يحتل مشهد السيدة نفيسة بنت حسن الأنور بن زيد بن الحسن نجل الإمام علي رضوان الله عليهم جميعا، مكانة عظيمة لدى جميع المسلمين، ويقع المسجد في منطقة السيدة نفيسة في القاهرة المسماة قديما بدرب السباع.

Ad

حينما عرف المصريون أن زوجها إسحاق المؤتمن يريد أن يحملها إلى المدينة المنورة بعد وفاتها كي يدفنها بالبقيع، هرعوا إلى الوالي عبدالله بن السري بن الحكم واستجاروا به عند زوجها ليرده عما أراد فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم فأبى أيضا، فباتوا منه في ألم عظيم، لكنهم عند الصباح في اليوم التالي وجدوه مستجيبا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: رأيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو يقول لي رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم.

وجاء في خطط المقريزي أن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة هو عبيدالله بن السري والي مصر من قبل الدولة العباسية ثم أعيد بناء الضريح في عهد الدولة الفاطمية حيث أضيفت له قبة، وتم تدوين تاريخ العمارة على لوح من الرخام وضعت على باب الضريح وتبين اسم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وألقابه في شهر ربيع الآخر سنة 482 هجرية.

تم تجديد القبة في عهد الخليفة الفاطمي الحافظ لدين الله بعد أن حدثت فيها بعض التصدعات والشروخ، كما تم كساء المحراب بالرخام سنة 532هـ (1138م)، إلى أن أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون أن يتولى نظارة المشهد النفيسي الخلفاء العباسيون وكان أول من تولى النظر عليه هو الخليفة العباسي المعتضد بالله أبو الفتح أبو بكر بن المستكفي وهو من بقايا العباسيين الذين هاجروا إلى مصر بعد أن قضى عليهم المغول سنة 656 هـ (1258م).

يقول الجبرتي إن الأمير عبدالرحمن كتخدا عمَّر المشهد النفيسي ومسجده وبنى الضريح على هذه الهيئة الموجودة عليه الآن، وجعل لزيارة النساء طريقاً بخلاف طريق الرجال، وذلك في سنة 1173هجريا، كما كتب على باب الضريح بالذهب على الرخام: "عرش الحقائق مهبط الأسرار، قبر النفيسة بنت ذي الأنوار حسن بن زيد بن الحسن نجل الإمام علي ابن عم المصطفى المختار".

وقد وصف علي مبارك في خططه الضريح والمسجد الملحق به وصفا مستفيضا، وقال إن الدولة خصصت حينذاك 450 فدانا وعدة حوانيت للصرف على المشهد، غير المبالغ التي تتجمع في صندوق نذوره والتي كانت تبلغ في السنة في ذلك العهد ما قيمته 25 ألف قرش، كما كانت نظارة الأوقاف تصرف له ثمن الزيت والحصر وملء الميضأة.

وحديثًا تم تجديد المدخل وفرشه بالرخام الفاخر، وفي داخل المسجد ممر طويل يصل إلى المقام الشريف، وفي هذا الممر توجد لوحات مرسومة رائعة تعبر عن حب أهل البيت وبعض الأشعار الرائعة في مدح آل البيت.