لطالما عرفت أسواق الكويت قديماً بأنها الأفضل في المنطقة من حيث التنوع والحرفية والتمركز بمنطقة واحدة وأهمها أسواق «الفرضة» و«المناخ» و«الصفاة» و«التمر» التي كانت تُعد الواجهة الاقتصادية لأهل الكويت.

Ad

وزاول الكويتيون في الماضي التجارة واشتهرت بأسمائهم وأسماء الحرفة التي يعملون بها وكانت لهم تلك الأسواق المتميزة التي كانت تضاهي أسواقاً كثيرة لأسباب منها قربها وتجاورها وتنوع بضائعها وتمركزها في منطقة واحدة.

وعن تلك الأسواق، قال الباحث والكاتب في التراث الكويتي محمد عبدالهادي جمال في مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية «كونا» اليوم الخميس إنه على الرغم من صغر حجم الكويت فإنها كانت تزخر بالأسواق والمحال التجارية والحرفية في وسط المدينة وعلى أطرافها.

وأضاف جمال أن تجارة الكويت بدأت من «الفرضة» وهو الاسم التاريخي لميناء الكويت القديم، مبيناً أنه كان عبارة عن رصيف ونقعة من أجل رسو السفن الشراعية آنذاك ويقع بالقرب من قصر السيف من جهة الغرب ويطل عليه مبنى الجمرك القديم.

وذكر أنه كانت بجانب «الفرضة» مخازن البضائع المستوردة ليشكل الموقع شعلة النشاط الاقتصادي والتجاري الذي كانت تشهده الكويت في ذلك الوقت حيث كانت البوابة التي تواصلت من خلالها مع دول الجوار والحضارات الأخرى في الهند وشرق أفريقيا.

وأوضح أن سوق «الفرضة» كان يشهد حركة واسعة منذ الصباح الباكر حيث عمليات البيع والشراء وتنزيل البضائع من السفن في حين كانت السفن الشراعية تأتي بمختلف أنواعها وأحجامها محملة بالكثير من البضائع والسلع الاستهلاكية المتنوعة.

وأفاد بأن سوق «الفرضة» كان المكان الرئيسي الذي يأتي إليه الكويتيون لشراء احتياجاتهم من المواد الغذائية والاستهلاكية واشتهر بتنوع الأصناف التي كانت تباع فيه مثل التمر والفواكه والأسماك المجففة وأعلاف الماشية إضافة إلى السعف والأواني الفخارية.

عن ساحة «الصراريف» التي تبدأ مع نهاية السوق الداخلي من ناحية الجنوب، قال جمال إنها كانت تعتبر بداية ساحة «الصفاة» حيث اتخذت مربضاً للابل لعرض ما تجلبه قوافل الصحراء من بضائع موسمية كالإقط والفقع والصوف ومواد أخرى تجلب طوال العام من البادية.

وأوضح أن أهمية الساحة ازدادت بعد أن ضاق المناخ بالإبل، مبيناً أنه عندما ازدادت أعداد الابل صارت تتجه إلى تلك الساحة حيث تتم ممارسة عملية التبادل التجاري بين البادية والمدينة.

وعن الساحة الصغيرة التي أطلق عليها سوق «المناخ» ذكر أنه كان مقراً لإناخة الإبل القادمة من نجد والشام والعراق والاحساء والصحراء وهي محملة بمختلف أنواع البضائع مثل العرفج والحطب والدهون والاقط والجلود ومن هنا جاء اسم سوق «المناخ».

وأضاف أن هذا السوق كان في إحدى الفترات قائماً على تداول الأسهم، مبيناً أنه كان أيضاً مكاناً لعرض وبيع السجاد الإيراني والحرير الثمين الذي يتجول به الباعة على المحال الموجودة فيه.

وأفاد بأن نشاط سوق المناخ لم يقتصر على الأسهم والسجاد بل كانت تباع فيه أجود أنواع البخور، مبيناً أن هذا الأمر تطور ليشمل كل الأصناف الثمينة التي يمكن نقلها بسهولة.

وعن سوق «التمر»، قال جمال إنه كان يقع عند المدخل الجنوبي للسوق الداخلي وكان مخصصاً لبيع التمر الرخيص، مضيفاً أنه كان هناك سوق آخر يقع بالقرب من سوق الحمام ويباع فيه التمر لأصحاب الدخول القليلة أو لنواخذة السفن بغرض تقديمه كغذاء للبحارة أثناء الغوص.

وذكر أن الأنواع الجيدة من التمور كانت تُباع في سوق التمر الذي تفصله سكة «العتيجي» عن الأسواق الأخرى التي كانت تقع تحت سقف واحد وكان عدد المحال فيها نحو 20.

وأوضح جمال أن التمر آنذاك كان يوضع في «قلات» ومفردها «قلة أو كلة» وهي عبارة عن كيس من الخوص يغلق بعد التعبئة بحبل من الخوص أيضاً وكان يُخزّن في «الابياب» جمع «بيب» وهو برميل للتخزين وكذلك «اليحلة» وهي جرة من الفخار تُستخدم لنفس الغرض.

وأشار إلى تعدد أنواع التمور حيث كانت هناك أنواع لم يعرفها أبناء الجيل الحالي مثل «ابريم» و«اشكر» و«سعمران» و«حلاوي» و«لوزي» حيث كانت تأتي هذه التمور من العراق وإيران بالسفن الشراعية.