أزمة قديمة متجددة، في سوق الكويت للأوراق المالية، لم تجد لها حلاً، هي إيقاف الشركات المدرجة أشهراً طويلة، لأسباب متباينة ومختلفة، بعضها يكون متعلقاً بتباطؤ الجهات الرقابية في منح الموافقات اللازمة سواء على بيانات مالية أو إجراءات خفض رأسمال أو زيادة، وكلها قضايا مرتبطة بسرعة الإنجاز، الذي يجب أن يكون أساسياً في أسواق المال، التي تتعامل بشكل لحظي وتتأثر بعامل الوقت.

ومبدأ الإيقاف في مجمله، يعتبر من وجهة نظر رؤساء شركات مدرجة من أسوأ العقوبات، فهو عقاب جماعي وتجميد لأموال شريحة واسعة من المساهمين والمستثمرين، لا ذنب لهم في تملك هذا السهم أو ذاك، دون تحميل مسؤولية للمتسببين من مجالس الإدارات أو حتى الجهات الرقابية.

Ad

بداية، يمكن الإشارة إلى أن شركة مدرجة على سبيل المثال، اتخذت الجمعية العمومية قراراً بخفض رأس المال وتوزيع نسبة الخفض على المساهمين، فهل يحتاج قرار مثل ذلك شهرين للحصول على موافقة الجهات الرقابية ووقف السهم عن التداول؟.

عشرات الفرص الاستثمارية تضيع هدراً على مساهمي الشركة، سواء بالتخارج أو الانتقال إلى فرصة أخرى أو حتى تسييل الأسهم لأي سبب كان، علماً أن وقف السهم لا يمكن للمساهم التصرف فيه تحت أي بند أو ظرف.

مصادر الشركات الموقوفة عن التداول في البورصة، تمنح مساهميها الذين يستفسرون منها عن سبب الإيقاف واستمراره جواباً واحداً، هو أن الجهات الرقابية السبب.

وتؤكد الشركات أن البيانات المالية تحتاج نحو ثلاثة أسابيع أو أكثر للحصول على الموافقة، وخفض رأس المال وتوزيع ناتج الخفض وفقاً لحالة شركة التخصيص، على سبيل المثال لا الحصر، اتخذت قراراً في 22 نوفمبر 2015، أي منذ أكثر من 6 أشهر بخفض رأس المال بنسبة 17.4 في المئة، وإعادة الأموال للمساهمين لعدم الحاجة، لكنها لم تتمكن من عقد الجمعية، لعدم حصولها على الموافقات النهائية على جدول الأعمال، وهذا الطلب منذ نحو 6 أشهر يتداول بين الجهات الرقابية المعنية، إلى أن وصل الأمر إلى إيقاف الشركة عن التداول منذ 40 يوماً، ما يطرح تساؤلاً عريضاً، وهو هل يمكن أن يتطور سوق مالي، وتساعد هكذا إجراءات على تحويل الكويت إلى مركز مالي متطور في ظل تنافسية شديدة في المنطقة وغيرها على سرعة الإجراءات وتبسيطها؟.

شركة التخصيص، ليست الوحيدة لكنها نموذج قائم ومؤلم لكثير من المساهمين، الذين تقاطروا على الشركة بسبب طول فترة الإيقاف وتجمد أموالهم "وحلالهم" لأسباب روتينية بحتة.

والأكثر غرابة، أن موافقة جمعية عمومية تحتاج إلى نحو ستة أشهر تقريباً، وهو وقت طويل وقياسي في ظل التعامل مع أسواق مال متغيرة وسريعة التغير.

السؤال، الذي يطرح نفسه هو: هل بيئة عمل كهذه تمثل عامل جذب للمستثمرين الأجانب أو الخليجيين على أبعد تقدير، في ظل تحديات تواجه البورصة الكويتية متمثلة في أزمة سيولة السوق.

تقول مصادر، إن إنجاز الموافقات الرقابية على كل عمليات الشركات المدرجة، يجب ألا تتخطى 5 أيام عمل بحد أقصى، وهذا يتطلب إعادة النظر في فريق التدقيق.

الأمر الأكثر أهمية، بحسب مصادر رقابية، هو تفكيك التشابكات الداخلية ومنح الصلاحيات للمسؤولين، بمعنى القضاء على الروتين والبيروقراطية في التصديق على الموافقات أي موافقة على جدول جمعية عمومية لا يحتاج موافقة جيش من الموظفين والمراجعين القانونيين ورؤساء القطاع مروراً بأعلى قمة الهرم.

ويذكر مصدر مالي أن سوق الكويت للأوراق المالية، ربما يضرب الأرقام القياسية خليجياً وإقليمياً في أعداد الشركات الموقوفة، وطول مدة الإيقاف، التي تتعدى الأشهر، ولا يدفع ثمن ذلك سوى سمعة السوق والمساهمين الأفراد وجهات مؤسسسية أخرى كالصناديق والبنوك.

وقال المصدر، إن أثر ذلك يمتد إلى الجهات التالية:

1- البنوك الدائنة والراهنة لأسهم قد تواجه مشاكل عند التسيل وتصطدم بوقف الشركة عن التداول.

2- اعتماد أسعار سوقية سابقة في البيانات الفصلية، التي تحل والسهم موقوف عن التداول.

3- مساهمون أفراد يواجهون ضغوط وأزمات نتيجة غل يدهم عن التسييل والبيع، عندما يواجهون احتياجات علاج أو تعليم وأسهمهم موقوفة.

4- خسائر مزدوجة للشركة الكويتية للمقاصة والوسطاء نتيجة ضعف التداول وتجميد شركة من مقصورة الإدراج.

5- أضرار فادحة تطال الصناديق الاستثمارية نتيجة تجميد الأسهم، حيث يعرقل بعض طلبات الاسترداد للمساهمين.

6- مشكلات تواجه مقدمو خدمة الأجل، حيث تقوم محافظ الأجل شراء أسهم كصانع سوق وتتفاجأ بوقف السهم، كذلك مشاكل تواجه أصحاب العقود من المساهمين أيضاً.

على صعيد متصل، اعتبرت مصادر استثمارية أن طول فترة الموافقات المسبقة للشركات تفرض وصاية مطلقة علماً أنه يجب إفساح المجال وتحفيز المساهمين على القيام بدورهم في حضور الجمعيات العمومية ومحاسبة الشركات.