رغم أن كتيب مسرحية {صقر قريش} قد طبع وفيه صور وأسماء المشاركين في العرض، فإن ذلك  لم يفقد عبدالرضا الأمل أو يجعله يفكر في ترك الفرقة، وبالفعل جاءت الفرصة الذهبية عندما تأخر زميله حسين، في احد الأيام،  ولم يحضر التدريبات بسبب ظروف قاهرة، قبل افتتاح المسرحية بيومين، فسأل طليمات عن البديل، وكان عبدالرضا جاهزاً، وحفظ الدور عن ظهر قلب بحركاته والملاحظات التي أبداها طليمات أثناء البروفات.

Ad

المسرح الحقيقي

يقول {بوعدنان}: {لكثرة حبي للمسرح، وانفعالي وسعادتي، ولأنها المرة الأولى التي أصعد فيها على خشبة مسرح حقيقي وقعت وتمزقت ملابسي، وبدأ التصفيق في الصالة من الزملاء الممثلين، من بينهم الأستاذ طليمات نفسه الذي وقف وقال: {الواد ده كويس حنفتتح المسرحية بيه}، فكانت تلك بدايتي مع المسرح، وأعتقد أن صوتي الجهوري وسلامة مخارج الحروف لدي والتزامي بملاحظات طليمات للممثلين أثناء التدريبات، كلها عناصر  أثارت إعجابه، ووضعني بين الممثلين الأساسيين في المسرحيات التي قدمها بعد ذلك، وعادة ما يكون هو البطل الرئيس فيها وأكون بعده مباشرة، رغم ذلك لا أذكر أنه مدح أدائي، يوماً، أو هنأني، لكننا كفريق عمل نعلم أنه راض عن الأداء طالما ظل ساكتاً ولم يبد ملاحظة}.

طليمات المعلم

يضيف {بوعدنان}: {تعلمنا من الأستاذ زكي طليمات كيفية الأداء السليم، والتنفس، ونطق الحروف باللغة العربية الفصحى، والتشكيل المضبوط، والتعبير بإحساس فني، وقد شعرنا بصعوبة ذلك في البدايات، ومع مرور الوقت والتدريب لفترات طويلة، تعودنا، إذ كانت المسرحيات تتكون من خمسة فصول، وتستغرق مدتها أربع ساعات ما أفادنا كثيراً. إضافة إلى ذلك لم نكن نستطيع، تحت أي ظرف، خصوصاً في وجوده، أن نعدل، أو نضيف على النص، كان رحمه الله شديد الاحترام للنص المسرحي المكتوب، ولا يرضى بتغييره، كما كان شديد الصراحة والوضوح لا يعرف المجاملة، ولا يستطيع أحد أن يفرض عليه رأياً أو يجعله يتراجع في أمر اتخذه}.

ويؤكد عبدالرضا أن طليمات هو المعلم والمربي والقائد، ومؤسس الحركة المسرحية في الكويت على أسس فنية، ويقول: {تعلمنا على يديه كيفية التعامل مع النص المسرحي، وقد بذل جهداً طيلة خمس سنوات عملنا معه فيها حتى امتلكنا خبرة ودراية فنية لا تقلان عما يملكه خريجو الأكاديميات الفنية، وكان رحمه الله يفخر بنا ويتباهى، ما جعله يصحبنا معه في رحلة فنية إلى مصر للاطلاع على مسارحها المشهورة، على غرار المسرح القومي والمسرح الحديث، فشاهدنا بعض العروض المسرحية، وعرّفنا على نجوم الفن في مصر آنذاك، مشيداً بما وصلنا إليه من مستوى خلال ندوة خاصة عقدت احتفاءً بنا في مقر المسرح القومي، واكد خلالها أننا سنحمل على عاتقنا عبء الفن وريادته في منطقة الخليج}.

يتابع: {كنت حينها أتابع طليمات في حركاته وملاحظاته، معجباً بوقفته على المسرح، خبرته، عزمه، موهبته، وحتى كيفية تعامله مع فريق العمل وتقديسه المسرح. ومن شدة إعجابي به ما زلت اتبع أسلوبه نفسه في إبدائي الملاحظات على الأداء أثناء العمل، وبعض الأحيان أطلب تعديلاً أو تغييراً أشعر أنه في مصلحة العمل}.

يوضح: {تأثرت بطباعه، فأنا لا أمدح الممثل كثيراً حتى لا يعتقد في قرارة نفسه أنه قد وصل إلى قمة عطائه، وفي ملاحظاتي أشير إلى أنه لو فعل كذا لكان أفضل، أشعر الآن بالأسف والأسى لأن الأجيال الحالية لم تشهد أعمالنا في البدايات، إذ قدمنا خمس مسرحيات لم تصوّر للتلفزيون}.

المعلم كندوز

يعزو عبدالحسين عبدالرضا الإقبال الجماهيري المحدود على الأعمال المسرحية التي قدمتها {فرقة المسرح العربي} في مرحلتها الأولى مع زكي طليمات، إلى اللغة العربية والمواضيع التاريخية، لكنه لا ينكر أن العاملين في تلك المسرحيات استفادوا من القواعد المسرحية.

وفي أحد الأيام قصد عبدالرضا مع زملائه حمد الرجيب وطلبوا منه التحدث إلى طليمات ليقدم عملاً باللهجة العامية أي باللهجة الكويتية، فقال طليمات إن بحوزته نصاً باللهجة المصرية هو {عمارة المعلم كندوز} تأليف توفيق الحكيم، ووزع الأدوار.

يوضح عبدالرضا:  {قال لنا الضويحي {باجر لما نعرض شفكنا من العالم وحنا نتحجى مصري}، حضر الرجيب العرض فضحك كثيراً، لأننا لا نجيد التحدث بالمصرية، فقال لطليمات: {دعهم يقدمون عملاً باللهجة الكويتية}. وبعد فترة، قال طليمات: يمكن الاعتماد عليهم في تقديم أعمال مسرحية كاملة}.

يلفت إلى أن الفرقة انفصلت، بعد ذلك، عن الشؤون وأصبحت تقدم مسرحيات باللهجة المحلية، وكان أول نص كتبه الزميل سعد الفرج بعنوان {عشت وشفت} من إخراج حسين الصالح الدوسري، لم أشترك فيه، إنما أدى بطولته: الفرج وغانم الصالح وعائشة إبراهيم وعلي البريكي وخالد النفيسي، ثم توالت العروض}.

وكان الرواد، من بينهم عبدالرضا يغذون التلفزيون بأعمال مسرحية وسهرات ومسلسلات، وقد وصف {بوعدنان} تلك الفترة بقوله إن {هذه المرحلة الصحيحة التي بدأ الجمهور يتعايش فيها مع الأعمال المسرحية والدراما التلفزيونية، إذ قدمت موضوعات محلية تخص البيئة الخليجية، عموماً، ثم جاءت مرحلة السبعينيات والثمانينيات، وهي المرحلة الأنشط في الحركة الفنية الكويتية، وتمثل العصر الذهبي للمسرح والدراما الكويتية، وعمدت وجوه فنية كثيرة إلى اثبات إمكاناتها الفنية}.

ارتبط عبدالرضا بكافة هذه المراحل، لكنه يرى أن فترة السبعينيات كانت الأجمل في حياته الفنية.        

عبدالحسين عبدالرضا: للرجيب فضل على الحركة المسرحية