أثار تقرير صادر عن مؤسسة "كيو أس-QS Worldwide university ranking guides" الخاصة بترتيب الجامعات في العالم، والذي أظهر أن ترتيب جامعة الكويت عالميا هو 701، وأن ترتيبها عربياً هو 24، استياء لدى فئات كثيرة من المجتمع الكويتي. خاصة أن جامعة الكويت هي الجامعة الحكومية الوحيدة، وأنها تحظى بميزانية سنوية وصلت إلى قرابة 458 مليون دينار، وفق ميزانية 2013-2014، أي ما يزيد على مليار ونصف المليار دولار. فإذا ما عُرف أن جامعة الكويت تأسست عام 1966، وأنها قطعت نصف قرن في العملية التعليمية، فإن الأمر يصبح بحاجة إلى كثير من التفسير، خاصة أن جامعات عربية حكومية وأهلية أحدث عهداً منها بكثير جاءت سابقة لها في التقرير.

التقرير الذي يظهر أن جامعة الكويت تقدمت ستة مراكز عما كانت عليه في السابق، وبما يُعد تقدماً طفيفاً، لكن التقرير يشير إلى ضعف مستوى التعليم إن على صعيد أعضاء هيئة التدريس أو على مستوى الطلبة. علماً بأن معايير التصنيف تتخذ من عدد الأساتذة الأجانب أحد المعايير التي يُنظر إليها، وكذلك عدد الابحاث التي ينجزها مجمل الأساتذة، إضافة إلى طبيعة وعلاقات التعاون بين الجامعة والجامعات العربية والعالمية.

Ad

إن وقوفاً عند آراء بعض الزملاء الدكاترة العاملين في جامعة الكويت يظهر ما يشبه اتفاقاً على ضعف مستوى الطالب، في مختلف الكليات. وهذا يرجع اساساً إلى ضعف مخرجات التعليم المدرسي وطبيعة المناهج المدرسية في مختلف المراحل الدراسية. وكذلك ما عاد خفيا انتشار ظاهرة الغش، فضلا عن الشهادات المزورة التي من المحتمل أن يكون قد تسرب جزء منها للهيئة التدريسية في الجامعة.

هناك من يرى ارتباطاً وثيقاً بين التعليم والثقافة، وأن المتعلمين أقدر على التواصل مع النتاج الفكري والإبداعي والثقافي محلياً وعربياً وعالمياً. لكن هناك وجهة نظر أخرى ترى أن التحصيل والشهادة الجامعية قد لا يشكلان معياراً صحيحاً لثقافة الإنسان وسعة اطلاعه ووعيه تجاه أمور الحياة. وأن الكثير من المتعلمين في بعد كبير عن أي نشاط فكري أو أدبي أو فني.

إن تقدماً مأمولاً في مستوى التعليم لابد أن يمر على الأسرة والمدرسة، فهما الحضن الأول الذي يتربى فيه الإنسان. وعلى قدر ما يولي كل منهما للعلم والتعلم أهمية بقدر ما نجد أجيالاً تؤمن بالعلم وتتخذ من التعلم وسيلة للحياة. لذا فدولة الكويت مدعوة أساساً إلى إعادة النظر في المناهج الدراسية؛ بدءا بمرحلة رياض الأطفال مروراً بمختلف المراحل، وصولاً إلى الجامعة. خاصة أن العالم العربي يمر بظرف سياسي واقتصادي واجتماعي حرج جداً. يتطلب بالضرورة رؤية تتفهم هذا الظرف وتدرس أبعاده، وتعد المواطن

الكويتي وكل من يتواجد على أرض الكويت لمواجهته في القادم من الأيام.

العالم يعيش ثورة المعلومات، ويعيش من جهة أخرى تواصلاً ووصلاً بين مختلف شعوب الأرض. وهناك سيل متدفق ومستمر من المعلومات في مختلف تخصصات العلوم النظرية والعملية. مما يعني ضرورة أن يقف الإخوة المسؤولون في جامعة الكويت أمام ما جاء في التقرير، وتشكيل فريق عمل لتفنيد كل عناصره بغية إعادة النظر في النقاط السلبية التي أشار إليها، والعمل بشكل علمي ممنهج على تجاوز نقاط الضعف، تمهيداً لتقديم مستوى أفضل، وبما يعيد الثقة في العملية التعليمية بالكويت.

إن عالماً صار يوصف بأنه قرية كونية، يتيح لنا فرصة الوقوف على منجزات الآخر المتغيرة والمتطورة لحظة بلحظة، وهو إلى جانب ذلك يفرض علينا أن نرتقي بأدائنا العلمي والبحثي لما يتناسب والمتغيرات الفكرية والعلمية والأدبية في العالم، وبانتظار جهد جامعة الكويت ليس لنا إلا أن نحمل شيئاً من التفاؤل.