لمّا كانت الليلة الحادية والتسعون بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن العفريت قال: لما نزل نبي الله سليمان عليه السلام بجيوشه حول الجزيرة، التي يحكمها ملك البحار، أرسل إلى ملكها يقول له: ها أنا قد أتيت فرد عن نفسك ما نزل، وإلا فادخل تحت طاعتي، وأقر برسالتي، واكسر صنمك، واعبد الله الواحد المعبود، وزوجني ابنتك، فإن فعلت ذلك كان لك الأمان، وإن أبيتَ فلا يمنعك تحصُّنك مني في هذه الجزيرة، فإن الله تبارك وتعالى أمر الريح بطاعتي.

جاء الرسول وأبلغه رسالة سليمان عليه السلام، فقال له: ليس إلى هذا الأمر الذي طلبه مني سبيل، فأعلمه أني خارج إليه. فعاد الرسول إلى سليمان بذلك الجواب، ثم جمع الملك من عنده من الجن، وعددهم ألف ألف من المردة والشياطين الذين كانوا في جزائر البحار ورؤوس الجبال، ثم جهز عساكره، وفتح خزائن السلاح وفرقها عليهم.

Ad

كذلك أعد سليمان جنوده، وأمر الوحوش أن تنقسمَ شطرين، على يمين القوم وعلى شمالهم، وأمر الطيور أن تكون في الجزائر عند الحملة، لتخطفَ أعين الجيش بمناقيرها وتضرب وجوههم بأجنحتها، وأمر الوحوش أن تفترسَ خيولهم، ثم نصب لنفسه سريراً من المرمر، مرصَّعاً بالجوهر، مُصفحاً بصفائح الذهب الأحمر، وجعل وزيره آصف بن برخيا على الجانب الأيمن، ووزيره الدمرياط على الجانب الأيسر، وملوك الإنس على يمينه، وملوك الجن على يساره، والوحوش والأفاعي والحيات أمامه.

وقال العفريت: ثم زحفوا علينا زحفة واحدة، وتحاربنا معهم في أرض واسعة مدة يومين، ووقع بنا البلاء في اليوم الثالث فنفذ فينا قضاء الله تعالى، وكان أول من حمل على سليمان أنا وجنودي. وقلت لأصحابي: ألزموا مواطنكم حتى أبرز إليهم وأطلب قتال الدمرياط. وإذا به قد برز كأنه الطود العظيم، ونيرانه تلتهب، ودخانه مرتفع، فأقبل ورماني بشهاب من نار، فغلب سهمه على ناري، وصرخ عليّ صرخة عظيمة تخيلت منها أن السماء انطبقت علىَّ، واهتزت لصوته الجبال، ثم أمر أصحابه فحملوا علينا حملة واحدة، وارتفعت النيران وعلا الدخان.

وقامت الحرب على قدمٍ وساق، وصارت الطيور تقاتل في الهواء، والوحوش تقاتل في الثرى، وأنا أقاتل الدمرياط حتى أعياني وأعييته. بعد ذلك، ضعفت وضعف أصحابي وجنودي فحاقت بنا الهزيمة، وصاح سليمان: خذوا هذا الجبار العظيم النحس الذميم. فحملت الإنس على الإنس، والجن على الجن، ووقعت بملكنا الهزيمة، وكنا لسليمان غنيمة. أما أنا فطرت من بين يدي الدمرياط فتبعني مسيرة ثلاثة أشهر حتى لحقني فأسرني وسجنني بهذا العمود الأسود، كما ترون.

25 باباً

لما كانت الليلة الثانية والتسعون بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الجني الذي في العمود لما حكى لهم حكايته من أولها إلى أن سجن في العمود، قالوا له: أين الطريق الموصلة إلى مدينة النحاس؟ فدلهم عليها، وإذا بينهم وبينها خمسة وعشرون باباً، لا يظهر منها بابٌ واحدٌ، ولا يعرف لها أثر، وسورها كأنه قطعة من جبل، أو حديد صب في قالب. فمضى القوم إليها ومعهم الأمير موسى بن نصير، والشيخ عبد الصمد، واجتهدوا أن يعرفوا لها باباً أو يجدوا لها سبيلاً فلم يصلوا إلى ذلك.

