خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد لا يخدم بالضرورة مصالح المرشح الجمهوري المفترض دونالد ترامب.

هذا ما كشفته استطلاعات الرأي التي جرت أخيرا في الولايات المتحدة، وكذلك غالبية التعليقات التي صدرت سواء من معلقين استراتيجيين او من قيادات سياسية جمهورية او ديمقراطية في الأيام القليلة الماضية.

Ad

ولعل المفاجأة السياسية التي استحوذت على معظم التعليقات، تمثلت في تسريب مصادر مسؤولة في حملة ترامب عن نيته التراجع عن دعوته حظر دخول المسلمين الى أميركا.

وأضافت تلك المصادر أن الحظر قد يقتصر على أولئك القادمين من بلدان لها تاريخ في النشاطات الارهابية او حتى الى تشديد إجراءات التدقيق بهويات بعض الاشخاص، دون فرض حظر شامل على كل القادمين من تلك البلدان!

تقود تلك التسريبات الى البحث في أسباب تراجع ترامب عن تهديداته بحق المسلمين، بينما تقول معلومات اخرى إنه قد يتراجع حتى عن دعوته إلى بناء الجدار مع المكسيك، علما انه كان أول من علق على فشل تصويت المحكمة العليا على قانون الهجرة الذي أرسله الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أبقى قرار محكمة أقل درجة في ولاية تكساس ساري المفعول بالنسبة الى مستقبل أكثر من أربعة ملايين مهاجر غير شرعي.

ترامب قال انه لا يؤيد ترحيل 11 مليون مهاجر ولا يتصور نفسه قادرا على دعم تقسيم العائلات، ما اعتبر اوضح إشارة من قبله حول مستقبل تعامله مع قضية المهاجرين.

"إنها نتائج استطلاعات الرأي"... هكذا جاءت معظم التعليقات، بعدما ظهرت النتائج السلبية لسياساته الممتدة منذ ما قبل ردود فعله على هجوم اورلاندو الى تعليقاته على تصويت البريطانيين.

فقد أظهر استطلاع مشترك للرأي أجرته صحيفة "واشنطن بوست" و"محطة اي بي سي"ان كلينتون تتقدم بنسبة 51 في المئة من أصوات الأميركيين المسجلين في قيود الانتخاب مقابل 39 في المئة لترامب.

كما اظهر أن 70 في المئة من الاميركيين يتوجسون من حكم ترامب، وهي نسبة لم تتغير منذ أكثر من ستة أشهر، في وقت اعتبر 64 في المئة ان ترامب ليس مؤهلا ليكون رئيسا بارتفاع ست نقاط من شهر مايو الماضي، كما اعتبر 68 في المئة ان هجوم ترامب على القاضي من اصول لاتينية الذي يحكم في ملف جامعته الخاصة يمثل عملا عنصريا.

حتى الاستطلاعات التي تجريها بعض المؤسسات المحسوبة على الجمهوريين أظهرت ان كلينتون تتفوق على ترامب في غالبية القضايا، حتى في الاقتصاد، الميدان الذي يعتقد ترامب أن لديه أفضلية فيه.

وأكثر ما لفت المراقبين هو انعدام ظهور قيادات جمهورية رئيسية في أي نشاط سياسي أو انتخابي لترامب في الأسابيع القليلة الماضية، بل على العكس امتنع زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل عن إعطاء رأيه عما إذا كان ترامب مؤهلا ليكون رئيسا، تاركا الامر لترامب كي يقنع الأميركيين بذلك!

في المقابل، تحركت حملة كلينتون بشكل نشيط في الايام الماضية، في الوقت الذي تتوالى فيه التخمينات حول هوية "نائبة الرئيسة" المحتملة، بعد ظهورها مع عضوة الكونغرس اليسارية اليزابيت وارين في حملة حاشدة في ولاية أوهايو أمس الأول، شنتا فيها هجوما كبيرا على ترامب.

وفي حين تكاد إطلالات كلينتون لا تخلو من وجوه سياسية ديمقراطية بارزة، ظهر واضحا تبنيها للكثير من طروحات منافسها بيرني ساندرز، سواء في قضية العلاقة مع "وول ستريت" او شارع المال، او في رفع الحد الادنى للاجور الى 15 دولارا في الساعة او في قضية "برنامج واحد لطبابة موحدة"، وصولا الى اعادة دعم الاستثمارات والمشاريع الإنتاجية الأميركية الصغرى والمتوسطة لتحفيز النمو ودعم مداخيل الطبقتين الوسطى والصغرى.

وتقول أوساط الحزب الديمقراطي إن مؤتمر الحزب الذي سينعقد بعد أقل من شهر سيحمل العديد من المفاجآت السياسية.

وتبني العديد من طروحات ساندرز لن يقتصر على شعارات الحملة الانتخابية لكلينتون، بل سيتحول الى مشاريع وبرامج للحزب في المرحلة المقبلة، سواء فازت كلينتون في نوفمبر المقبل او فشلت.

وإذ تنتظر حملة كلينتون انضمام ساندرز إليها، أظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة الـ20 في المئة من مؤيديه الذين أعلنوا استعدادهم للانضمام الى حملة ترامب بسبب غضبهم من كلينتون ومن المؤسسة السياسية، تراجعت الى أقل من 8 في المئة، في مؤشر على نجاح ساندرز في الحصول على تنازلات مهمة لمصلحة شعاراته، وتنامي الشعور بالخوف من إمكانية نجاح ترامب في أن يصبح رئيسا.