لم يضيع حسن رمزي الوقت، بل ضرب موعدا لكمال الشناوي في اليوم التالي، لمقابلة المخرج محمود ذو الفقار، للاتفاق على بقية التفاصيل، وتوقيع العقد، غير أن كمال ذهب إلى الموعد، وقد عدل عن رأيه في قبول الدور الذي عرضه عليه المنتج، بعد الاتفاق مع المخرج، وفاجأهم بطلبه:- أنت بتقول أيه يا كمال؟... دور عباس أبوالدهب... مش ممكن.
* أنا شايف أن الدور ده هو الأنسب بالنسبة لي.- إزاي الكلام ده... دور عباس أبوالدهب هايعمله الأستاذ زكي رستم. * يا أستاذ محمود، مع احترامي الكامل للأستاذ زكي رستم، وهو ممثل قدير وكبير وماحدش يقدر ينافسه في أدوار الشر، لكن أنا حاسس إن الدور بيناديني أنا... الدور فيه تفاصيل صغيرة مهمة جدا، أنا بأفكر فيها من إمبارح.- بس الدور فيه مرحلة المفروض إن عباس هايكون رجل عجوز عدى الستين من عمره.* ما إحنا متفقين إن المكياج يعمل المستحيل.- أيوا فاهم، لكن المسألة مش بس مكياج وشكل.* بلاش تشك في ذكائي يا أستاذ محمود.- أبداً والله... بس أنا مشفق عليك من الدور ده.* خلينا نشوف وأنا واثق إنك مش هاتندم.استطاع كمال الشناوي أن يقنع المخرج محمود ذو الفقار، والمنتج حسن رمزي، بأن يقوم هو بدور "عباس أبوالدهب"، فتم إسناد دور الابن للفنان شكري سرحان، وشاركهما شادية وعماد حمدي، زهرة العلا، نجمة إبراهيم، سهير البابلي، والطفل محمد حسن رمزي، في فيلم "المرأة المجهولة" عن المسرحية العالمية "مدام اكس" سيناريو وحوار محمد عثمان ومحمود ذو الفقار، إخراج محمود ذو الفقار.وما إن انتهى من تصوير فيلم "ارحم حبي" مع المخرج هنري بركات، حتى بدأ على الفور تصوير "المرأة المجهولة"، بل وأخذ كل وقته وشغل كل تفكيره، لدرجة أنه رفض أن يقوم بتصوير أي أعمال أخرى إلى جانبه، بعد أن كان يصور في اليوم مشاهد لثلاثة أو أربعة أفلام، حيث حرص على أن يتفرغ تماما للدور، حتى عندما بدأ المخرج هنري بركات يحضر لفيلم "دعاء الكروان" ويجري بروفات عليه مع فاتن حمامة وزهرة العلا وأمينة رزق، راح كمال يؤجل حضور البروفات، مؤكدا له أنه سيكون جاهزا في موعد التصوير، ما جعل بركات يغضب، حتى فاجأته زوجته وهما يتناولان الإفطار بخبر منشور في الصحف، يؤكد أن المخرج هنري بركات بدأ تصوير فيلم "دعاء الكروان" بطولة فاتن حمامة وأحمد مظهر!المصيرنظر كمال الشناوي للخبر، وامتعض وجهه، ثم ابتسم ابتسامة ساخرة، ولم يعلق، كما قرر ألا يفاتح هنري بركات في الأمر، وسبب استبعاده من بطولة "دعاء الكروان"، واختياره للفنان أحمد مظهر بدلا منه، فقد أدرك أن الخطأ خطأه، لأنه انشغل كثيرا بشخصية "عباس أبوالدهب" في فيلم "المرأة المجهولة"، ونسي تماما "دعاء الكروان"، رغم أنه تقاضى "عربونا" عن الدور، لذا التزم الصمت، ولم يحاول معرفة سبب استبعاده.