بعد خلاف دام 6 سنوات إثر مقتل عشرة أتراك على متن سفينة حاولت كسر حصار قطاع غزة، أعلنت تركيا رسمياً أمس إعادة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، تزامناً مع تأكيد الكرملين أن الرئيس رجب طيب إردوغان اعتذر عن إسقاط الطائرة الروسية على الحدود السورية- التركية، ووعد بفعل ما بوسعه لإصلاح العلاقات بين أنقرة وموسكو.

وبينما أعلن بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي في روما، تفاصيل الاتفاق مع تركيا، والذي يتضمن «تخفيفاً جزئياً» لمعاناة سكان قطاع غزة رغم إبقاء الحصار البحري عليه، ألقى رئيس الحكومة التركية بن علي يلديريم كلمة بهذه المناسبة.

Ad

وأكد نتنياهو، الذي يلتقي في العاصمة الإيطالية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أن التقارب ستكون له «انعكاسات إيجابية كبرى على اقتصاد إسرائيل» التي تبحث عن أسواق لاحتياطيات الغاز التي بدأت استثمارها في البحر المتوسط، لافتاً إلى أن الحصار البحري المفروض على قطاع غزة سيستمر.

وأضاف أن الجانبين يبحثان حالياً تبادل السفراء، حيث «إننا قوتان كبيرتان في المنطقة، والقطيعة بيننا لا تخدم مصالحنا المشتركة»، مضيفاً أن «العالم والشرق الأوسط في حالة اضطراب، وهدفي خلق نقاط رئيسية للاستقرار في المنطقة المضطربة والعاصفة».

من جانبه، قال رئيس الحكومة التركية إن مستشار الخارجية ونظيره الإسرائيلي سيوقعان (اليوم) هذا الاتفاق، لافتاً إلى أنه يشمل دفع 20 مليون دولار تعويضات لأقارب ضحايا السفينة «مافي مرمرة»، في مقابل إسقاط أنقرة الاتهامات الجنائية ضد الجنود الإسرائيليين.

وأوضح أنه سيتم السماح لتركيا بإرسال مساعدات إلى غزة عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، والاستثمار في مشروعات للبنية التحتية كإنشاء مشافٍ ومحطات للكهرباء وأخرى لتحلية مياه الشرب، مشيراً إلى أن أول سفينة مساعدات ستنطلق يوم الجمعة المقبل، وعلى متنها أكثر من 10 آلاف طن من المساعدات.

في موازاة ذلك، أجرى الرئيس إردوغان اتصالاً هاتفياً مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مساء أمس الأول «ليضعه في صورة» الاتفاق، بعدما التقى إردوغان الجمعة الماضية في إسطنبول رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل الذي يقيم في الدوحة.

وكانت تركيا حليفة إقليمية كبرى لإسرائيل حتى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة، لكن علاقاتهما تدهورت تدريجياً قبل أن تنخفض بشكل كبير في 2010 إثر هجوم وحدة إسرائيلية على السفينة «مافي مرمرة» وقتلها 10 أتراك، تلاه تقديم إسرائيل اعتذاراتها في 2013 لكن التوتر عاد مجدداً في السنة التالية بسبب هجوم إسرائيلي جديد على غزة.

ويمثل اتفاق أمس تسوية جزئية لأحد الشروط الثلاثة التي كانت أنقرة اشترطتها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، والذي كان عائقاً أمام الاتفاق السابق، بعدما تمت تلبية المطلبين الآخرين جزئياً، بالاعتذار العلني عن الهجوم على «مافي مرمرة»، ودفع تعويضات مالية لأهالي الضحايا.

وفي المقابل، تعهدت تركيا بمنع «حماس» من تنفيذ أي أنشطة ضد إسرائيل على أرضها مع الإبقاء على تواجد دبلوماسي لها.

وتعرض نتنياهو لضغوطات في إسرائيل لعدم الموافقة على الاتفاق ما لم يتضمن ضغوطاً على «حماس» لتسليم جثتي جنديين إسرائيليين قتلا في الحرب على غزة عام 2014، وآخرين محتجزين لدى الحركة يعتقد أنهما على قيد الحياة، في وقت أكد مسؤول إسرائيلي أن إردوغان وافق على توجيه تعليمات إلى جميع الوكالات التركية المعنية للمساعدة في حل هذه القضية.

ولاحقاً، أعلن الناطق الصحافي باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الرئيس فلاديمير بوتين تلقى رسالة من نظيره التركي اعتذر فيها عن مقتل الطيار الروسي قائد قاذفة «سوـ 24» التي أسقطها سلاح الجو التركي في نوفمبر الماضي، مشيراً إلى أنه أعرب في رسالته عن استعداد أنقرة لإعادة تطبيع العلاقات مع روسيا.