مكانة دولة الكويت إقليمياً ستسهل لها أن تلعب دوراً مميزاً في توحيد آليات عمل دول المنطقة؛ لحل المشاكل التي تتطلب جهودا مشتركة كالتلوث البحري وظاهرة الغبار والعواصف الترابية، عبر إجراء الكثير من الخطوات الاحترازية والكثير من المعالجات الميدانية.

Ad

الحديث عن وجود مخلفات أو قياسات مرتفعة عن الحد المسموح من اليورانيوم المشع في المناطق التي دارت عليها حرب تحرير الكويت لم يكن بجديد، ولكن ظهرت أهميته بعد أن خصصت الدولة مناطق سكنية من ضمن الأراضي التي قد نالها القصف الأميركي، ولأن نسبة الإشعاع لا تتغير بحكم مرور بضع أو عشرات السنين إن لم تكن هناك معالجة شاملة لتلك المواقع.

سأعود قليلاً إلى الوراء عندما كنت أعمل مستشاراً لمجلس الأمة، حيث سعى بعض التجار إلى استيراد المخلفات العسكرية المدمرة من الجيش العراقي، ولحسن الحظ تعاملت لجنة شؤون البيئة والحكومة ممثلة بسمو الشيخ جابر المبارك الذي كان يشغل نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس المجلس الأعلى للبيئة بمهنية مع الحدث، فتم إصدار قرار يمنع دخول تلك المخلفات وعدم السماح بنقلها عبر الموانئ الكويتية.

بما أن المحور البيئي أحد مقومات الصحة العامة فالحديث عن صلاحية تلك الأراضي للسكن يجب ألا تتم الموافقة عليه قبل إجراء مسح ميداني كامل لتلك المناطق يبين سلامتها من الإشعاع، فمن المؤكد أن الجيش الأميركي قد استخدم قذائف مشعة بهدف زيادة كفاءة القدرة القتالية له أثناء معركة تحرير الكويت.

الشفافية المطلوبة من إدارة الإشعاع في وزارة الصحة ومن الهيئة العامة للبيئة يجب أن تخرج على صورة دراسة ميدانية موثقة من الهيئات العالمية، تبين فيها سلامة منطقة المطلاع وخلوها من التلوث الإشعاعي؛ كي لا يكون هناك لَبْس أو لغط حول هذا الموضوع.  منذ أن تولى الأخ الشيخ عبدالله أحمد الحمود إدارة ملف البيئة وهناك ارتياح من المتابع للشأن البيئي، خصوصا فيما يتعلق بسياسة الباب المفتوح ودعوة المختصين لمناقشة سلبيات القانون البيئي، وما ترتب عليه من مشاركة جادة في وضع اللائحة التنفيذية لمعالجة مثالب القانون، كما أن استقطاب المختصين الكويتيين من الهيئة العامة للبيئة سيعود بالنفع على قطاع البيئة؛ لما لهؤلاء من خبرة ودراية في التغيرات التي نالت الساحة المحلية والإقليمية. التعاون الإقليمي يتطلب تكاتف الجهود وتكاملها لمعالجة حزمة من الملوثات الناتجة عن الممارسات الضارة بالتركيبة الطبيعية للحياة الفطرية، فإحياء تلك المبادرات التي كانت الكويت سباقة لها بعد فترة من الفتور والتي أدت إلى تأخر معالجتها بسبب الأحداث التي مرت بها المنطقة ضروري.

مكانة دولة الكويت إقليمياً ستسهل لها أن تلعب دوراً مميزاً في توحيد آليات عمل دول المنطقة؛ لحل المشاكل التي تتطلب جهودا مشتركة كالتلوث البحري وظاهرة الغبار والعواصف الترابية، عبر إجراء الكثير من الخطوات الاحترازية والكثير من المعالجات الميدانية، فالأمل مازال كبيراً بالأخ الشيخ عبدالله الحمود للإمساك بزمام المبادرة ليكون للكويت دور ريادي في تكامل العمل البيئي محلياً وإقليمياً على أقل تقدير.

أخيرا أتقدم لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، وسمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، وشعب الكويت والأمتين العربية والإسلامية بأجمل التبريكات لحلول شهر رمضان المبارك، سائلاً المولى عز وجل أن يوحد كلمة المسلمين ويحقن دماءهم، وأن يتلطف بكل محتاج ويجمع شمل من تقطعت بهم السبل، وأن يؤمنّا في أوطاننا إنه سميع مجيب.

ودمتم سالمين.