حذرت مصادر قضائية من إقرار مجلس الأمة الأحد المقبل مشروع قانون استقلال السلطة القضائية واستعجاله بصورته الأخيرة المقرة من اللجنة التشريعية، لشبهة تعارض مادتيه الـ20 والـ61 مع الدستور، وإخلالهما بمبدأ استقلال القضاء، وبعدم جواز عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة.وقالت المصادر لـ"الجريدة" إن هاتين المادتين من المشروع المنتظر التصويت عليه تقضيان بأن يعين رؤساء المحاكم الثلاث والنائب العام مدة 4 سنوات، مع جواز التجديد لهم أربعاً أخرى، لافتة إلى أن التجديد يكون بعرض من وزير العدل نفسه على مجلس الوزراء، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلاً مهماً: كيف يكون رئيس محكمة التمييز، وهو بحكم تلك الرئاسة رئيس للمجلس الأعلى للقضاء، رهيناً لوزير العدل خلال السنوات الأربع الأولى، وإلا فلن يجدد له، فضلاً عن سريان الأمر نفسه على رؤساء المحاكم والنائب العام؟!
وأضافت أن النيابة العامة قدمت تعديلات بديلة على هاتين المادتين، (اللتين تنشرهما "الجريدة" اليوم في الصفحة الرابعة)، لافتة إلى أن على مجلس الأمة أن يبقي النص الحالي في القانون كما هو بتقاعد القضاة وأعضاء النيابة العامة عند بلوغهم 70 عاماً، أو أن يقرر أن فترة العمل هي 8 سنوات، يحال بعدها شاغل المنصب إلى التقاعد القضائي، مع حصوله على مستحقاته ومزاياه كاملة، خصوصا أن النصوص الحالية التي توجب إعادة القضاة، من رؤساء المحاكم أو أعضاء النيابة كالنائب العام أو المحامي العام إلى عملهم السابق، تعد أحد أنواع العزل القضائي الذي حرمه الدستور.وأشارت المصادر إلى أن المشروع، الذي اعتمدته اللجنة التشريعية، ينص على عودة النائب العام بعد انتهاء سنواته الأربع أو الثماني إلى القضاء، لافتة إلى أن النائب العام الحالي مثلاً المستشار ضرار العسعوسي لم يعمل في القضاء فكيف سيعود إليه؟ وهو ما يفتح الأمر بأنه بعد انتهاء عمله في النيابة (على مدى ثماني سنوات) سيبلغ من العمر 64 عاماً تقريباً، ما يثير شبهة عزله مستقبلاً، خصوصاً أن عمله السابق لم يكن القضاء بل كان محامياً عاماً في النيابة، كما أن المنطق لا يسمح بإعادته إلى منصب أدنى مما كان يتولاه بنفس الجهاز.وأوضحت أن المشروع كذلك يشترط لمن يعمل في النيابة العامة محامياً عاماً أن يعمل في القضاء، وهو شرط لا يناسب طبيعة العمل في النيابة المعتمد على نوعية وكفاءة الخبرات المتوخاة في أعضاء النيابة، نظراً لخصوصية هذا العمل.ولفتت إلى أن على مجلس الأمة أن ينظر إلى خطر "تأقيت" المناصب القضائية على استقلال القضاء، إذ يضع شاغلي تلك المناصب تحت رحمة الوزير والسلطة التنفيذية، لاسيما مع ضبابية معايير التجديد، هل هي معدلات مكافحة الجريمة، أم سرعة التحقيق في القضايا أم ماذا؟ فضلاً عن إبعاد شرط العمل في القضاء قبل التعيين في منصبي المحامي العام والنائب العام.وذكرت المصادر أن المشروع المطروح للتصويت عليه استحدث صندوقاً لتسوية الأمور المالية والتأمين الصحي والاجتماعي ومكافأة نهاية الخدمة، إلا أنه لم يضع قيوداً على الحكومة لإتمامه، ولم يفرض عليها موعداً زمنياً لإصدار لائحته التنفيذية، ولا سنوات خدمة، وهو ما قد يعود بالقضاة إلى المربع الأول، من إمكان مقاضاة الحكومة برفع دعاوى لإلزامها إصدار قرارات لإنشاء الصندوق وإدخاله إلى حيز التنفيذ رغم وجود أحكام قضائية للقضاة تؤكد جميع حقوقهم.وبينت أن التعديل المقدم أيضاً لا يسمح بتعيين قضاة في دائرة طلبات رجال القضاة تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة بنظر الدعاوى، وهو ما يثير تساؤلاً في غاية الأهمية: كيف سيظهر للقاضي أن هناك موضوعاً ليست له به مصلحة غير مباشرة، خصوصاً إذا فرضنا أن دعوى إلزام الحكومة بإصدار القرارات الخاصة بانشاء الصندوق تهم كل القضاة في الكويت فمن سينظرها؟! وأكدت أنه يتعين وضع ضوابط تسمح بعدم تفريغ القضاء من رجاله وخبراته بسبب إنشاء الصندوق الذي يسمح للقضاة بالتقاعد المبكر للحصول على المزايا المالية والحوافز، لافتة إلى أنه يتعين أن تكون تلك الحوافز مرتبطة بسن التقاعد المحدد بـ70 عاماً.في السياق، رأت مصادر مطلعة في النيابة العامة أن مشروع القانون الذي أقرته "التشريعية" البرلمانية بشأن تأقيت المناصب سيعرض القيادات القضائية للابتزاز والمساومة من أجل التجديد، كما سيخلق نوعاً من التكتلات وتعيين المقربين في المناصب العليا، لضمان الاستمرار في المنصب، ما يؤدي إلى عدم الاستقرار في الجهاز القضائي.وأضافت المصادر لـ"الجريدة" أن ذلك المشروع يحمل شبهة عدم الدستورية لتضمنه عزل رئيس المجلس الأعلى للقضاء ورؤساء المحاكم والنائب العام، في حالة رفض التجديد لهم، فضلاً عن عدم وضوح معيار التجديد.
أخبار الأولى
شبهة دستورية في «استقلال القضاء»
29-06-2016