صاحب المفردة الكويتية الأصيلة... الشاعر بدر بورسلي (4-5)

«غريب» شكَّلت لي نقلة كبيرة في طريقة الكتابة التي كنت أبحث عنها

نشر في 01-07-2016
آخر تحديث 01-07-2016 | 00:04
لا يقف الشاعر ومقدم البرامج الشهير بدر بورسلي عند حدود تجربة واحدة، بل يرتاد دائماً آفاقاً جديدة، كتب الأغنية الطويلة والقصيرة والعاطفية والوطنية، ووقف أمام الكاميرا كمقدم برامج وخلفها كمخرج، والأهم من ذلك أن أعماله الفنية تنبض بالصدق... باختصار إنه قريب من القلب.
وفي هذه الحلقة يروي بورسلي حكايته مع الأغنية الطويلة "غريب"، التي حققت له نقلة نوعية، ووجد من خلالها ضالته في طريقة الكتابة التي كان يبحث عنها، وتعاونه مع عملاقين مشهورين، هما المطرب القدير عبدالكريم عبدالقادر والملحن د. عبدالرب إدريس، حيث اجتهد في كتابتها من 4 أشهر، وحوَّلها من نص شبابي خفيف سريع الإيقاع يتكون من 4 - 5 أسطر إلى نص ثقيل.
وأشار بورسلي إلى أنه كان صامداً في الكويت أثناء الغزو الغاشم، حيث كتب أغنية "وطن النهار"، التي لحنها الفنان الكبير سليمان الملا، وعندما استمع إلى الأغنية عبدالكريم طلبها فوراً، وبعد التحرير تم تنفيذها، ولاقت نجاحاً كبيراً امتد إلى تسمية صفحات باسمها، ومسلسل يحمل عنوانها.
* ما أول تعاون لك مع الفنان القدير عبدالكريم عبدالقادر؟

- كتبت له أغنية في أواخر الستينيات بعنوان "زوار"، وهي من ألحان عبدالرحمن البعيجان، نجحت وتميَّزت هذه الأغنية بالحداثة في الألحان والمفردات الغنائية، لذلك حققت نجاحاً لدى إذاعتها في الإذاعة ثم بالتلفزيون، وأحبذ دائماً التجريب والمحاولة في كل شيء، سواء كان ذلك في الأغنية أو في التلفزيون، حيث أخرجت "قال أحبج" و"الله يا الدنيا" لمصطفى أحمد في الاستديو.

نقلة كبيرة

* ما النقلة الكبيرة التي حققت طموحك؟

- الناس لم تعرفني إلا مع أغنية "غريب"، فهي التي شكَّلت لي نقلة كبيرة، سواء كانت في طريقة الكتابة التي أبحث عنها طوال الوقت، أو وجودي بين عملاقين، المطرب عبدالكريم عبدالقادر والملحن د. عبدالرب إدريس، وأنا إنسان لم أكن معروفاً، دائماً أي شخص جديد يبحث عن الإضاءة من المشهورين، حتى في الإخراج التلفزيوني، حيث كانت معي مقدمة البرامج المبدعة أمينة الشراح.

* كيف اشتغلتم على "غريب"؟

- لقد كتبتها بطريقة غير التي ظهرت عليه، ويمكن القول إنها أغنية شبابية، كانت عبارة عن 4 إلى 5 أسطر، قدمتها إلى الملحن د. عبدالرب إدريس، أذكر منها: "غريب في ديرة الحلوين"، ومرَّ الكثير من الوقت وهي لا تزال عنده، وفي ليلة من الليالي كنت جالساً في جمعية الفنانين الكويتيين العامرة بهم، جاءني عبدالكريم وإدريس قائلين نحن لحَّنا "غريب"، فرحت كثيرا، وقلت لهما أريد أن أسمعها، واتضح لي أن اللحن مفصل على مفردة "غريب" فقط، وطلبا مني تغيير كل الكلمات، بحيث تتناسب مع اللحن، وهي فرصة عمري أن أعمل مع هؤلاء العملاقين، إذ تعلمت منهما الكثير أثناء عملي معهما.

