في هجوم هو الأكثر دموية، الذي تشهده مدينة إسطنبول التركية التي سبق أن استهدفت ثلاث مرات في العام الحالي، قتل 41 شخصاً بينهم أتراك وأجانب وأصيب 239 بجروح ليل الثلاثاء ـ الأربعاء في هجوم إرهابي نفذه ثلاثة انتحاريين في مطار أتاتورك الدولي، وأثارت مشاهده الصدمة ويحمل بصمات تنظيم "داعش".

وأعلن مكتب حاكم إسطنبول، أمس في بيان، أن حصيلة الاعتداء ارتفعت إلى 41 قتيلاً و239 جريحاً، موضحاً أن بين الضحايا 13 أجنبياً، بينهم سعوديون وإيراني وأوكراني.

Ad

وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم للصحافيين من موقع الهجوم ليل الثلاثاء ـ الأربعاء أن "الأدلة تشير إلى داعش"، بينما ربط مراقبون بين الهجوم والمصالحة التي أجرتها تركيا مع روسيا وإسرائيل.

3 نقاط

وهاجم الانتحاريون الانغماسيون، الذين كانوا يحملون أسلحة خفيفة 3 نقاط في المطار وفتحوا نيران رشاشاتهم بشكل عشوائي على الركاب، قبل أن يفجروا أنفسهم، وأصيب أحدهم برصاص شرطي شجاع وشوهد في أحد اشرطة الفيديو وهو يتلوى على الأرض من الإصابة، قبل أن يفجر حزامه الناسف بطريقة جنونية.

ويطلق تعبير انغماسي على الانتحاري الذي يحمل سلاحاً خفيفاً ثم يفجر نفسه بعد انتهاء ذخيرته.

إردوغان

ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى "مكافحة دولية مشتركة" ضد الإرهاب. وأضاف أن "هذا الهجوم الذي جرى خلال شهر رمضان، يظهر أن الإرهاب يضرب من دون أي اعتبار للمعتقد أو للقيم".

لحظات مروعة

وساد الذعر محطة الرحلات الدولية في المطار خلال الهجوم. وشوهدت جثث مغطاة، فيما تناثرت حقائب سفر خلفها أصحابها، وسط انتشار مئات عناصر الشرطة والإطفاء.

وقالت اليابانية يومي كويي: "كنت أنتظر رحلتي إلى طوكيو عندما بدأ الناس فجأة بالفرار فتبعتهم. سمعت طلقات نارية وساد الذعر".

وروت الصومالية اوفتاه محمد عبدالله، إنها شاهدت مهاجماً "كان يضع شالاً وردي اللون وسترة قصيرة خبأ تحتها بندقية أخرجها وبدأ يطلق النار على الناس".

وقال علي تكين: "وقع انفجار هائل، صوته مرتفع للغاية وسقط السقف. كان الوضع مروعاً". وقال بول روس (77 عاماً) وهو سائح جنوب إفريقي كان في طريق عودته إلى كيب تاون مع زوجته : "جئنا إلى صالة المغادرة وشاهدنا الرجل وهو يطلق النار بشكل عشوائي. كان يطلق النار على أي شخص أمامه. كان يرتدي ملابس سوداء... كنت على بعد 50 متراً منه".

وأضاف: "تحصنا خلف طاولة، لكنني وقفت لمشاهدته. وقع انفجاران بعد فترة وجيزة من انفجار آخر. بعد قليل توقف عن إطلاق النار".

وتابع قائلاً: "استدار وبدأ يأتي نحونا. كان يحمل بندقية داخل سترته. كان ينظر حوله بقلق ليرى ما إذا كان أي شخص سيوقفه، ثم نزل في المصعد... سمعنا مزيداً من إطلاق النار ثم سمعنا انفجاراً وبعدها انتهى الأمر".

ونقلت التلفزيونات صوراً لحالة الفوضى أمام مستشفى بكركوي الكبير قرب المطار، الذي توافد إليه أفراد سعياً إلى الحصول على معلومات عن أقاربهم.

وعلقت جميع الرحلات المغادرة من المطار، أكبر مطارات تركيا والحادي عشر في العالم، الذي مر عبره في العام الماضي 60 مليون مسافر، لكن حركة الطيران استؤنفت منذ الساعة الثالثة صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي.

ووردت تغريدة على حساب مطار بروكسل على "تويتر" جاء فيها "أفكارنا تتجه إلى ضحايا هجوم مطار إسطنبول".

اتصال بوتين

إلى ذلك، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، أول حديث هاتفي منذ إسقاط تركيا طائرة روسية في سورية في نوفمبر 2015.

ويندرج الاتصال في إطار مساعي تحسين العلاقات بين البلدين بعد تدهورها نتيجة إسقاط الطائرة، الذي أدى إلى فرض موسكو عقوبات على أنقرة.

وقال مكتب الرئيس التركي إن إردوغان والرئيس الروسي أبدى كل منهما عزمه إحياء العلاقات الثنائية ومكافحة الإرهاب، واتفقا كذلك على عقد اجتماع، مضيفاً أن "خطوات ضرورية" ستتخذ لإحياء العلاقات.

وأكد الكرملين المحادثة، وقال إن بوتين عبر كذلك خلال مشاركته في حفل مدرسي في موسكو في وقت سابق عن تعاطفه مع تركيا بعد الهجوم على مطار أتاتورك.

وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن بوتين "قدم تعازيه لشعب تركيا إثر الاعتداء الإرهابي الوحشي".

وأرسل إردوغان الاثنين رسالة إلى بوتين، قالت موسكو إنها تضمنت اعتذاراً عن إسقاط الطائرة، وقالت أنقرة إن إردوغان عبر عن "أسفه" للحادث، وقال لعائلة الطيار الذي قتل برصاص من الارض اثناء هبوطه بالمظلة "اعذرونا" لكنها لم تؤكد صراحة تقديم الاعتذار عن إسقاط الطائرة.

سناتور روسي: الهجوم استهدف المصالحة مع موسكو
قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الروسي، السناتور كونستانتين كوساتشيف، إن الهجوم الانتحاري الذي استهدف مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول التركية، موجه ضد المصالحة التركية مع روسيا وإسرائيل.

وأشار كوساتشيف الى أن نظرية السلطات التركية الأولية بأن تنظيم "داعش" هو المسؤول عن الهجمات "تبدو الأكثر قبولاً"، متابعاً: "يبدو أن الهجوم الإرهابي موجه ضد محاولات القيادة التركية إصلاح العلاقات مع روسيا وإسرائيل، ويبدو أن تركيا حُذرت من المشاركة في الجبهة الموحدة المناهضة للإرهاب التي تُنشئها الدبلوماسية الروسية في المقام الأول".

وأكد السناتور الروسي أن "مأساة مطار إسطنبول لن تؤثر سلباً على الحوار بين القادة الأتراك والروس وإنما ستدعمه".