لم يترك كمال الشناوي مصيره بأيدي المنتج أو المخرج، بل بدأ يستشعر أهمية الأدوار التي يقدمها، ليس من أجل تحقيق الربح، لكن ليختار الفيلم الذي يتحمس له، حتى إنه بدأ يستنكر كيفية اختيار الموضوعات وطرق كتاباتها، وهو ما أكده له ذلك المشهد الذي شاهده لأول مرة، عندما طلب منه المخرج والمنتج حلمي رفلة، أن يذهبا معا إلى مقهى "صفية حلمي" في ميدان الأوبرا، وهناك التقيا الكاتب أبوالسعود الإبياري، وكان حوله ثلاثة مخرجين ينتظر كل واحد منهم دوره ليتسلم الأوراق التي تكفي لتصوير اليوم، فلم يكن يتوافر سيناريو بالمعنى المتعارف عليه، والأفلام، في معظمها، عبارة عن "حواديت" يصوغها أبوالسعود الإبياري، وربما ذلك ما جعل كمال يفكر في كتابة بعض الأفكار والقصص التي يمكن تحويلها إلى سيناريوهات أفلام، فكتب قصة وسيناريو فيلم "سامحني"، وتحمس لإنتاجه، وعهد بكتابة الحوار لكامل الحفناوي، واشترك في كتابة السيناريو وأخرج الفيلم حسن رضا، وشاركه في بطولته سميرة أحمد وكريمان، وعمر الحريري، وعبدالمنعم إبراهيم، بعده قدم كمال الشناوي فيلم "حبي الوحيد" قصة صبري عزت، والذي اشترك في السيناريو والحوار مع علي الزرقاني، إخراج كمال الشيخ، أمام عمر الشريف ونادية لطفي، وعبدالمنعم إبراهيم، وشويكار، والفنان الكبير فتوح نشاطي، ثم فيلم "أقوى من الحياة" تأليف وإخراج محمد كامل حسن المحامي، والذي شارك بالتمثيل أمام كمال الشناوي وعماد حمدي، ومريم فخرالدين، ونجمة إبراهيم، وعبدالمنعم إبراهيم، وفاخر فاخر.كانت الأفلام الثلاثة الأخيرة لا تمثل فقط نقلة في اختيارات كمال الشناوي، بل كانت أيضا نقلة نوعية في أدائه من خلالها، وهو ما جعله يتمرد على ما قدمه له السيد بدير:- قوللي بس اللي مش عاجبك في السيناريو وأنا أغيره.* كله يا أستاذ... الفيلم كله مش عاجبني.- أيه الكلام ده يا كمال؟* يا أستاذ سيد أنت من أعظم كُتاب السيناريو في السينما المصرية... إن ماكنتش أعظمهم على الإطلاق، لكن الجمهور مل الحواديت المتكررة دي... أنا حاسس إني قدمت الكلام اللي في السيناريو ده في عشرة أفلام على الأقل قبل كده.- ماهي الحاجات دي اللي بتعجب الجمهور، بدليل أنها نجحت في العشر مرات اللي قبل كده.* بس ده مش على حساب اسمي يا أستاذ... الجمهور ممكن يهرب مني لما يلاقيني بأكرر نفسي.- أيوا، بس المنتج عمل حسابه وبنى الديكور.. كده هايخسر كتير. * مش ذنبي... ده ذنبكم أنتوا. عندما أصر على الرفض، روى له رواية أخرى مقتبسة من مسرحية "عمة تشارلي" لبراندون توماس، ليقدمها إنقاذا للموقف، فاقتنع كمال الشناوي بها، وعهد السيد بدير بكتابتها لأبوالسعود الإبياري، الذي كتبها في فيلم بعنوان "سكر هانم"، من إخراج السيد بدير، وشاركه البطولة سامية جمال، وكريمان، عمر الحريري، حسن فايق، عبدالفتاح القصري، زوزو ماضي، ورشح كمال صديقه الفنان خفيف الظل عبدالمنعم إبراهيم، ليقوم بدور "سكر هانم"، والذي وضعه بقوة في مرتبة النجوم، رغم وجوده في الأدوار الثانية.