فاجتهدت في صياغة كلماتها لفترة 4 أشهر، فتحوَّل ذلك النص الخفيف وسريع الإيقاع إلى نص يعد نقطة تحوُّل في حياتي، والأغنية طويلة، لكنها جميلة لا تمل، ولم أتوقع نجاحها الكبير، وفي وقت طرحها سأل الناس من كتبها؟ وهذا بحد ذاته يكفيني، وكانت السبب في لفت انتباه الملحنين تجاهي، وتكرر تعاوني مع عبدالكريم وإدريس في "أعترف لج"، التي حققت نجاحا أيضاً، ثم "باختصار" و"مرني" و"تأخرتي".

* هل عقدتم جلسات عمل؟

- أجل، ومن كثرة جلساتنا لهذا العمل حفظ عبدالكريم كلماتها، ودخل الاستديو دون النص، وكأنه من كتب الكلمات، وهذه الجلسات ليست موجودة حالياً، ولا أحبذ أن أكتب أغنية ويأخذها الملحن من دون عقد جلسات عمل، فهي كالطبخة، و"الجدر ما يقعد إلا على ثلاث" كما قال الأوليون، والأغنية تصنع من الثلاثي، الكاتب والملحن والمطرب، تصنع على نار هادئة إلى مرحلة النضوج.

فأغنية "غريب" أصبحت صاحبة الفضل عليَّ بعد الله سبحانه وتعالى، وعرفت منها طريقي في كتابة الأغنيات.

ثلاثي الأغنية

* هل استمر ثلاثي الأغنية في مراحل لاحقة

- نعم، استمر التعاون مع عبدالكريم ود. عبدالرب في التسعينيات في عدة أغنيات، من بينها "العمر الجديد" عام 1994، "تجمل بالصبر" عام 1997، وقد أخذت حقها من المتابعة والإذاعة عبر الأجهزة الإعلامية، كما سجلت "يا طول الليل" عام 2000.

* ما عدد أعمالك مع عبدالكريم؟

- لم أعمل معه كثيرا، فالفترة التي جمعتنا منذ عام 1975 لم أكتب له أكثر من 12 إلى 13 أغنية فقط، لكن الناس تربطني به كثيراً، واللافت هو "وطن النهار" التي وضعتني على خريطة الأغنية الكويتية كمؤلف أغنيات، حيث كان سليمان الملا معروفاً ومشهوراً وعبدالكريم عملاق الأغنية، الذي كتبت له "غريب" و"أعترف لج"، و"مرني"، و"تأخرتي" التي أعتبرها من أجمل الأعمال في موضوعها وتركيبتها.

* أين كنت في فترة الغزو؟

- كنت صامداً في الكويت، وهذا الغزو الآثم شكل منعطفاً في مسيرتي وحياتي، "وطن النهار" التي قدمتها بعد تحرير الكويت مع عبدالكريم عبدالقادر والملحن سليمان الملا، وأصبحت رمزاً وطنياً للبلاد.

"عيالي" كانوا في جزيرة فيلكا، وعقدت العزم على الذهاب إليهم، بعد أن أفقت من نومي في الصباح، ووجدت الدنيا مقلوبة، والكارثة التي حدثت، لكن أبنائي جاؤوا بعد مرور أسبوع من الغزو الغاشم، ومكثنا في منزل والدتي، رحمها الله، ثم انتقلت معهم إلى منزلي، وكان الملحن القدير سليمان الملا قريبا مني ومجموعة من الأصدقاء، وبالنسبة لي والملا ليس لدينا غير الكتابة والتلحين.

* هل شاركت في المقاومة؟

- لم أشترك في المقاومة، ولا داعي لادعاء البطولة، لكننا صمدنا في منازلنا، ورسخت في بالي من أول يوم للغزو فكرة "وطن النهار"، لأنه في قرارة نفسي أعرف تماماً أن وطني سيرجع، وعندما جهزت الأغنية سمعها عبدالكريم عبدالقادر، وطلب غناءها، وبعد التحرير ذهب مع الملا إلى مصر لتسجيل الأغنية، أما أنا فسافرت إلى البحرين، وعند عودتي سألت المخرج الإذاعي فاضل معرفي، هل بثت الأغنية فقال لي الليلة.

طبعاً أنا سمعتها من قبل حينما نفذها على العود فقط، لكن بعد اكتمالها مع إضافة كورال الأطفال "هزتني"، وأتذكر عندما أذيعت لأول مرة لم أتوقع أنها ستعيش وتخلد وتصبح رمزاً.

