حذرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، أمس، من أن بريطانيا، وبعد قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، لن تتمكن من انتقاء الاحتفاظ بامتيازاتها مع التخلي عن كل واجباتها، مشددة على أنه لن يكون هناك تهاون أو محاباة خلال مفاوضات الخروج، ومؤكدة أن الاتحاد الاوروبي قوي بما فيه الكفاية لتجاوز خروج بريطانيا وتجاوز هذه المسألة.

وقالت ميركل في كلمة أمام مجلس النواب الألماني (البوندستاغ): "سنحرص على ألا تكون المفاوضات على أساس الانتقاء وفقاً لمبدأ قطف الكرز (المحاباة)، من يخرج لا يمكنه توقع زوال واجباته والاحتفاظ بامتيازاته"، لكنها أكدت أن لندن سوف تظل شريكاً مهماً في حلف شمال الأطلسي.

Ad

وأشارت المستشارة الألمانية الى أن البقاء ضمن السوق الاوروبية المشتركة رهن "بقبول مبدأ الحريات الاساسية لاوروبا وقواعد والتزامات أخرى تواكبه".

وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون حذر البرلمان، أمس الأول، من محاولة عرقلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال، في أول كلمة له في مجلس العموم بعد الاستفتاء، إنه لا ينبغي أن يكون هناك أي شك في نتيجة الاستفتاء، مضيفاً أن مجلس الوزراء أكد خلال اجتماعه ضرورة احترام قرار الناخبين، مشدداً على أن بريطانيا هي وحدها من يقرر متى تبدأ إجراءات الخروج، وقائلا إن الحكومة البريطانية لن تفعّل الآن المادة الـ50 من المعاهدة الأوروبية المتعقلة بخروج الدول من الاتحاد.

الى ذلك، انعقدت جلسة ساخنة في البرلمان الاوروبي، أمس، هي الاولى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد بين مؤيدي هذا القرار ومعارضيه.

وطالب المجلس، في قرار اعتمد بغالبية 395 صوتا مقابل 200، بريطانيا بتفعيل آلية انسحابها من الاتحاد الاوروبي الواردة ضمن معاهدة لشبونة "بأسرع ما يمكن" من اجل "تجنب أي ارتياب قد يكون مسيئا ولحماية وحدة الاتحاد"، مضيفا أن "الرغبة التي عبر عنها الشعب البريطاني يجب ان تحترم بشكل كامل وبدقة".

وخلال الجلسة، قال نيجل فاراج زعيم حزب "يوكيب" (الاستقلال) إنه ثمة حاجة لأسلوب "ناضج ومتعقل" للتفاوض حول علاقة جديدة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، تقوم على أساس وصول المنتجات البريطانية بدون تعرفة جمركية إلى السوق الأوروبية الموحدة.

وقال فاراج، وهو نائب بالبرلمان الأوروبي لنظرائه النواب الأوروبيين: "إذا قررتم أن تلحقوا الأذى بأنفسكم لمجرد أن تعاقبوا بريطانيا لخروجها من الاتحاد، وترفضوا أي فكرة لاتفاقية تجارية متزنة، فستكون العواقب أكثر سوءا بالنسبة لكم مقارنة بما سيحدث لنا".

واتهم جان كلود يونيكر رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي فاراج بأنه تعمد تضليل المواطنين البريطانيين بالزعم بأن بريطانيا تدفع 350 مليون يورو أسبوعيا للاتحاد الأوروبي، قائلا له "أنت كذبت، إنك لم تقل الحقيقة".

وبينما يقف حزب العمال البريطاني المعارض على حافة الانفجار في احد التداعيات السياسية للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، بدأ حزب المحافظين عملية استبدال رئيس الوزراء الحالي ديفيد كاميرون في رئاسة الحزب.

وأعلن وزير المالية جورج أوزبورن، أمس، كما كان متوقعا، أنه لن يترشح لخلافة كاميرون، بينما تتجه الانظار كلها الى عمدة لندن السابق بوريس جونسون الذي قاد معسكر مؤيدي الخروج من الاتحاد.

لكن صحيفة "تايمز" أشارت، أمس، الى أن 31 في المئة من ناخبي حزب المحافظين يدعمون وزيرة الداخلية تيريزا ماي، مقابل 24 في المئة يدعمون عمدة لندن السابق.

وتيريزا ماي (59 عاما) المعروفة بمعارضتها للفكرة الاوروبية، كانت احدثت مفاجاة حين اعلنت انضمامها لانصار البقاء في الاتحاد الاوروبي. لكنها لم تقم بحملة قوية.

وبحسب الكثير من المحافظين فهي تمثل تسوية ممتازة للمصالحة داخل الحزب المقسم بين انصار الاتحاد الاوروبي ومعارضيه.

ويغلق باب الترشح لرئاسة حزب المحافظين الخميس. ويمنح بعد ذلك نواب الحزب ثلاثة اسابيع لاختيار مرشحين اثنين يصوت لانتخاب احدهما اعضاء الحزب الـ 125 ألفا صيف 2016.

وقال وزير الصحة جيريمي هانت المؤيد للاتحاد الاوروبي انه يفكر جديا في الترشح. كما دعا الى تنظيم استفتاء ثان بعد التوصل الى اتفاق جديد بين المملكة والاتحاد.

الملكة

وعلى غير عادتها، علقت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية خلال أول ظهور علني لها منذ قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي بالقول، أمس الأول، "في كل الاحوال، لا أزال على قيد الحياة!".

وجاء تعليق الملكة خلال زيارة استغرقت يومين إلى ايرلندا الشمالية، وصافح نائب رئيس وزراء ايرلندا الشمالية مارتن ماغينيس الملكة أمام عدسات الكاميرات قائلا لها: "صباح الخير، كيف الحال؟". وردت الملكة ممازحة: "في كل الأحوال، لا أزال على قيد الحياة!".

واستدعيت صحيفة "ذي صن" أمام الهيئة المنظمة للصحافة البريطانية خلال الحملة بعدما نشرت مقالا قالت فيه ان الملكة تساند الخروج من بريطانيا.

من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن هناك إمكانية أن تصبح اللغة الفرنسية اللغة الأولى للاتحاد الأروبي، بعد مغادرة بريطانيا. وأضافت أن جون لوك ميلونشون عضو البرلمان الأوروبي وزعيم حزب اليسار المتشدد في فرنسا، كتب على موقع تويتر قائلا: "اللغة الإنكليزية لا يمكن أن تكون اللغة الثالثة للبرلمان الأوروبي بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد".

وأشار إلى أن عددا من الدبلوماسيين قالوا بشيء من المزاح إن ميلونشون سيشرع من الآن فصاعدا في مخاطبة أعضاء البرلمان باللغتين الفرنسية والألمانية فقط. يذكر أن الاتحاد الأوروبي يترجم وثائقه لـ28 لغة وتَوظّف 1750 لغويا يعملون على ذلك بتكلفة تقدر بـ330 مليون يورو.

(لندن- أ ف ب، رويترز- د ب أ)