سألهم الأمير موسى: كيف السبيل إلى دخول هذه المدينة؟ لا بد من أن نعرف لها باباً ندخل منه. فقالوا: أصلح الله الأمير، يحسن أن نستريحَ هنا يومين أو ثلاثة، وندبر الحيلة في الوصول إليها والدخول فيها. فأمر الأمير موسى بعض غلمانه أن يركبوا جمالاً ويطوفوا حول المدينة لعلهم يرون أثر باب أو موضع قصر في المكان الذي هم نازلون فيه.

ركب الغلمان وساروا حولها يومين. لما كان اليوم الثالث، رجعوا وهم في دهشة مما رأوا من طولها وارتفاعها، ثم قالوا: إن أهون موضع فيها هذا الموضع الذي أنتم نازلون فيه. فأخذ الأمير موسى رسول الخليفة طالب بن سهل والشيخ عبد الصمد، وصعدوا على جبل هناك، فرأوا مدينة لم تر العيون أعظم منها، قصورها عالية، وقبابها زاهية، ودورها عامرات، وأنهارها جاريات، وأشجارها مثمرات، ورياضها يانعات، ولها أبواب منيعة، ولا حس ولا أنيس بل يصفر البوم في جهاتها. ويحوم الطير في عرصاتها، وينعق الغراب في نواحيها، كأنه يبكي على من كان فيها.

قال الأمير موسى: سبحان من لا تغيره الدهور والأزمان، خالق الخلق بقدرته. وبينما هو يسبح الله عز وجل إذ حانت منه التفاتة، فإذا به يرى سبعة ألواح من الرخام الأبيض تلوح من بعيد، ولما اقترب منها وجد عليها نقوشاً، فأمر الشيخ عبد الصمد بقراءتها، فإذا فيها وعظ واعتبار، وزجر لذوي الأبصار، وقد كتب عنها بالقلم اليوناني: يا ابن آدم ما أغفلك عن أمر هو أمامك، قد ألهتك عنه أيامك وأعوامك، أما علمت أن كأس المنية لك يُترع، وعن قريب له تتجرّع؟ فانظر إلى نفسك، قبل دخول رمسك، أين من ملك البلاد وأذل العباد؟ نزل بهم والله هادم اللذات ومفرق الجماعات ومخرب المنازل العامرات، فنقلهم من سعة القصور إلى ضيق القبور، وفي أسفل اللوح وجدت هذه الأبيات:

أين الملوك ومن بالأرضِ قد عمروا

قد فارقوا ما بنوا فيها وما عمروا

وأصبحوا رهن أطباق الثرى جثثا

صارت عظاما رميماً بعد ما دثروا

أين العساكر ما ردت وما نفعت

وأين ما جمعوا فيها وما ادخروا

أتاهمو أمر رب العرش في عَجَلٍ

لم ينجهم منه أموالٌ ولا وزرُ

تأثر الأمير موسى وجرت دموعه على خديه وقال: والله إن الزهد في الدنيا هو غاية التوفيق ونهاية التحقيق. ثم أحضر دواة وقرطاساً وكتب ما على اللوح الأول، ثم دنا من اللوح الثاني وإذا عليه مكتوب: يا ابن آدم ما غرك بقديم الأزل؟ وما ألهاك عن حلول الأجل، ألم تعلم أن الدنيا دار بوار، ما لأحد فيها قرار، أين الملوك الذين عمروا العراق، وملأوا الآفاق؟ أين من عمروا أصفهان وبلاد خراسان؟ دعاهم داعي المنايا فأجابوه، وناداهم منادي الفناء فلبوه، وما نفعهم ما بنوا وشيدوا، ولا رد عنهم ما جمعوا وعددوا. وفي أسفل اللوح مكتوبة هذه الأبيات:

أين الذين بنوا لذاك وشيّدوا

غرفاً به لم يحكها بُنيان

جمعوا العساكر والجيوش مخافة

من ذل تقدير الإله فهانوا

أين الأكاسرة المناع حصونهم

تركوا البلاد كأنهم ما كانوا

بكى الأمير موسى وقال: والله لقد خلقنا لأمر عظيم، ثم كتب ما على هذا اللوح، ودنا من اللوح الثالث...

