«التمييز»: القوانين تنفذ بأثر فوري... وتطبيقها بأثر رجعي يهدر المراكز ويعارض الدستور
«طالبت هيئة الإعاقة بالالتزام بعمل المراكز القانونية التي حافظ عليها المعاقون في القانون السابق»
خلا القانون رقم 8 لسنة 2010 الذي اتت نصوصه بصيغة آمرة من نص يتضمن اثرا رجعيا بإعمال احكامه فيما يتعلق بوصف الإعاقة وتحديد نوعها ودرجتها على من كانوا مخاطبين باحكام القانون السابق ممن اكتسبوا هذا الوصف.
أكدت محكمة التمييز الإدارية في حكم بارز لها بالزام الهيئة العامة لذوي شؤون الاعاقة العمل بالمعايير الخاصة بتقييم اعاقة الخاضعين وفق القانون السابق رقم 49 لسنة 1996 وعدم اصدار اي احكام جديدة تكون مقررة لاعاقتهم الثابتة وفقا لمعايير اتى بها التشريع الجديد لما ينطوي عليه ذلك من اهدار لمراكزهم القانونية المكتسبة، بل وحرمانهم مما استحدثته احكام القانون الحالي من حقوق تلبية لاحكام الدستور واتساقا مع ما أكدته المواثيق الدولية.وأضافت «التمييز» في حيثيات حكمها البارز أن القانون رقم 8 لسنة 2010 الذي اتت نصوصه بصيغة آمرة قد خلا من نص يتضمن اثرا رجعيا بإعمال احكامه فيما يتعلق بوصف الاعاقة وتحديد نوعها ودرجتها على من كانوا مخاطبين باحكام القانون السابق ممن اكتسبوا هذا الوصف، ولا تحمل صياغة المادة 70 من القانون ما يناقض هذا المنحى.وقالت إن القانون صدر لمزيد من الرعاية للاشخاص ذوي الاعاقة بما يضمن تمتعهم بالحقوق الاساسية التي كفلها الدستور واكدتها الموالثيق الدولية، ولازم ذلك ان ما حصل عليه هؤلاء من حقوق وفقا لاحكام القانون رقم 49 لسنة 1996المشار اليه يظل قائما ومستمرا مادام مركزهم القانوني مستمرا بل ويتمتعون بما قررته احكام القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار اليه من حقوق بالزيادة على ذلك إعمالا للأثر الفوري المباشر لهذا القانون.
النظام العام
وقضت المحكمة بإلغاء قرار هيئة الاعاقة بعدم ادراج اسم مواطن ضمن كشوف هيئة الاعاقة ومن ضمن الحالات الخاضعة للقانون لكونه معاقا في احدى عينيه وبإلزامها بتسجيله من ضمن الحالات الخاضعة للقانون، وفي ما يلي نص حيثيات حكم «التمييز»:أكدت المحكمة في حكمها أن على «التمييز» «أن تثير من تلقاء نفسها الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم ترد في صحيفة الطعن متى ثبت انه كان تحت نظر محكمة الموضوع عند الفصل في الدعوى جميع العناصر التي تتمكن بها من الإلمام بهذه الاسباب والحكم في الدعوى بموجبها وبشرط ان تكون الاسباب المتعلقة بالنظام العام واردة على ما رفع عنه الطعن، وانه اذا كان سبب النعي مبناه التمسك بقاعدة قانونية فلا يعتبر سببا جديدا، بل يعتبر سببا قانونيا محضا متعلقا بالنظام العام، لان الخصوم بطرحهم دعواهم امام القضاء انما يطلبون اليه الفصل فيها، طبقا لاحكام القانون». وأضافت أنه «من الواجب على القاضي ان يبحث من تلقاء نفسه عن حكم القانون المنطبق على واقع النزاع، وان ينزل هذا الحكم عليه، وان الاصل ان احكام القانون لا تسري الى على ما يقع من تاريخ نفاذه، ولا يترتب عليها اي اثر بالنسبة لما تم قبله من مراكز قانونية سواء في نشأتها او في انتاجها لاثارها او في انقضائها ما لم ينص على خلاف ذلك، الا انه اذا استحدث القانون الجديد احكاما متعلقة بالنظام العام فانها دون حاجة الى نص خاص تحكم الاثار التي تترتب من وقت نفاذه ولو كانت ناشئة عن مراكز قانونية سابقة عليه، وذلك طبقا للاثر الفوري لهذا التشريع». وأوضحت أن «القواعد التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها الى تحقيق مصلحة عامة سياسية او اجتماعية او اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الاعلى، وتعلو على مصلحة الافراد ولازم ذلك ان تدل عبارة النص او اشارته على ان القاعدة القانونية التي اوردها المشرع هي قاعدة آمرة قصد بها تحقيق ما تقدم لما كان ذلك، وكان القانون رقم 8 لسنة 2010 المشار اليه والذي قضى في المادة 70 منه بالغاء القانون رقم 49 لسنة 1996 المشار اليه قد صدر على ما ورد بالمذكرة الايضاحية - نفاذا للمادتين العاشرة والحادية عشرة من الدستور بما ألقته على عاتق الدولة من واجب رعاية النشء وكفالة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل وتوفير خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية».التكافل والتضامن