الشوق لرؤية الكويت حرة

* ما الجملة التي جعلتك تذرف دموعك؟

- أتذكر، حينما كتبتها توقفت عند "قلبي خفق يا كويت وشلتك بيوفي وطن"، فانهالت الدموع من عيني، لشدة تأثري بهاتين الكلمتين، لأنني اشتقت لرؤية الكويت حرة محررة، وأن أشاهد أهلها الذين نزحوا إلى الخارج قد عادوا إلى الديرة، وأتمشى في الشوارع بحرية، لأننا تعودنا على الحرية.

* ماذا تشعر اليوم عند سماعها؟

- أحمد الله أنني كتبت أغنية "وطن النهار" وعند استماعي لها، أشعر بأن أهل الكويت أكرموني، بحب هذه الأغنية. كما عادت إلى الكويت حريتها، وعاد الإنسان الكويتي الجميل.

«وطن النهار»

* ما سر نجاح "وطن النهار"؟/p>

- كل كويتي كتبها بطريقته، كل ما فعلت أنني ترجمتها بأسلوبي، إضافة إلى توقيت طرحها بعد التحرير، والعودة إلى الوطن، وخاصة من كان خارج الكويت إبان الغزو الآثم، ولم يعلم ما حدث في الداخل، وصاغ اللحن المبدع سليمان الملا وأداها الصوت المؤثر الذي لا مثيل له عبدالكريم عبدالقادر.

لم يلحظ أحد اعتمادنا الكلي على الأطفال في الغناء، فالطفل هو الأصدق في التعبير، وخاصة عند قوله مفردة "وطني" والتوظيف الصحيح، لأنه هو المستقبل ووطن النهار، وأسعدني كثيراً نجاحها وامتدادها إلى تسمية صفحات باسمها، ومسلسل يحمل عنوانها.

* هل لديك أعمال ليست للمناسبات؟

- لديَّ أعمال ناجحة لا علاقة لها بالمناسبات، مثل أغنية "العمر الجديد" و"أم الثلاثة أسوار"، كلاهما من ألحان د. عبدالرب إدريس وغناء عبدالكريم عبدالقادر، البعض أطلق على الأغنية الثانية اسم "يا أغلى دار" وأجزم واعترف أن من أطلق هذا العنوان قد غلبني.

عدد متابعيه على «تويتر» 20 ألفاً و«إنستغرام» 34 ألفاً
يؤكد الشاعر القدير بدر بورسلي، أنه يبحث عن الجديد دائماً، وفي حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إذ يقول في هذا الصدد: دائماً أكتب محاولة، أبحث عن الجديد، تجاوب كبير في تويتر، 20 ألف متابع.

وأشار إلى أنه خاض تجربة تقديم برنامج "دقيقة" في حسابه على موقع "انستغرام"، بدلا من إلقاء الشعر في رمضان، بقوله: أقول في كل يوم سالفة من نقد أو معلومة، وثمة تفاعل مع ما أطرحه، والناس إذا "ما تروح لهم لا تتنظر يجونك لأن ليست على رأسك ريشة"، ولله الحمد وصل عدد المتابعين إلى 34 ألفاً، أنا في "الانستغرام" أتحدث لكن صديقي وزميلي خالد المليفي هو من يقوم بالواجب.

وعن حديثه في "دقيقة" عن "قريش"، أوضح: ما استفزني أن أحدهم سافر إلى باريس، ليعمل القريش، فأي قريش في باريس ربي يسلمك، ومفهوم قريش تغير عندنا أكثر من "القرقيعان"، في السابق كان القريش عبارة عن وجبة غداء، لأنه آخر يوم في شهر شعبان، وأغلب البيوت تطبخ السمك، أما الآن، فأصبح في الليل مع "زنود الست"، وكنافة والموضوع كله حلويات.

الوضع تغير، هل ترى أي تجمع الآن في سوق السلاح؟ بالطبع لا، تجدهم في "أرابيلا" وغيرها.

«زوار» أول تعاون مع عبدالكريم عبدالقادر من ألحان عبدالرحمن البعيجان

سر نجاح «وطن النهار» أن كل كويتي كتبها بطريقته وأنا ترجمتها بأسلوبي

من أطلق «أغلى دار» على أغنية «أم الثلاث أسوار» غلبني

كنت صامداً أيام الغزو وليس أمامي وسليمان الملا غير الكتابة والتلحين

دموعي انهالت عند «قلبي خفق يا كويت وشلتك بيوفي وطن»
back to top