مرافعة: جلسة وفاة الدستور!

نشر في 28-06-2016
آخر تحديث 28-06-2016 | 00:01
 حسين العبدالله لم تمض ساعات قليلة على تصريحات وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع في جلسة الأربعاء الماضي بأن قطار الثورة التشريعية منطلق، ولن يتوقف، إلا واصطدم قطار الحكومة والمجلس بدستور 62، لتعلن السلطتان في الأربعاء الأسود وفاته رسمياً، بعد إقرار المجلس تشريعاً يستهدف مجموعة بعينها من السياسيين، ليخرج لنا بقانون أشبه بالإعدام السياسي لبعض المواطنين وحرمانهم من حقي الانتخاب والترشيح مدى الحياة!

هذا القانون ليس شاذاً من عمر هذا المجلس، بل يؤكد سعيه وللأسف لمواصلة حالة الانتقام السياسي باسم التشريع التي مارسها في العديد من القضايا، بدأت تجاه المغردين في شبكات التواصل الاجتماعي بإقرار قانون ذي عقوبات مشددة كتقنية المعلومات رغم وجود قوانين الجزاء وهيئة الاتصالات والمعاملات الإلكترونية المعالجة، واستمر في تعديل قوانين الجمعيات، ومروراً بقانون الرياضة، وصولاً إلى قانون العزل السياسي تجاه من يختلف معه سياسياً!

ألا يخجل بعض ممن أؤتمنوا على حقوق الناس وحرياتهم من أن «يكروتوا» قانوناً بهذه الطريقة وبزمن قياسي لم يتجاوز ساعة واحدة مر فيها على كل اللجان، وربما لم يمر ومن ثم يتم إدخاله الجلسة تحت ذريعة «ما يستجد من أعمال»، ويتم عرضه والتصويت عليه بوقت لم يستغرق العشر دقائق بمداولتين، حتى لا يؤجل لجلسات أخرى، خشية افتضاح أمرهم بسبب ردود الفعل، فيما لو أقر بمداولة أولى، وحتى يكون القانون واقعاً صدر وانتهى، ومن لا يعجبه فأمامه المحكمة الدستورية فهناك طعن مباشر!

وهل يعقل أن تصدر تشريعاتنا بهذه السرعة الجنونية دون بحث ونقاش أو حتى معارضة ناعمة، وكأننا في مطبخ تحضير للأطعمة السريعة، لا في مجلس تشريعي يصدر القوانين التي يعاني ويشتكي منها الناس بعد أن ضاقت بهم السبل لعلاجها؟

أي رؤية تشريعية هذه التي تصل بهم إلى وأد الدستور ووأد سلطاته بتصرفات استغلوا فيها الوكالة التي منحها لهم الشعب، وأخرجوا ما في صدورهم تجاه خصومهم السياسيين على شكل تشريع بشع ومخجل، وليدافع بعضهم وللأسف عنه، مستغلاً ما ورد به من حرمان للمسيئين للذات الإلهية والأنبياء من الانتخاب إثارة للعواطف، وهي عبارات مفضوحة لم توضع إلا لدس السم في العسل!

أقل ما يمكن وصف هذا القانون به هو الفضيحة التي لا تقل عن القانون الفضيحة الذي أصدره المجلس المبطل الأول بإعدام المسيء للذات الإلهية والأنبياء، وهي «فضيحة تشريعية» لو استمرت فستلاحق نواب هذا المجلس عن ارتكابها، وسيشهد التاريخ بأن هذا المجلس لم يخصص الجلسات لمهاجمة خصومه السياسيين من خارج المجلس فقط، بل وأصدر التشريعات التي تنهي حياتهم السياسية أيضاً!

back to top