كيف يمكن أن تستيقظ فرنسا على لوبان رئيساً؟

نشر في 19-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 19-06-2015 | 00:01
 ريل كلير انتصف عام 2015، وبدأ المنافسون على الرئاسة الفرنسية يعدون العدة لانتخابات عام 2017، ويبدو أن اليمين الوسطي واليسار الوسطي كليهما يعولان على استراتيجيات قد تجعل فرنسا تواجه الأسوأ.

ستدور الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة على الأرجح حول ثلاثة مرشحين: الرئيس الاشتراكي الحالي فرانسوا هولاند، والمنافس اليميني الوسطي نيكولا ساركوزي، ومرشحة الجبهة الوطنية الأكيدة مارين لوبان.

 ومن بين هؤلاء الثلاثة يسجل هولاند أسوأ النتائج في استطلاعات الرأي، حتى إن الأرقام الحالية تشير إلى أنه قد يكون أقل رئيس شعبية حظيت به فرنسا يوماً، صحيح أن رئيس الوزراء الحالي، الاشتراكي مانويل فالس، يحقق نتائج أفضل في استطلاعات الرأي، مقارنة برب عمله السياسي، إلا أن الناخبين اليساريين لا يثقون بعد بفالس، ذلك المشاغب الميال إلى الإصلاح.

في اليمين الوسطي، يحاول الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الثأر من هولاند الذي سلبه سدة الرئاسة، وبإضفائه طابعاً جديداً على جزبه السياسي، الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي بات يُعرف اليوم بـ"الجمهوريين"، يأمل ساركوزي أيضاً استرضاء الناخبين المستائين منه.

لكن جهود ساركوزي لم تلقَ سوى الفشل حتى اليوم، ففي اللحظة التي كان يأمل فيها أن يبدأ نهضة من تحت الرماد ليجدد هيمنته السياسية، ظهرت في وسائل الإعلان قضايا عن رشا تشير إلى تورط الرئيس السابق، كذلك يحقق رئيس الوزراء السابق ألين جوبيه نتائج أفضل في استطلاعات الرأي من ساركوزي، الذي يترأس الحزب.

لكن المرشح الأوفر حظاً في الوقت الراهن يبدو مارين لوبان، فقد طردت لوبان والدها جان-ماري لوبان من الحزب الذي أسسه، بعد أن رفض الرجوع عن تصريحاته العنصرية المتكررة بشأن المحرقة النازية، ومع رحيل والدها القسري تأمل مارين لوبان أن تكون قد بددت بشكل قاطع أي شكوك حول جبهتها الوطنية المتجددة غير العنصرية.

تعوّل لوبان على ضعف هولاند لتنزل به الخسارة خلال الجولة الأولى من الاقتراع، ولا شك أن هذا سيؤدي إلى تكرار ما حدث عام 2002، حين هزم والدها الاشتراكي ليونيل جوسبان في الجولة الأولى، لكن جاك شيراك نجح في النهاية في الإطاحة به، بعد أن صوت الناخبون اليساريون مرغمين لشيراك لإبقاء لوبان بعيداً عن سدة الرئاسة، وفي عام 2002، كانت الجبهة الوطنية لا تزال تشغل اليمين المتطرف، مع اعتبار زعيمها قتل اليهود في غرف الغاز خلال الحرب العالمية الثانية "مجرد تفصيل".

نتيجة لذلك، بدت الجبهة الوطنية سامةً أكثر من أن يصوت لها حتى الناخبون المحافظون جداً، لكن مارين لوبان تريد اليوم تكرار مواجهة عام 2002، وإن حصلت على مرادها تأمل أن تكون زعيمة حزب لا يخيف الناخبين بقدر والدها. رغم ذلك يبقى برنامج لوبان الانتخابي مناهضاً بقوة للهجرة، قومياً إلى أبعد الحدود، وشوفينياً بإفراط، فتريد أن تخرج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وتقفل حدودها، وتعود إلى أيام المجد مع دولة الضرائب والإنفاق الفرنسية، داعمةً في الوقت عينه فلاديمير بوتين، لكنها تحقق النجاح، فقد ارتفع أخيراً عدد الناخبين اليمينيين الوسطيين الذين يعتبرون الجبهة الوطنية بديلاً مقبولاً.

في عام 2002، لم يتمتع شيراك (سلف ساركوزي السياسي) بشعبية كبيرة بين الناخبين اليساريين أيضاً، إلا أنه لم يكن ساماً بقدر جان-ماري لوبان، لكن نيكولا ساركوزي يمثل كل ما يحتقره كثيرون من الفرنسيين اليساريين الوسطيين؛ لذلك من المستبعد أن يدعم هؤلاء الناخبون ساركوزي في مواجهته مع لوبان، كما حدث عام 2002.

تبقى فرصة مارين لوبان الفضلى في الوصول إلى سدة الرئاسة بعد إعلان هولاند وساركوزي ترشحهما رسمياً عن حزبيهما، وإذا اتضح في مثل هذا الوقت من السنة المقبلة (أي قبل سنة من الانتخابات) أن استطلاعات الرأي لا تزال سيئة بالنسبة إلى هذين الزعيمين بقدر ما هي عليه اليوم، فقد يكون عليهما التفكير في التنحي والسماح لآخرين بحمل الراية، وإلا فقد تختار فرنسا حقاً الاستيقاظ على رئيس من الجبهة الوطنية.

* كاج ليرز | Kaj Leers

back to top