وتابعت، «وانطلاقا من المفهوم الاسلامي القائم على التكافل والتضامن واعتبار ان رعاية الاشخاص ذوي الاعاقة ليست منة وشفقة بل هي واجب على المجتمع، والتزاما باتجاه الدولة نحو ضمان تمتع الاشخاص ذوي الاعاقة بحقوقهم المدنية والسياسية وانه ترسيخا لهذه الحقوق وتقنينها أدرجها المشرع بالقانون رقم 49 لسنة 1996، وان هذا التدخل المحمود من المشرع لا يغني عن إعادة النظر في القانون ككل وإعادة صياغته في منظومة متكاملة تتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي في مجال تحقيق مزيد من الرعاية للاشخاص ذوي الاعاقة، بما يضمن تمتعهم بالحقوق الاساسية التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية».وقالت «التمييز»، «ويبين من ذلك ان المشرع تغيا بموجب القانون رقم 8 لسنة 2010 تحقيق مصلحة عامة اجتماعية تتمثل في قيام المجتمع بواجبه نحو هذه الفئة بمنحها المزيد من الحقوق المدنية والسياسية والرعاية بما يتوافق مع التطور الحاصل على المستويين المحلي والدولي، ومن ثم يكون متعلقا بالنظام العام وتسري نصوصه- وقد وردت بصيغة آمرة تحقيقا لهذه المصلحة- على المراكز القانونية التي تتكون بعد نفاذه سواء في نشأتها او في انتاجها لاثارها او في انقضائها». وبينت «كما تسري على الاثار المستقبلية التي تترتب على المراكز القانونية السابقة التي نشأت تحت سلطان القانون القديم، بما مؤداه ان المركز القانوني للشخص المعاق والذي اكتسبه في ظل العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 من حيث نوع الاعاقة ودرجتها يظل قائما ومنتجا لاثاره طالما بقيت اعاقته ولم يطرأ عليها - نتيجة للتقدم الطبي- ما يزيلها أن يخفف درجتها بما يستوجب الغاء او انقاص الحقوق المترتبة عليها، ولا تسري عليه احكام القانون رقم 8 لسنة 2010 الا فيما يتعلق بهذه الاثار من حقوق مدنية وسياسية دون اعادة تقييم حالته من الناحية الطبية وفقا لمعايير اخرى مستحدثة ومما يظاهر هذا النظر ما كشفت عنه المذكرة الايضاحية- على ما سلف عرضه- من ان هذا القانون صدر لتحقيق مزيد من الرعاية للاشخاص ذوي الاعاقة بما يضمن تمتعهم بالحقوق الاساسية التي كفلها الدستور وأكدتها المواثيق الدولية».المركز القانوني
وأوضحت المحكمة «ولازم ذلك ان ما كان يحصل عليه هؤلاء من حقوق وفقا لاحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 يظل قائما ومستمرا طالما استمر مركزهم القانوني- بالمفهوم المحدد سلفا- قائما بل ويتمتعون بما قررته احكام القانون رقم 8 لسنة 2010 من حقوق بالزيادة على ذلك اعمالا للأثر الفوري المباشر لهذا القانون - تكون مقررة لإعاقتهم الثابتة ولا يجوز للهيئة المطعون ضدها اعادة تقييم اعاقتهم وفقا لمعايير أتى بها التشريع الجديد لما ينطوي عليه ذلك من اهدار لمراكزهم القانونية المكتسبة، بل وحرمانهم مما استحدثته احكام القانون الحالي من حقوق تلبية لاحكام الدستور واتساقا مع ما اكدته المواثيق الدولية، لا سيما ان القانون رقم 8 لسنة 2010، والذي اتت نصوصه بصيغة آمرة قد خلا من نص يتضمن اثرا رجعيا باعمال احكامه فيما يتعلق بوصف الاعاقة وتحديد نوعها ودرجتها على من كانوا مخاطبين باحكام القانون السابق ممن اكتسبوا هذا الوصف».صريح العبارات
وأشارت إلى أن «صياغة المادة 70 من القانون لا تحمل ما يناقض هذا المنحى بنصها على ان يلغى القانون رقم 49 لسنة 1996 وكل حكم يخالف احكام هذا القانون وتبقى كل القرارات الصادرة تنفيذا له معمولا بها فيما لا يتعارض مع احكام هذا القانون لحين صدور اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذه، اذ يتضح بجلاء من صريح عبارة هذا النص ان ما قصد اليه بالقرارات الصادرة تنفيذا لاحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 هي تلك التي تتضمن قواعد تنظيمية ولا يمكن ان يندرج ضمنها القرارات الفردية الصادرة بشأن الاشخاص الذين انطبقت عليهم احكامه ولا يجوز القول بإلغائها استنادا الى اي تفسير لهذا النص يناقض ذلك لما ينطوي عليه من إهدار للمراكز القانونية المحمية على نحو ما سلف ايضاحه، فضلا عن مخالفته لصحيح تفسير نص المادة 70 المشار اليها وهو ما لا يجوز».