اتّعظوا... لا تَشقُّوا المجتمع!
كعادة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، جاء خطابه في العشر الأواخر ليتناول أحوال البلد بشكل عميق وكلمات مختصرة، شخّص به مكامن السلبيات، ووضع فيه رؤيته للأحداث المحلية والإقليمية، كما وجه من خلاله نصائحه كقائد ووالد للكويت والكويتيين لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الديرة، في هذه الأيام المعبّأة بالإيمان والتي تزيدها كلمات سموه، إلى جانب تعزيز الواجبات الدينية، بالمسؤولية الوطنية التي تحقق المواطنة المثالية. أمير البلاد تناول في خطابه عناوين مهمة، لامست غالبية هواجس واهتمامات المواطن، ولكن أخطرها كان النداء للاتعاظ من الأحداث التي تمر بها المنطقة، حين قال سموه: "... نحن مدعوون لاستخلاص الدروس والعبر مما خلّفته الصراعات والحروب في بعض دول المنطقة... فالعاقل من اتعظ بغيره". نعم يا سمو أمير البلاد، العاقل من اتعظ بغيره. وعندما يقول الشيخ صباح الأحمد حكيم الدبلوماسية العربية وعميدها، ذلك، فإنه يستشعر المخاطر ويقرأ القادم من تطورات، والمقبل على المنطقة من مخاطر، خاصة في ظل تصاعد الأحداث في العراق وسورية واليمن، والتهديدات المباشرة من إيران لدول مجلس التعاون الخليجي، وبصفة خاصة مملكة البحرين الشقيقة.
وبالطبع فإن الدول المعرضة للتهديدات تحتاج إلى تكاتف أبنائها وتآلفهم، وتأطير جميع وجهات النظر والآراء ضمن مؤسسات دستورية صحيحة التمثيل الشعبي لجميع أطياف ومكونات المجتمع، يختلفون داخلها في الرؤى والآراء، ولكن آليات العمل الديمقراطي الصحيحة تختار رأي الأغلبية، فالمجتمعات المهددة أو التي تعيش في مناطق مضطربة تستوجب أن يكون أبناؤها في صف واحد لخدمة المصلحة الوطنية، من دون إقصاء لأحد أو استفراد بالقرار. بالتأكيد فإن نصائح سمو الأمير يجب أن تصل إلى مسامع نوابنا في مجلس الأمة 2013 ليعملوا من أجل وحدة وتوافق المجتمع الكويتي، لأن الإقصاء السياسي عبر استخدام التشريعات "المنقوصة والمعيبة" يُغيّب شرائح مهمة في المجتمع، وهو ما يتسبب في تشتته وضعفه، وكذلك فإن القوانين التي تخدم الفئات الأقوى اقتصادياً على حساب الأضعف ولا تُمكّن جميع المواطنين من الفرص المتكافئة من ثروة البلد تخلق الحقد والبغضاء اللذين يجعلان المجتمع يتآكل من داخله وتتفكك الروابط بين أفراده، كما أن الحد من الحريات واحتكار وسائل التعبير عن الرأي والتجاوز على حقوق الإنسان تُضعضِعُ أركان البلد. في 1990 قرأ الدكتاتور صدام حسين أحداث الكويت من ديوانيات الاثنين ومطالب شعبية بشكل خاطئ، واعتقد أن الكويتيين في حالة انشقاق تُمكّنه من اختراقهم وتثبيت نواياه الشريرة بابتلاع دولة الكويت، ولكن خاب ظنه، وهو ما يثبت أن المجتمعات المضطربة وغير المستقرة والتي يُغيب دور شخصياتها وقواها السياسية تعطي رسائل خاطئة للمتربصين بها في الداخل والخارج. لذا فإن مجلس الأمة، مدعوٌ إلى الاتعاظ من دروس الماضي والحاضر، من أجل المصلحة الوطنية، عبر تعديل تشريعاته المعيبة والتي تهدد توافق المجتمع وانسجامه، وأهمها القانون الذي أقره مؤخراً والمصمم بغرض العزل السياسي والحرمان من الحقوق الدستورية لشخصيات سياسية بعينها.