حِكم الألواح

لما كانت الليلة الثالثة والتسعون بعد المئتين، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الأمير موسى لما دنا من اللوح الثالث وجد فيه مكتوباً: يا ابن آدم أنت بحث الدنيا لاه، وعن أمر ربك ساه، كل يوم من عمرك ماض، وأنت بذلك قانع وراض، فقدم الزاد ليوم المعاد واستعد لرد الجواب بين يدي رب العباد، وفي أسفل اللوح مكتوبة هذه الأبيات:

أين الملوك ومن بالأرض قد عمروا

قد فارقوا ما بنوا فيها وما عــمروا

وأصبحوا رهن أطباق الثرى جثثاً

صارت عظاماً رميماً بعد ما دثروا

أين العساكر ما ردت وما نفعت

وأين ما جمعوا فيها وما ادّخروا

أتاهموا أمر رب العرش في عجلٍ

لم يُنجهم منه أموالٌ ولا وزر

بكى الأمير موسى بكاء شديداً، ثم دنا من اللوح الرابع فرأى مكتوباً عليه: يا ابن آدم لا تغرنك أيامك ولياليك، وساعاتك الملهية وغفلاتها، واعلم أن الموت لك راصد، وعلى كتفك صاعد، فحذار من هجمته فكأني بك وقد سلبت كل حياتك، وضيعت لذات أوقاتك، فاسمع مقالي وثق بمولى الموالي، فإنما الدنيا كبيت العنكبوت، ثم رأى في أسفل اللوح هذه الأبيات:

أين من أسسوا الذرى وبنــــوها

قد مضى كل عهدهم وتــولى

أين أهل الحصون من شيـدوها

صاعدات إلى السحاب وأعلى

أصبحوا في القبور رهناً ليـومٍ

فيه حقـــاً كل الســــرائر تَبلى

ليس يبقى سوى الإله تعـــالى

وهو ما زال للكرامـــــــةِ أهلاً

 

بكى الأمير موسى، وكتب ذلك كله، ونزل من فوق الجبل. لما وصل إلى المعسكر أقاموا يومهم يدبّرون الحيلة في دخول المدينة، فقال الأمير موسى لطالب بن سهل ومن حوله من خاصته: كيف تكون الحيلة في دخول المدينة لننظر عجائبها، ولعلنا نجد فيها ما نتقرب به إلى أمير المؤمنين.

قال طالب بن سهل: أدام الله نعمة الأمير، نعمل سلماً ونصعد عليه لعلنا نصل إلى الباب من داخل. فقال الأمير موسى: هذا ما خطر ببالي وهو نعم الرأي. ثم دعا النجارين والحدادين وأمرهم أن يعملوا سلماً مصفحاً بصفائح الحديد، فعملوه في شهر، واجتمعت عليه الرجال فأقاموه وألصقوه بالسور فجاء مساوياً له كأنه قد عمل له قبل ذلك اليوم.

تعجب الأمير موسى منه وقال: بارك الله فيكم ما أحسن صنعتكم. ثم قال للناس: أيكم يطلع على هذا السلم ويمشي فوق السور ثم يحتال للنزول إلى المدينة لينظر الأمر ويخبرنا كيف يفتح الباب؟ فقال أحدهم: أنا أقوم بذلك أيها الأمير. فقال له: اصعد بارك الله فيك. صعد الرجل على السلم حتى صار في أعلاه، ثم قام على قدميه وشخص إلى المدينة وصفق بكفيه وصاح بأعلى صوته وقال: يا مليح يا مليح، ثم رمى نفسه داخل المدينة فانهرس لحمه على عظمه. فقال الأمير موسى: هذا فعل العاقل فكيف يكون فعل المجنون؟ إن كنا نفعل هكذا بجميع أصحابنا لم يبق منهم أحد.

