لأستاذي مع التحية!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
كل اسم من هذه الأسماء (المحيلان، الشايجي، النجار، الساير) مدرسة مكثّفة وثرية بالحياة والجمال تعلّمت في رحابها الكثير، على أن كل مدرسة من هذه المدارس لها أسلوبها وجمالها الخاصان اللذان لا يشبهان المدارس الأخرى، ومما زاد ثراءَ ما نهلته من هذه المدارس أنني كنت ألتقيها كلها في مكان واحد: شقة المحيلان، حيث كنا نلتقي هناك تقريباً كل مساء باستثناء "أبو صلوح". لكل اسم من تلك الأسماء شخصية وسِمَة و"كاريزما" تختلف عن الآخر إلا أنها متناغمة معاً بشكل يجبرك على الإصغاء والاستمتاع "بهارموني" الألفة بينهم. هناك توطدّت علاقتي بعبدالرحمن النجار واشتركنا معا بعد ذلك في دوائر أصدقاء آخرين غير الذين ذكرت، وكان دائما "أبو فهد" تلك الشخصية اللطيفة الهادئة التي يهيأ لك أنها قادرة على أن تعْبُر حقل ألغام بسلام محصنة بابتسامة لا تفارق شفتيه، إلا أن الآسر فيه بخلاف ما ذكرت بساطته التلقائية ووفاؤه لأصدقائه حتى وإن تباعد الوصل بينه وبينهم، يبعث برسالة نصية للذين يحتفظ هاتفه بأرقام هواتفهم، أو يسأل أصدقاء مشتركين عن أرقام هواتف الذين فقد التواصل معهم لسبب أو لآخر، يفاجئني أحياناً بعد غياب بتعليق لطيف على قصيدة ما لي أو مقال فقط ليشعرني بأنه بالقرب، وأن المسافات "الزمكانية" لا تؤثر على مشاعره، تحمد لعبدالرحمن قدرته الرائعة على احتفاظه بمشاعر المحبة لأصدقائه طازجة وساخنة كما هي قبل أن تتشعب بهم الطرق وتأخذهم الدروب في مختلف الاتجاهات، وكأي إنسان طبيعي آخر يتغير "أبو فهد" مع متغيرات الحياة وظروفها، شيئان فقط لا يتغيران فيه: تلك الروح المحصنة بالابتسامة، وتمترسه خلف درع الوفاء.