قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي، إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن ليحدث ردود الفعل السلبية الكبيرة، التي أحدثها لولا أنه جاء بعد سلسلة أحداث سلبية ضخمة تحققت في أقل من عقد واحد من الزمن، بدأت مع أزمة العالم المالية عام 2008، مروراً بكل من أزمة ديون أوروبا السيادية والأحداث الجيوسياسية في كل من أوكرانيا والربيع العربي، ثم أزمة سوق النفط، وأخيراً أزمة الأسواق الناشئة.

وبحسب التقرير، فإن أضرار المدى القصير لأزمة خروج بريطانيا هي محتملة مهما بلغت، من مؤشراتها هبوط أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية في اليوم التالي للاستفتاء ما بين 3.1-8 في المئة، وفقدان أسواق الأسهم في العالم نحو 2 تريليون دولار أميركي من قيمتها أو نحو 2.7 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للعالم لعام 2015، وفقدان الجنيه الإسترليني نحو 8.1 في المئة من قيمته في يوم واحد أمام الدولار، وفقدان بريطانيا درجة من تصنيفها الائتماني، وفقدان أسواق إقليم الخليج ما بين 0.6-3.3 في المئة في أول يوم عمل لها بعد الاستفتاء، وكل هذه الأضرار، سوف تكون متقلبة وعرضة للتعويض والخسارة.

Ad

الاقتصاد العالمي

وفي التفاصيل، فإن غير المحتمل، هي أضرار المدى المتوسط إلى الطويل، إن تحقق السيناريو السيئ لخروج بريطانيا، وهو سيناريو قد يؤدي إلى تلاشي الأمل بالنمو الموجب والهش للاقتصاد العالمي، والنمو الضعيف بات أقصى الممكن بعد الأزمات المتلاحقة منذ عام 2008. والسيناريو السيئ، هو احتمال تشظي أو تفتت بريطانيا العظمى لتفقد صفة العظمة، والاتحاد الأوروبي ليفقد صفة الاتحاد، وبعض المؤشرات توحي بأنه سيناريو، وإن كان مستبعداً، لكن فرصه قائمة.

على مستوى بريطانيا، بدأت مؤشرات قوية على احتمال عودة اسكتلندا لاستفتاء الانفصال تكراراً لاستفتاء عام 2014 (نحو 55 في المئة إختاروا البقاء) لكن بحظوظ شبه مؤكدة بتأييد الانفصال عن بريطانيا والبقاء مع أوروبا، ومن غير المستبعد لحاق أيرلندا الشمالية بها.

وعلى مستوى مكونات بريطانيا العظمى الأربعة، شاملاً إنكلترا، لم تكن الانقسامات أسوأ مما هي عليه الآن، فالفوضى عامة على مستوى الحزبين الرئيسيين، والتصويت مع الانفصال متباين بشدة بين المكونات الجغرافية، ومتفاوت حتى بين الفئات العمرية، وتلك وصفة لعدم استقرار محتمل بتداعيات اقتصادية سلبية.

وأوروبا الموحدة، وضمنها أوروبا الوحدة النقدية، لديها ما يكفي من مشكلات داخلية، وتعاني حقبة طويلة من النمو الهش، ومخاطر دولها الخمس، التي تعرضت لعجز سداد ديونها السيادية مازالت قائمة، وفاقم منها بدء اليمين الفرنسي والهولندي بالمطالبة باستفتاء انفصال مشابه للبريطاني.

وحتى سيناريو الخروج الآمن، الذي حث عليه جون كيري، أي خروج بريطانيا بأقل التكاليف الممكنة، وستكون كبيرة، بات صعباً في مثل هذه الظروف، فأوروبا لا تستطيع أن تتعامل باللين مع بريطانيا، لأنه سوف يشجع آخرين على تكرار تجربتها، لذلك سوف تخضع بريطانيا لمقايضة قاسية، قد تحرمها من مزايا انفصالها.

تداعيات الخروج

الخلاصة هي، أنه مهما كان السيناريو المحتمل، ضرر خروج بريطانيا سوف يمتد إلى ضرر يشمل كل الاقتصاد العالمي، وسوف يتضاعف الضرر لو تحقق السيناريو السيئ، وتزامن مع فوز المرشح دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وهو احتمال ضعيف.

وسوف تزيد تداعيات خروج بريطانيا من مشكلات اقتصادات دول إقليم الخليج، فانخفاض قيم الأصول المالية والعقارية، وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني واليورو، سوف يقتطع هامشاً من قيمة مدخرات القطاع العام والقطاع الخاص المستثمرة في ثاني وثالث أكبر أسواقها، أي بريطانيا وأوروبا على التوالي، وانخفاض قيم الأصول سوف يصيب أيضاً بدرجة أقل كل العالم.

وإصابة النمو الهش للاقتصاد العالمي، سوف تنعكس سلباً على نمو الطلب على النفط، لتضعف إحتمالات تعافي أسعاره الضعيفة بالأصل، والنفط، والاستثمارات الخارجية، هما مصدرا القوة الوحيدان لاقتصاداتنا. وهشاشة مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى مراجعة، فهو بالكاد خرج من أزمة قطع علاقات بين ثلاث من دوله وأخرى رابعة، وأخيراً، رحبت إحدى دوله رسمياً بانفصال بريطانيا عن أوروبا، وتبع ذلك دعوة لمسؤول سابق فيها لانسحاب بلده من مجلس التعاون الخليجي.

وإن سارت الأمور بشكل سيئ أي تحقق أسوأ سيناريو لخروج بريطانيا، والاتحاد الأوروبي صيغة تعاون متقدمة ومنضبطة، بينما بقى مجلس التعاون الخليجي على أدائه الهش، فالاحتمالات تبقى مفتوحة لمفاجآت غير سارة، وبشكل عام يبقى الأفضل هو التحوط من أسوأ سيناريو، ولا بأس من الأمل بالأفضل.