والرأي عندي أن نرحل فلا حاجة لنا بهذه المدينة، فقال بعضهم: لعل فينا من هو أثبت من ذلك الذي رمى نفسه. ثم صعد منهم إلى السور ثان وثالث ورابع وخامس إلى أن راح منهم اثنا عشر رجلاً، وكلهم يفعلون كما فعل الأول. فقال الشيخ عبد الصمد: ما لهذا الأمر غيري، وليس المجرب كغير المجرب. فقال له الأمير موسى: لا تفعل ذلك، ولن أمكنك من الطلوع إلى هذه السور لأنك دليلنا، وإنْ مِت كنت سبباً لموتنا كلنا، ولم يبق منا أحد. فقال له الشيخ عبد الصمد: لعل الفرج يكون على يدي بمشيئة الله تعالى.

فتح الأبواب

فما كانت الليلة الرابعة والتسعون بعد المئتين، قالت شهرزاد: ثم قام الشيخ عبدالصمد، ونشَّط نفسه وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، وصعد على السلم وهو يذكر الله تعالى ويقرأ آيات النجاة، إلى أن بلغ أعلى السور، فوقف وصفق بيديه، وشخص ببصره فصاح به القوم جميعاً وقالوا: لا تلق بنفسك وإلا هلكنا بأجمعنا. فضحك وجلس يذكر اسم الله تعالى ويتلو آيات النجاة، ثم قام ونادى بأعلى صوته: أيها الأمير لا بأس عليك، فقد صرف الله عز وجل عني كيدَ الشيطان ومكره ببركة بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له الأمير: ماذا رأيت أيها الشيخ؟ فأجاب: لما بلغت أعلى السور رأيت عشر جوارٍ كأنهن الأقمار، وهن يشرن بأيديهن أن تعال إلينا، وخيل لي أن تحتي بحراً من الماء فأردت أن ألقي بنفسي كما فعل أصحابنا، ولكني أمسكت نفسي وتلوتُ شيئاً من كتاب الله تعالى، فصرف الله عني كيدهن وانصرفن عني، فلم أرم نفسي، ونجوت من المكيدة التي صنعها أهل تلك المدينة ليردوا عنها كل من آراد أن يشرف عليها ويروم الوصول إليها، وهؤلاء أصحابنا مطروحون موتى.

ثم مشى على السور إلى أن وصل إلى البرجين المصنوعين من النحاس، فرأى لهما بابين من الذهب، ولا قفل عليهما، وليس فيهما علامة للفتح. ثم رأى في وسط الباب صورة فارس من نحاس، له كف ممدودة كأنه يشير بها وفيها خط مكتوب، فقرأه فإذا فيه: افرك المسمار الذي في سُرة الفارس اثنتي عشرة فركة، ينفتح الباب.

تأمل الفارس فإذا في سُرته مسمار محكم متقن مكين، ففركه اثنتي عشرة فركة، فانفتح الباب في الحال وله صوت كالرعد، فدخل منه الشيخ عبد الصمد، وكان رجلاً فاضلاً عالما بجميع اللغات والأقلام، فمشى إلى أن دخل دهليزاً طويلاً نزل منه على درجات فوجد مكاناً به مقاعد حسنة عليها أقوام موتى، وكلهم في عدة الحرب، وخلف الباب عمود من حديد، ومتاريس من خشب، وأقفال دقيقة وآلات محكمة.

فقال الشيخ عبد الصمد لنفسه: لعل المفاتيح عند هؤلاء القوم. ثم نظر بعينيه فإذا هو بشيخ يظهر أنه أكبرهم سناً، لأنه على مقعد أعلى. فقال الشيخ عبد الصمد: لعله بواب المدينة. ثم دنا منه ورفع ثيابه وإذا بالمفاتيح معلقة في وسطه، فلما رأها فرح فرحاً شديداً، ثم أخذ المفاتيح ودنا من الباب وفتح الأقفال وجذب الباب والمتاريس والآلات فانفتحت وانفتح الباب بصوت كالرعد لكبره وهَوله وعظم آلاته.

