يقف الجمهوريون عند مفترق طرق، فبما أن دونالد ترامب المرشح الرئاسي المفترض، فإننا نشهد اختطافاً شعبوياً لأحد أهم الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة، وهذا يقلقني كثيراً بصفتي جمهورياً، إلا أنه يقلقني أكثر بصفتي أميركياً. كفى! فقد آن الأوان لنعطي الأولوية للوطن لا الحزب، ولنقول بصوت واحد: لن نقبل بترامب مطلقاً.يحلل كل رجل أو سيدة أعمال بدقة الوقائع قبل اتخاذ أي قرار، لكن ترامب تعمّد مراراً وبكل وقاحة اختلاق المسائل أو تشويه الوقائع بغية دعم مواقفه أو إحداث انشقاق شعبي.
لنتحدث الآن عن الرئيس المحتمل ترامب، هل نصدّق حقاً أن ترامب، بخطابه وسلوكه التقسيميين إلى أبعد الحدود، يستطيع أن يسدّ الفجوة بين الحزبين الكبيرين في هذا البلد؟ فقد سئم الشعب الأميركي المنحى المعتاد الذي تسير فيه المسائل في واشنطن، ولا شك أننا نفهم السبب.لا يسعني إلا أن أتساءل عما كان سيحدث لو أن شخصية تقسيمية مثل ترامب تبوأت سدة الرئاسة خلال الأزمة المالية عام 2008، حين كانت القيادة، والتسوية، والتحليل الدقيق خطوات بالغة الأهمية، فلم نستطع تفادي كساد كبير آخر إلا لأن الجمهوريين والديمقراطيين اتحدوا معاً في التصويت لبرنامج دعم الأصول المتعثرة. صحيح أنهم علموا أن هذا التصويت لن يلقى شعبية كبيرة، إلا أنهم أدركوا أيضاً أنه يخدم مصلحة البلد. تشمل تحديات اليوم الركود الاقتصادي واضطرابات أسواق العمل، مثل اتساع التفاوت في الدخل، والقضاء على الوظائف، وتفريغ الطبقة الوسطى. ويستغل الشعبويون من كلا الطرفين مشاعر الخوف والاستياء هذه، مشيرين إلى أكباش محرقة ومختلقين مصادر الخوف: يحمّلون المصارف، والشركات الجشعة، أو الأجانب مسؤولية مشاكلنا. لكن سياسة الحقد هذه لا تشكّل حلاً.أولاً، علينا أن نحافظ على قوة الولايات المتحدة المالية بإصلاح برامج المخصصات، فما من مثال لأمة استطاعت أن تبقى دولة عظمى بعد أن فقدت قوتها المالية، ولا شك أن أي شخص، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، يدرس برامج مخصصاتنا ويستطيع القيام بعمليات حسابية بسيطة يدرك أننا لا نستطيع المضي قدماً فيها وهي بشكلها الحالي. فإن لم نصلحها قريباً، تهدد هذه البرامج برزوح الأمة تحت عبء دين قد يقوّض برامج تقاعد الشبان الأميركيين والأجيال المستقبلية.بالإضافة إلى ذلك، وصف ترامب صفقاتنا التجارية الحالية بأنها "مثيرة للاشمئزاز وأسوأ ما تفاوض بشأنه أي بلد في العالم على الإطلاق". لكن هذا غير صحيح، فقد أشار معهد بيترسون للعلوم الاقتصادية الدولية إلى أن دخل الأسرة الأميركية العادية صار أعلى بنحو 10 آلاف دولار بفضل التوسع التجاري بعد الحرب، فمن خلال التجارة، نجحنا في زيادة الوظائف وتعزيز الابتكار والمنافسة. لا يعني هذا أن الناس لا يخسرون وظائفهم وأنهم لا يعانون في بعض القطاعات، ولكن من الخطأ القول للشعب الأميركي إننا نستطيع إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، نحن مَن نمثل 4% فقط من سكان العالم، وتحقيق النصر بإدارة ظهرنا للسبعة مليارات المتبقين والأسواق التي يمثلونها. بدلاً من ذلك، علينا أن نصلح البرامج التي تساعد القطاعات والعمال الأميركيين على الانتقال إلى وظائف جديدة أفضل. نحتاج إلى تدريب أكثر إتقاناً، وبرامج تعليم أكثر تطوراً، وشبكة أمان أكثر صلابة. لكن السياسات التي يؤيدها ترامب ستدمّر الوظائف الأميركية، لا تنقذها.ببسيط العبارة، رئاسة ترامب مستحيلة، لذلك لن أصوت في الانتخابات الرئاسية لترامب ولن أختار شخصاً لا يرد اسمه على ورقة الاقتراع، بل سأصوت لهيلاري كلينتون على أمل أن تتمكن من توحيد الولايات المتحدة وحضها على اتخاذ الخطوات الضرورية بغية تقوية اقتصادنا، وبيئتنا، ومكانتنا في العالم، وأقول لأصدقائي الجمهوريين: أدرك أنني لست الوحيد.هنري م. بولسون الابن
مقالات
في المسائل المتعلقة بترامب... الوطن أكثر أهمية من الحزب
01-07-2016