تنوع مقصود
حرص كمال أن يكون هناك تنوع فيما يقدم من أفلام، بحيث لا يحسبه الجمهور أو النقاد على شكل أو لون درامي محدد، فتنوعت أدواره خلال هذه المرحلة مع مطلع الستينيات، بين الرومانسية والكوميديا والميلودراما، والبوليسي أو ما يمكن أن يطلق عليها أفلام الحركة، فقدم الرومانسية في أفلام "العاشقة" سيناريو وحوار محمد عثمان، إخراج السيد زيادة، أمام هدى سلطان، حسين رياض، عباس فارس، زوزو ماضي، عبدالسلام النابلسي، والطفلة هالة فؤاد، وفيلم "معا إلى الأبد" قصة وحوار نيروز عبدالملك، سيناريو وإخراج حسن رمزي، أمام شادية وعبدالمنعم إبراهيم، كريمان، محمود المليجي، وكمال ياسين، فيلم "غراميات امرأة" قصة وسناريو وإخراج طلبه رضوان، حوار عبدالمنعم مدبولي، أمام سميرة أحمد وسعاد حسني، أحمد رمزي، وعبدالمنعم إبراهيم، فيلم "ثلاثة رجال وامرأة" قصة نيروز عبدالملك، سيناريو وحوار السيد بدير ونيروز عبدالملك، إخراج حلمي حليم، أمام صباح وسعاد حسني وعبدالسلام النابلسي، ولأول مرة المذيع أحمد فراج، زوج صباح، ليعود بعدها إلى الميلودراما مع حسن الإمام من خلال فيلم "زوجة من الشارع" سيناريو وحوار محمد عثمان، وإخراج حسن الإمام، أمام هدى سلطان، عماد حمدي، نادية الجندي، وعبدالعليم خطاب، وقبل أن ينتهي تصوير الفيلم كان الفنان عماد حمدي وقع في حب الممثلة الشابة نادية الجندي، وقرر الزواج منها، بعد أن طلق الفنانة شادية.فيما يصور كمال بعض المشاهد الخارجية من فيلم "زوجة من الشارع" في صحراء الهرم، وإذ برجل يركب حصانا من أهالي منطقة "نزلة السمان" يأتي إليه ليخبره بأن الفنانة ماجدة تطلبه على الهاتف، وأنه جاء ليصحبه، لأنها ستتصل به ثانية وتريده على الفور.دهش كمال من هذا الموقف، وظن في البداية أنه مقلب مما اعتاد عليه من بعض الأصدقاء، غير أن الرجل أكد له صدق حديثه، فاستأذن من المخرج حسن الإمام وركب الحصان مع الرجل حيث الهاتف، وما إن وصل حتى دق جرس الهاتف مجددا، فقام بالرد، وإذ به يفاجأ من طلبها:* أيوا بس عارف أنكم صورتم عدد كبير من مشاهد "المراهقات".- هانعيد كل المشاهد اللي صورها رشدي تاني... أنا مش ممكن اشتغل مع الراجل ده... ده مش ملتزم، وهايخرب بيتي، أنا خلصت الميزانية كلها قبل ما اخلص تلت الفيلم.* أنا مقدر طبعا موقفك... بس صدقيني مش هاينفع... ماينفعش يبقى رشدي صور تلت الفيلم وأدخل اشتغل مكانه.- أنا واثقة أنك هاتعمل الدور أحسن منه.* ولما أنت واثقة كده ما كنت قدامك من الأول.- دي غلطة، وأنا بادفع تمنها.* وأنا آسف رشدي صديقي وماقدرش أعمل كده مع صديق،رغم استياء كمال من موقف ماجدة، إلا أنه حرص على البحث عن رشدي، ودبر لقاء بينه وبين ماجدة، واستطاع بالفعل أن يزيل سوء التفاهم بينهما، ليعود رشدي ويستأنف تصوير "المراهقات". بعد الميلودراما عاد كمال الشناوي مجددا إلى الكوميديا، من خلال فيلم "حب وعذاب" قصة وحوار أبوالسعود الإبياري، سيناريو وإخراج حسن الصيفي، أمام مها صبري، حسن فايق، عبدالمنعم إبراهيم، نجوى سالم، وميمي جمال، ليطلبه بعده المخرج والمنتج والمؤلف حسين حلمي المهندس، ليقوم ببطولة فيلم "تحت سماء المدينة"، الذي يدور حول "سعاد ومنى وبسيمة" ثلاث فتيات لكل منهن قصة، وتسوقهن الأقدار لتتشابك علاقتهن فيما بينهن، وهو من تأليفه وإخراجه، ورشح للبطولة أمامه إيمان، أميرة أمير، حسين رياض، توفيق الدقن، نجوى فؤاد، محمد عبدالمطلب، والوجه الجديد ناهد شريف، التي وجدت في الفيلم الفرصة التي تحلم بها، وهي الوقوف أمام فتى أحلامها كمال الشناوي، لتنجح في وضع اسمها على خريطة نجمات السينما.طريق الدموع