موتى في الأسواق
عند ذلك كبَّر الشيخ وكبَّر القوم معه، واستبشروا وفرحوا، وفرح الأمير موسى بسلامة الشيخ عبد الصمد وشكره على فعله، ثم هم العسكر كلهم بالدخول من الباب فصاح الأمير موسى وقال لهم: إننا لا نأمن إذا دخلنا كلنا من أمر يحدث، ولكن يدخل النصف ويتأخر النصف. ثم دخل الأمير موسى دخل من الباب ومعه نصف القوم، وهم حاملون آلات الحرب.

لما وصلوا إلى أصحابهم الذين ماتوا جهزوهم ودفنوهم، ثم رأوا البوابين والخدم والحجاب والنواب راقدين فوق الفراش الحرير، وكلهم موتى، ودخلوا إلى سوق المدينة فنظروا سوقاً عظيمة عالية الأبنية، والدكاكين مفتحة، والموازين معلقة، والخانات ملآنة من جميع البضائع، ورأوا التجار موتى على دكاكينهم وقد يبست منهم الجلود، ونخرت منهم العظام، وصاروا عبرة لمن اعتبر.

ونظروا إلى أربع أسواق مستقلة، دكاكينها مملوءة بالمال، فتركوها ومضوا إلى سوق الحرير والديباج، وفيها ما هو منسوج بالذهب الأحمر والفضة البيضاء على اختلاف الألوان، وأصحابه موتى أيضاً، فتركوهم ومضوا إلى سوق الجواهر واللؤلؤ والياقوت ثم إلى سوق الصيارفة، فوجدوا أهلها موتى وتحتهم أنواع الحرير والأبرسيم، ودكاكينهم مملوءة بأنواع العطور ونوافج المسك والعنبر والعود والند والكافور وغير ذلك، وأهلها كلهم موتى، ولم يكن عندهم شيء من طعام.

لما طلعوا من سوق العطارين وجدوا قريباً منه قصراً مزخرفاً، ولما دخلوه وجدوا أعلاماً منشورة، وسيوفاً مجرّدة، وتروساً معلقة بسلاسل من الذهب والفضة، وخوذا مطلية بالذهب الوهاج، وعليها رجال قد يبست منهم الجلود على العظام، يحسبهم الجاهل نياماً وما هم بنيام، بل ماتوا وذاقوا الحِمام. عند ذلك وقف الأمير موسى يسبح الله تعالى ويقدسه، وينظر إلى حسن ذلك القصر ومحكم بنائه وعجيب صنعه وهندسته ونقشه، ووجد على دائرة فيه هذه الأبيات:

انظر إلى ما ترى يا أيها الرجل

وكن على حَذرٍ فالكلّ مرتحـــــلُ

وقدّم الزاد من خير وصــــالحة

فكل ساكنِ دارٍ سوف ينتقــــــــلُ

وانظر إلى معشرٍ زانوا منازلهم

فأصبحوا في الثرى رهناً بما عملوا

بنوا فما نفع البنيان، وادخـــرو

لم يُنجهم مالهم لما انقضى الأجلُ

كم أملوا غير مقدور لهم فمضوا

إلى القبـــــور ولم... ينفعهم الأملُ

واستنزلوا من أعـــــالي عز رتبته

لذلّ ضيــــق لحود سـماء ما نزلوا

فجاءهم صارخ من بعد ما دفنوا:

أين الأســــــرة والتيــجان والحللُ

أين الوجوه التي كانت مُــــحجَّبة

من دونها تُضرَبُ الأستارُ والكلل

قد طالَ ما أكلوا يوماً وما شربوا

فأصبحوا بعد طيب الأكل قد أُكلوا.

فبكى الأمير موسى حتى غَشي عليه، وأمر بكتابة هذا الشعر.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى حلقة الغد