هدف اتفاقية المناخ التي تحققت في مؤتمر باريس في شهر ديسمبر الماضي. وكان الرئيس باراك اوباما تعهد بأن تخفض الولايات المتحدة اجمالي الانبعاثات الى ما بين 26 الى 28 في المئة بحلول عام 2025.

في غضون ذلك تستمر أسعار النفط في الارتفاع ومحاولات فرض ضرائب جديدة على الاستهلاك تواجه بمقاومة في الكونغرس ويصعب على المرء أن يتوقع تحقيق مثل تلك الخطوة في الوقت الراهن على الأقل.