بعد رحيل أنور وجدي، قرر كمال الشناوي أن يقدم حياة ومعاناة أنور وجدي في فيلم أطلق عليه اسم "طريق الدموع"، ليجسد هو دور أنور وجدي، فكتب القصة السينمائية، وقرر إنتاج الفيلم، وأسند مهمة الإخراج إلى حلمي حليم. كانت الفكرة بدأت تداعب خيال كمال الشناوي بمجرد رحيل أنور وجدي عام 1955، لكنها لم تر النور إلا بعد ذلك بقرابة 6 سنوات، حيث يتمنى أن يجمع في الفيلم بين أشهر زوجتين ارتبطتا بأنور وجدي "ليلى مراد وليلى فوزي"، لكن ليلى مراد رفضت أن تعود للتمثيل، وتشارك في تقديم حياة أنور وجدي على شاشة السينما، فيما رحبت ليلى فوزي، لكنه فوجئ بأسرة أنور وجدي ترسل له إنذارين للتوقف عن إنتاج الفيلم، إلا أنه رفض ذلك بدعوى أن حياة الفنان الراحل ليست ملكا لأفراد أسرته، إنما أصبحت ملكا للتاريخ، لهذا لم يتوقف عن إنتاج الفيلم ولم يعبأ بتوالي الإنذارات، وقال إن الجمهور والوسط الفني كله يعلم قصة حياة أنور وجدي، ويعلم الحديث الذي دار بينه وبين الفنانة زينب صدقي، عندما كان أنور لا يزال ممثلا مغمورا، وكانا يتحدثان عن الصحة والفلوس، فرفعت زينب يديها إلى السماء وصاحت: - الصحة ولا مليون جنيه من عندك يا رب.فرفع أنور يديه إلى السماء وهتف بصوت عال: - طب اديني سرطان ومليون جنيه يا رب.كل ما فعله كمال الشناوي أن أسند دور ليلى مراد إلى صباح، وحرص كاتب السيناريو والحوار السيد بدير على ألا يذكر الأسماء صراحة، فأصبح أنور وجدي هو "أشرف حمدي" وليلى مراد صارت "سامية فؤاد" وليلى فوزي صارت "سامية فتحي"، كما تعمد أن يمنح دور ليلى فوزي مساحة أكبر حتى يتجنب العديد من المواقف في حياة ليلى مراد، وأسند دوره الحقيقي إلى صديقه الفنان عبدالمنعم إبراهيم.انتهى تصوير الفيلم وعرض، غير أنه لم يحقق النجاح الجماهيري المرتقب وكان تفسير كمال الشناوي لهذا الإخفاق أن الناس شاهدت الفيلم وهي تتوقع أحداثه، فلم يكن هناك ما يستحق أن يترقبه الجمهور، وهو يعلم تماما أن البطل سوف يطلق المطربة، ويتزوج الممثلة الحسناء، ثم يموت في سويسرا ويعود في صندوق داخل الطائرة. ورغم وجاهة ومنطق كمال الشناوي، لكن الفيلم فشل جماهيريا، لأنه لم يكن صادقا بما فيه الكفاية وهو يقدم حياة أنور وجدي، فقد أخفى أشياء، وباح بأشياء، فلم يعرف الناس الصدق من الزيف!رؤوف علوان
رغم الخسارة التي مُني بها من خلال فيلم "طريق الدموع"، فإن هذا لم يثنه عن مواصلة الإنتاج السينمائي، فكون شركة جديدة مع شقيقه عبدالقادر الشناوي، وقدما من خلالها فيلم "أيام بلا حب"، قصة وسيناريو وحوار فايق إسماعيل، إخراج حسام الدين مصطفى، ولعب فيه دور البطولة أمام نادية لطفي، محمود السباع ويوسف شعبان، غير أن نجاح هذا الفيلم عوضه عن خسائر "طريق الدموع" المادية، والفنية أيضا، فما إن عرض الفيلم حتى فوجئ بالمخرج كمال الشيخ يطلبه للقيام بدور صغير، أمام شادية وشكري سرحان، فتردد في البداية، غير أنه وافق على الفور عندما عرف أنه فيلم "اللص والكلاب" المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الكبير نجيب محفوظ، غير أن أهميتها تكمن في أنها أولى الروايات التي كتبها عام 1961 بعد "أولاد حارتنا"، وحاول فيها أن يجيب عن عشرات الأسئلة التي كان الواقع يطرحها، واعتمدت على حادثة حقيقية نشرتها الصحف عام 1960 باسم قضية "محمود أمين سليمان" الذي لقب بـ"السفاح."