فيما يعكس مستوى جديداً من التوتر بين مصر وإيطاليا، عبرت القاهرة، أمس الأول، عن عدم ارتياحها لقرار مجلس الشيوخ الإيطالي تعليق تزويدها بقطع غيار لطائرات حربية، على خلفية حادث مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي اختفى في القاهرة في 25 يناير الماضي، قبل أن يتم العثور على جثته، وعليها آثار تعذيب في منطقة صحراوية غرب القاهرة 3 فبراير الماضي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن القرار لا يتسق مع حجم التعاون القائم بين سلطات التحقيق في البلدين منذ بداية الكشف عن الحادث.

Ad

وكان مجلس الشيوخ الإيطالي وافق الأربعاء الماضي، على قرار بوقف تزويد مصر بقطع غيار لطائرات "F16" الحربية، احتجاجاً على مقتل ريجيني، وقال عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي الحاكم نيكولا لاتوري، إن التصويت يهدف إلى زيادة الضغط على مصر للمساعدة "على ظهور الحقيقة بسرعة أكبر"، إذ تتهم روما السلطات المصرية بعدم التعاون في تحقيقات الكشف عن غموض مقتل ريجيني.

وكشف مصدر دبلوماسي رفيع المستوى لـ"الجريدة"، أن وفداً من وزارة الخارجية المصرية، سيبدأ زيارة إلى إيطاليا عقب عيد الفطر، لمقابلة كبار المسؤولين هناك، لبحث التهدئة بين البلدين وتداعيات قرار مجلس الشيوخ الإيطالي، الذي يعد ثاني إجراء ضد القاهرة بعد استدعاء السفير الإيطالي من مصر للتشاور، ورجح المصدر أن تلجأ القاهرة إلى التحكيم الدولي حال رفضت إيطاليا تسليم قطع الغيار التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق لمصر.

وأشار المصدر إلى أن إيطاليا أبلغت مصر بأن القرار الأخير جاء نتيجة عدم رضا مجلس الشيوخ الإيطالي عن مسار التحقيقات التي تجريها القاهرة في قضية مقتل ريجيني، وسط اتهامات للقاهرة بعدم التعاون مع السلطات الإيطالية بشكل كاف، بينما قالت القاهرة، إنها تتعاون مع الجانب الإيطالي وقدمت كل ما لديها من معلومات بخصوص تحركات ريجيني قبل اختفائه، نافية أن تكون للأجهزة الأمنية أي علاقة بحادث مقتله.

«داعش» والقس

إلى ذلك، توالت الإدانات من الأزهر الشريف ومفتي مصر وشخصيات كبيرة لإقدام "داعش" على قتل كاهن كنيسة مار جرجس بالعريش، القس روفائيل موسى.

ودان الأزهر الشريف في بيان له أمس، الهجوم الإرهابي المسلح على القس، مؤكداً أن "مثل هذه الأعمال الإرهابية الخسيسة تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة وجميع الأديان السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية، التي تجرم الإرهاب بكل أشكاله وصوره"، مجدداً تضامنه الكامل مع جميع مؤسسات الدولة، لـ"درء خطر الإرهاب الخبيث والقضاء عليه". في الأثناء، قتل ثلاثة وأصيب خمسة آخرون من تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي، أثناء محاولتهم الهجوم على أكمنة أمنية جنوب الشيخ زويد شمالي سيناء الخميس الماضي، فيما تم الكشف عن مخزن كبير للمتفجرات خلال مداهمة القوات لأحد الكهوف الصخرية بوسط سيناء.

استنفار غرباً

على الحدود الغربية، كثفت القوات المصرية من تحركاتها، أمس، على الحدود الملاصقة لليبيا، التي تعاني انهيار الأوضاع الأمنية، غداة مقتل 6 من قوات حرس الحدود المصري، قرب واحة الفرافرة جنوبي غرب القاهرة، ودفعت قوات الجيش بتعزيزات أمنية سريعة وقوات إضافية من حرس الحدود لضبط المتورطين في الحادث، وعلمت "الجريدة" أن قوات حرس الحدود نجحت بغطاء من القوات الجوية في إلقاء القبض على 3 من مرتكبي الحادث.

وقال الخبير الاستراتيجي، اللواء طلعت مسلم، لـ "الجريدة"، إن عصابات التهريب تستغل الوضع الأمني المتردي في ليبيا لاستخدام حدودها المشتركة مع مصر في تمرير وتهريب البضائع والأسلحة، ما يستدعي المزيد من اليقظة من القوات المسلحة لمراقبة الحدود في هذه الأجواء المضطربة.

تحقيقات متواصلة

في غضون ذلك، كشف مصدر رفيع المستوى لـ "الجريدة"، أن لجنة تحقيق الطائرة المنكوبة، توصلت إلى معلومات جديدة بخصوص التحقيقات الجارية لمعرفة سبب سقوط الطائرة في مياه البحر المتوسط 19 مايو الماضي، ما أسفر عن مقتل ركابها الـ 66، وهي أن أجهزة قيادة الطائرة تعرضت لعطل مفاجئ قبل سقوطها بـ15 ثانية فقط، وأن هناك أدلة ترجح حدوث حريق أو انفجار في أحد أجزاء الطائرة.

وأكد المصدر أن نتائج تحليل المعلومات المستخلصة من مسجل البيانات بخصوص تصاعد الدخان من بعض أجزاء الطائرة، يتم بحثها لمعرفة أسباب تصاعد الدخان، مشيراً إلى أن جهات التحقيق متأكدة من أن قائد الطائرة لم يستطع التحكم بها نتيجة وجود "كارثة ما"، وأنه جارٍ تحليل آخر دقيقة ونصف دقيقة، التي تحمل أصواتاً متداخلة لبعض الركاب، وإن كان الملاحظ هو حالة "الهيستريا" التي ضربت الجميع في اللحظات الأخيرة قبل اصطدام الطائرة بسطح البحر.

وأشار المصدر إلى أن كل الفرضيات متاحة، وتتم دراستها كلها بشكل مفصل، خصوصاً أنه لم يتم بعد تحديد السبب الرئيس في سقوط الطائرة المصرية، التي كانت قادمة من مطار شارل ديغول الفرنسي، وأنه لا يمكن التوصل إلى معرفة أسباب سقوطها، إلا بعد الانتهاء من عملية تفريغ المعلومات الخاصة بمسجل قمرة القيادة.

في السياق، أعلنت وزارة الداخلية أن قطاع الأحوال المدنية سيبدأ اليوم استقبال أهالي ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة لاستخراج شهادات الوفاة لذويهم، ليتسنى لهم سرعة اتخاذ الإجراءات القانونية الخاصة بإعلام الوراثة وغيرها، إذ كان هناك 35 مصرياً على متن المنكوبة.