جنيف... هدنة تريدها إيران!
غير متوقع، إلا إذا استجدت معجزة، أن تنجح محادثات أو مفاوضات أو مناكفات أو "تحرشات" جنيف اليمنية، فقرار الحوثيين وجماعة علي عبدالله صالح ليس في أيديهم ولا يملكونه، بل في يد قاسم سليماني، وفي أفضل الأحوال في يد الولي الفقيه في طهران، وهكذا فإن أكثر ما هو متوقع أن تكون هناك "هدنة رمضانية"، يجب أن يكون واضحاً منذ الآن أن "الانقلابيين" لن يحترموها إلا بمقدار ما يرفع سيف "الشرعية" عن أعناقهم!لا أسوأ في مثل هذه الصراعات والمواجهات والحروب من أن يكون أحد الأطراف مجرد دمية في مسرح العرائس، وأن يكون مجرد واجهةٍ لمن هو خلف الستارة، والحقيقة أن هذا هو واقع الحال بالنسبة إلى مجموعة الحوثيين وعلي صالح، فهؤلاء لا يملكون قراراً، وهم بالأساس مجرد "بيادق" حركتها إيران على رقعة شطرنج الصراعات التي أشعلت حرائقها في هذه المنطقة كلها.
لم يكن هؤلاء وإيران من خلفهم يتوقعون أن تكون هناك "عاصفة الحزم" التي دمرت كل تطلعاتهم وأطماعهم، وأفشلت مخططاتهم، وكانوا يعتقدون أنهم سيواصلون ابتلاع الكعكة اليمنية قطعة بعد قطعة، وأنهم سيلغون شرعية الرئيس هادي ومَن معه، بحكم الأمر الواقع الذي بدأ يتجسد على الأرض، بدءاً بصعدة وانتهاءً بعدن وحضرموت وتعز والحديدة. والسؤال هنا هو: لماذا يا ترى ذهب هؤلاء، (الحوثيون وجماعة علي صالح)، إلى جنيف إذا كانوا فعلاً يحققون انتصارات مؤزرة كما يقولون ويدعون؟ وهذا بالطبع غير صحيح على الإطلاق! والجواب هو: لأن إيران هي صاحبة القرار، فهي التي أبلغتهم أن عليهم أن يذهبوا إلى جنيف وإلى غير جنيف، وأن يتلاعبوا بعامل الوقت بقدر الإمكان، مع الحرص على عدم إحراز أي تقدم فعلي، لإعطائها الفرصة، التي هي بحاجة إليها، لمعالجة الأوضاع التي غدت متردية على الجبهات الأخرى، وبخاصة الجبهة السورية، حيث بدأ انهيار نظام بشار الأسد أمام الإنجازات التي تواصل المعارضة تحقيقها في الشمال والجنوب وفي المناطق السورية كافة.ربما، بل أغلب الظن، أن الحوثيين وجماعة صالح سيوافقون في نهايات هذا اليوم على هدنة "رمضانية" تريدها إيران لمعالجة الأوضاع المتردية على الجبهة السورية، لكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء - وفقاً للتوجيهات والتعليمات الإيرانية - سيبادرون حتماً إلى الارتداد على هذه الهدنة والتنصل منها بمجرد التقاط إيران أنفاسها... ولذلك فإن "عاصفة الحزم" يجب أن تبقى جاهزة ومستعدة لاستئناف عملياتها وبوتيرة أعلى كثيراً من الوتيرة السابقة.