رفض المنتج جمال الليثي ترشيح كمال الشناوي لهذا الدور الذي رشحه له المخرج كمال الشيخ، بحجة أنه لن يكون مناسبا له، غير أن المخرج كمال الشيخ هدده بأنه إذا لم يلعب كمال الشناوي هذا الدور، فسينسحب من الفيلم، رغم أنه كان بدأ بالفعل التصوير، فرضخ جمال الليثي لاختيار كمال الشيخ، ليجسد الشناوي شخصية "رؤوف علوان"، الصحافي المثقف المناضل القديم، والانتهازي الحديث، فشكّل الدور وجهاً جديداً ومختلفاً لموهبته المدهشة، وحقق فيه نجاحاً أكبر، حيث اعتبر كمال شخصية "رؤوف علوان" بداية الأدوار التي كان يبحث عنها وتستهويه، فيه معاناة وفكر وانفعالات داخلية، فعلى رغم مساحته الصغيرة قبله واستفاد من خبرته في عالم الصحافة في أداء الشخصية، إذ ربطته صداقة بعشرات الصحافيين، وكان يتردد على دار "أخبار اليوم"، فضلا عن هواية الكتابة الصحافية منذ كان طالباً وأصدر مجلة "الجرس"، وكان يحرر عموداً أسبوعياً في مجلة "دنيا الفن" تحت اسم "ع الماشي" ثم "خمسة دردشة".لم يتوقع جمال الليثي كل هذا النجاح الذي حققه الفيلم، وما حققه كمال الشناوي من نجاح مضاعف فيه، استحق عليه مثل بقية أبطال الفيلم العديد من الجوائز في الداخل والخارج، بل إن كمال الشناوي قدم من خلاله للسينما الوجه الجديد سمير صبري، حيث لعبت الصدفة دورا محوريا في تقديمه للسينما، عندما كان مصاحبا للفنانة لبنى عبدالعزيز في زيارتها لبلاتوه لتهنئة الفنانة شادية، وقتها فوجئ المخرج كمال الشيخ بغياب أحد الممثلين لدور ثانوي، فاقترح كمال الشناوي على كمال الشيخ أن يلعب سمير صبري الدور، فكانت بداية احترافه التمثيل. ناهد شريف
الاسم الحقيقي للفنانة ناهد شريف هو سميحة محمد زكي النيال، وهي قاست منذ طفولتها كثيرا، فمع رحيل الأم اختفت الفرحة والابتسامة من حياتها، وحل بدلا عنهما إلى جانب شعور اليتم، حزم وصرامة والدها ضابط الشرطة، الذي كان يخشى على فتاته الصغيرة، فمنع خروجها من المنزل، إلا أنه غمرها بحبه، لكنه سرعان ما رحل هو الآخر، لتعاني مرارة اليتم والحرمان بفقدان الأم والأب، وعمرها لم يتجاوز بعد 14 سنة، فبات أمل الطفلة أن تعمل لتنفق على شقيقتها المعوقة، فسعت إلى أن تحقق حلمها في أن تصبح مطربة مشهورة، فاختارت لنفسها اسم "ناهد شريف"، وجاءت البداية بعدما تعرف عليها مدير التصوير وحيد فريد، فقدمها للفنان عبدالسلام النابلسي، الذي اختار أن يجعل منها ممثلة لا مطربة، فمنحها دورا صغيرا في فيلم ''قاضي الغرام''، في نهاية الخمسينيات، ثم شاركت في فيلم ''حبيب حياتي''، وفي عام 1959 عندما بلغت من العمر سبعة عشر عاما خرجت من عزلتها بعد أن استقر رأيها على الاشتغال بالتمثيل السينمائي، ليكون اسمها قابلا للشهرة، مثل كثيرات ممن سبقنها في هذا المجال، وحينما أصرت ناهد على طريقها ورحبت بعروض المنتجين، قرر عمها إقامة دعوى قضائية ضدها يطالب بمنعها من العمل، بحجة أنها قاصر لا تملك من أمرها شيئا، وقد بقيت الدعوة مُعلقة بساحات القضاء لفترة من الزمن، فسارعت بالاتصال بالمخرج حسين حلمي المهندس، ليقنع عمها باستمرارها في التمثيل، وبالفعل استطاع إقناع عمها بالتنازل عن دعوته، بأن تقدم بطلب يدها للزواج.
البقية الحلقة المقبلة