وبينت المحكمة «وكان الثابت بالاوراق ان الطاعن صدرت له شهادة اعاقة من المجلس الاعلى للمعاقين عام 2008 ثابت بها ان لديه اعاقة بصرية متوسطة ودائمة منذ الولادة، وانه دخل تحت مظلة القانون رقم 49 لسنة 1996، ومن ثم فانه يكون قد نشأ له مركز قانوني في ظل احكام هذا القانون لا يجوز اهداره ويطبق القانون رقم 8 لسنة 2010 منذ تاريخ العمل به على الاثار المترتبة على هذا المركز وهي الحقوق التي قرر منحها لمن هم في مثل اعاقته دون ان يكون للهيئة اعادة تقييم اعاقته وفقا لاحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 التي استحدثت تعريفا ومعايير اخرى لاعتبار لشخص من ذوي الاعاقة الا ان تكون هذه الاعاقة قد زالت او انخفضت درجتها بما يستوجب الغاء او انقاص الحقوق المترتبة عليها». وتابعت «واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل بشأنه احكام القانون رقم 8 لسنة 2010 وما استحدثه من معايير نافيا عنه وصف المعاق ورتب على ذلك قضاءه بالغاء حكم اول درجة وبرفض الدعوى فإنه يكون قد اخطا في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه لهذا السبب دون حاجة لبحث أسباب الطعن».صلاحية الاستئناف
ولفتت الى ان «موضوع الاستئنافين صالحان للفصل فيهما، ولما تقدم وكان المستأنف ضده في الاستئناف الاول قد اقام دعواه بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم الغاء قرار الجهة الادارية الصادر بناء على قرار اللجنة الطبية بتاريخ 28/11/2011 بعدم اعتباره معاقا وايقاف جميع المميزات الممنوحة له مع ما يترتب على ذلك من اثار أخصها اعتباره معاقا وفقا لاحكام القانون رقم 8 لسنة 2010، واستحقاقه كل المزايا والحقوق التي تصرف للمعاقين وفقا لاحكام هذا القانون اعتبارا من 28/11/2011 بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وبإلزام جهة الادارة ان تؤدي له مبلغ 5001 دينار كويتي على سبيل التعويض المؤقت جبرا للاضرار التي اصابته من جراء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الادارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة الفعلية».وقالت «وحيث ان الثابت بالاوراق ان المستأنف ضده في الاستئناف الاول تحقق بشأنه وصف المعاق وفقا لاحكام القانون رقم 49 لسنة 1996 باعاقة بصرية متوسطة ودائمة، وقد اكتسب بذلك مركزا قانونيا- من حيث نوع الاعاقة ودرجتها- لا يجوز اهداره بنفي هذه الصفة عنه والغاء ملفه الطبي وحرمانه من الحقوق التي تترتب على ذلك الوصف كأثر مستقبلي لمركزه القانوني هذا، والتي تضمنتها احكام القانون رقم 8 لسنة 2010 طالما لم تزايله هذه الاعاقة، وهو ما خلت الاوراق من دليل عليه». تابعت «ولما كان القرار المطعون فيه قد اهدر المركز القانوني فإنه يكون قد خالف القانون بما يتعين معه الغاؤه وما يترتب على ذلك من اثار، ولما كان الحكم المستأنف قد قضى في هذا الشق من الدعوى بالغاء القرار السلبي بالامتناع عن ادراج اسم المستأنف ضده في الاستئناف الاول ضمن فئة المعاقين مع ما يترتب على ذلك من اثار فإنه يتعين تعديله في هذا الشق ليكون بالغاء القرار الصادر من الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة الصادر بناء على قرار اللجنة الطبية بتاريخ 28/11/2011 بإلغاء ملفه الطبي من السجلات الطبية بالهيئة، وما يترتب على ذلك من اثار أخصها اعتباره معاقا وصرف كل الحقوق والمزايا المقررة بالقانون رقم 8 لسنة 2010 لمن لديه نفس اعاقته، وحيث انه عن طلب التعويض فإن الحكم المستأنف في محله للأسباب الصحيحة التي قام عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتعتمدها أسبابا لقضائها».
المحكمة شددت على أن رجعية القوانين تتطلب نصوصاً خاصة من القانون
قانون الإعاقة صدر تلبية لأحكام الدستور والمواثيق الدولية
للمعاقين حقوق مدنية وسياسية... على الدولة ضمانها
قانون الإعاقة صدر تلبية لأحكام الدستور والمواثيق الدولية
للمعاقين حقوق مدنية وسياسية... على الدولة ضمانها