صورة لها تاريخ : «دركال» يوسف الغانم بدأ في نهاية العشرينيات وأداره «بن حيدر»

نشر في 19-06-2015
آخر تحديث 19-06-2015 | 00:05
منذ فترة من الزمن سمعت من العم محمد بن جاسم الحيدر مختار الروضة بعض المعلومات عما يسمى بـ"دركال بن حيدر"، لكن ما سمعته لم يكن كافياً للكتابة عن هذه المهنة النادرة في تاريخ الكويت. كما كنت أسمع بين الفترة والأخرى بعض المعلومات عن "الدركال" والعمل الشاق فيه في بعض الدواوين التي ارتادها، لكن كل ما أسمعه أنها مهنة شاقة وصعبة، واندثرت مع ظهور النفط في الكويت. وفي إحدى زياراتي لديوان العم محمد الحيدر، تحدث العم عبدالعزيز صالح الصلاحات (مواليد عام 1928)، أطال الله في عمره، بشيء من التفصيل عن هذه المهنة التي مارسها بنفسه أيام شبابه. وقد شدني حديثه، فقررت أن التقي به منفرداً لأتحدث معه عن تفاصيل "الدركال". في البداية، وقبل أن نتناول تفاصيل المهنة من خلال العم عبدالعزيز الصلاحات، يجب أن نشرح معنى كلمة "الدركال" التي يقول الباحث المعروف في اللهجة الكويتية خالد الرشيد إنها تركية أو شامية الأصل. أتذكر قبل حوالي ست سنوات التقيت بالعم عبدالله يوسف الغانم رحمه الله (1925-2009) وسألته عن بعض تفاصيل حياة والده التاجر الكبير يوسف أحمد الغانم (1900-1992) فأفادني بأنه ارتبط بعلاقات وثيقة مع شركة النفط الإيرانية، وكان وكيلها بالكويت في فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وكان يصدر لها الرمل الصلبي باستخدام الدُوَب (جمع دوبة وهي مسطح عائم من الأخشاب المربوطة بجانب بعضها، يتم ربطها بالسفينة لنقل بعض المواد).

وأفادني العم عبدالله الغانم بأن بداية العمل في ما سمي لاحقاً بـ"الدركال" كانت في موقع منطقة بنيد القار الحالية، ثم انتقل الدركال إلى الشويخ في الموقع الحالي لوزارة النفط ومؤسسة البترول الكويتية. إذن الدركال هو الموقع (أو المقلع) الذي تتم فيه عملية نقل الرمل الصلبي والصلبوخ إلى الدوب، التي تقوم بدورها بنقل هذه المواد إلى عبادان في إيران، التي تحتاج هذا النوع من الرمال في عمليات تخص حفر الآبار في القطاع النفطي وغير ذلك.

كما يمكن القول إن أول من أسس شركة متخصصة بالدركال في الكويت هو التاجر يوسف أحمد الغانم، لكن الشركة عرفت بين الناس باسم مديرها، وهو المرحوم محمد بن حيدر المتوفى عام 1960 وعمره يزيد على الثمانين. وقد أفادني العم عبدالعزيز بن ناصر الراشد (مواليد عام 1917)، أطال الله في عمره، بأن "بن حيدر" كان له منزل كبير بالقرب من "حفرة المسيل"، التي تقع بين المرقاب والوسط، وكان رجلاً شهماً وجاداً في حياته، وكان مسؤولاً عن حوالي 200 إلى 300 شخص ممن يعملون في الدركال يومياً.

وقد اشتغل العم عبدالعزيز الراشد في الدركال وهو صغير السن، وكان راتبه اليومي روبية واحدة، كما أخبرني.

في المقال المقبل، إن شاء الله، سنتحدث عن بعض تفاصيل مهنة الدركال، من خلال حديث مع العم عبدالعزيز الصلاحات الذي قضى أكثر من سنتين في هذه المهنة الشاقة.

back to top