مع وداع شهر رمضان المبارك، أعاده الله على الجميع بالخير والبركة، لا بد من وقفة تستحق الشكر والثناء لرجال وزارة الداخلية بدءاً بقياداتها العليا والمسؤولين الميدانيين والإخوة الضباط والأفراد، وجميع الأجهزة التابعة لها على ما بذلوه وما زالوا لحفظ الأمن ونشر أجواء الاطمئنان في نفوس الناس، خصوصاً حول المساجد والحسينيات، في جهد لا شك أنه كبير ومقدر رغم صعوبته وحساسيته.

قد يكون منظر الاستنفار الأمني حول بيوت الله ودور العبادة غريباً ويبعث على الأسى، فهذه الأماكن الطاهرة يفترض أن تكون الأكثر أمناً بل هي الملاذ والملجأ في الظروف العصيبة، ولكنها تحوّلت إلى أكثر المواقع خطورة وتستوجب هذا الاهتمام الاستثنائي، فمع الأسف الشديد أن أرواح الناس وأمنهم في أكثر الأماكن قدسية باتت مستهدفة ليس من الكفار أو أعداء المسلمين، بل من أبناء هذه الأمة المنحرفين والمرضى والضالين عن درب الهداية.

Ad

شتان ما بين مرتادي المساجد ليلاً ونهاراً للتفرغ للعبادة وقراءة القرآن والتوجه بالدعاء للمرضى وأصحاب الحوائج بروح راقية من التسامح والمحبة، وبين أولئك المجرمين المتاجرين باسم الدين والمندسين خلسة وبخباثة وجبن لإزهاق الأرواح البريئة وإلحاق الضرر بممتلكات المسلمين وبث الرعب في قلوب الآمنين.

يبقى الإذعان لهذا القدر المشؤوم وبذل كل ما يمكن للتصدي لهذا المروق المنحرف، وبجهد جماعي ومشترك، عزاءنا، وذلك في أجواء من الألفة والانسجام والتعاون بين شباب الداخلية وهم في عمر الزهور مع إخوانهم المواطنين، وتلك البسمة المشرقة التي لا تفارق محياهم، حيث تحول هؤلاء الرجال ورواد المساجد والحسينيات والمسؤولون عنها إلى إخوة وأصدقاء مع مرور الوقت، وفي ذلك أبلغ رسالة إلى الأشرار بأن بلدنا ما زال بخير، وأن الجميع يرى نفسه في خندق واحد لحفظ أمن هذا الوطن العزيز واستقراره.

إشارة تستحق الذكر أيضاً في هذا المقام، أنك عندما تلتقي مع رجال الأمن وتتوجه إليهم بالشكر عن دورهم الوطني والأخلاقي وهم وضعوا حياتهم وأرواحهم للدفاع عن المواطنين، يردون بكل تلقائية وعفوية وتواضع بأن ذلك واجبهم، نعم قد يكون ذلك واجبهم، لكن واجبنا أيضاً أن نحييهم ونثني على عملهم، فهم أيضاً صائمون وقد تفوتهم فرصة العبادة والصلوات المستحبة وإحياء ليالي الشهر الفضيل، لذا فإنهم يستحقون منا جميعاً خالص الدعاء وطلب المثوبة لهم والدعوة لهم ولذويهم بالأمن والأمان.

هذا الاستنفار الأمني المميّز نتمنى أن يكون نموذجاً يحتذى لكل مواطن ومسؤول وموظف أياً كان موقعه ودرجته الوظيفية، وفي أي مرفق من مرافق الدولة، لأنه يخلق أجواء التفاؤل، وأن الكويتيين قادرون على العمل والإنجاز، وأننا في بلد يتميز بالحيوية والعطاء، وأن ذلك يعزز روح المواطنة والأخوة في وطن واحد، نسأل الله له الأمن والاستقرار والمحبة بين أبنائه الذين ليس لهم بديلٌ عنه.