سلوى روضة شقير في مئوية ولادتها...

رائدة فن التجريد في المنطقة

نشر في 03-07-2016
آخر تحديث 03-07-2016 | 00:01
No Image Caption
في مئوية ولادتها (24 يوليو 1916- 24 يوليو 2016)، احتفل متحف سرسق في بيروت بالفنانة سلوى روضة شقير، أحد ابرز رواد الفن التجريدي في المنطقة، من خلال تنظيم جلسة نقاش لاستكشاف أعمالها عبر التمعن في ارثها وتأثيرها ومكانتها في تاريخ الفن والابداع في المنطقة، وعرض مجموعة من أحدث منحوتاتها اعارتها مؤسسة سلوى روضة شقير إلى متحف سرسق في المناسبة.
عرفت سلوى روضة شقير بمنحوتاتها المركبة التي تتخذ من الواقعية نبض حياتها وتفاعلها مع البيئة المحيطة بها، ونظراً إلى كونها سباقة في أفكارها، لم يتلقفها الجمهور بسرعة وبقيت أعمالها غريبة عنه فترة ليست بقصيرة.

انطلقت في تيار التجريدية في محترف الفن التجريدي في باريس، وراحت تستكشف من خلاله البيئة والتحولات الخارجية كما داخل ذاتها، فأنجزت منحوتات ومخططات معمارية، ونوافير وبرك ماء، وأدوات منزلية، وحليًا. مهما اختلفت التسميات حول فنها من بينها: {تجريدية} و«حداثة} و«هندسية} و«تشكيلية الجديدة} و»عربية ـــ إسلامية}، تبقى أعمالها مؤثرة في محيطها لأنها تحفز الرائي على رؤية انعكاس ذاته في هذه الأعمال.

محطات حافلة

ولدت سلوى روضة شقير في بيروت، في 24 يونيو 1916، التحقت بالكلية الأميركية للبنات (حالياً الجامعة اللبنانية الأمريكية) في بيروت من 1934 إلى 1936 وتركزت دراستها على العلوم الطبيعية. في تلك الفترة التقت الفنان مصطفى فروخ وترددت إلى محترف الرسام عمر الأنسي، الذي اشتهر بالمناظر الطبيعية والرسوم الشخصية، أو ما دعته شقير لاحقاً بالأعمال {الواقعية، الكلاسيكية}.

بعد فترة من التدريس في كركوك، والتجوال في الإسكندرية والقاهرة، عملت شقير سنة 1944 أمينة مكتبة في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم سافرت إلى باريس (1948) والتحقت بالمعهد الوطني للفنون الجميلة ودرست الرسم لدى أستاذ التكعيبية، الفنان فرنان ليجيه غير أن نهج ليجيه في الانتقال من المنظور الواقعي إلى الأشكال المختزلة لم يلق اعجابها. استخلصت شقير جوهر العناصر التصويرية، سواء الأشكال الهندسية أوا لحروف العربية، من خلال اخضاعها إلى تحويلات جذرية متنوعة، لونية وتجزيئية، بما يكشف المدى التوحيدي الكامن في أشكالها، وغير الملحوظ عادة. شكل ذلك بدايات أسلوبها في بناء {الوحدات} الذي استخدمته لاحقاً في أعمالها النحتية المركبة.

في أكتوبر 1950، ساهمت في تدشين {محترف الفن التجريدي}، الذي كان يترأسه كل من إدغار بييه وجان دوان، ونظمت نقاشات في المحترف، مرتين في الشهر، وساهمت في النشرة التي كان يصدرها {فن اليوم} و}الكفاح}. عرضت أعمالها بشكل منفرد بداية 1951 في {غاليري كوليت ألندي في باريس، وشاركت مع زملائها في المحترف في {صالون الحقائق الجديدة} الضخم..

في صيف 1951، عادت شقير إلى بيروت على أمل أن تؤسس معهداً للفن الحديث فيها، وأن تواصل مساهمتها في {نهضة الفن العالمية. تبنت وتيرة إقامة معرض في كل عقد، تصرح خلاله حول إمكانات الفن لتسليط الضوء على الحياة. توافقاً مع شكوكها بالزمن الغائيّ، لم تؤرخ شقير إنجازاتها بصورة مستمرة، كما أنها لم تعمل بشكل منتظم ومبرمج.

درّست النحت في الجامعة اللبنانية (1977 - 1984) وفي الجامعة الأميركية في بيروت (بدءاً من 1986).

أسئلة وجودية

استمرت الأسئلة حول طبيعة الواقع والكون، التي دفعتها نحو الإنتاج الفني، بتأجيج حماستها، وأوصلتها إلى إنتاج أعمال ثلاثية، وحتى رباعية الأبعاد.

في استيحائها الدائم من العلوم المتطورة والفقه الإسلامي، سعت شقير إلى تجسيد مبادئ في الشكل الفني تستطيع أن تولد تفاعلات شاملة، على نطاق كوني، وتمثل، في الوقت ذاته، وقائع آنية ومعينة في تجربة المشاهد الفورية.

تزوجت من الصحافي يوسف شقير، وأنجبت منه سنة 1957 ابنتها هلا. أثّرت الحرب اللبنانية (1975 - 1992) على أعمالها بسبب منع نصب المنحوتات في الأماكن العامة، وتدمير إحدى منحوتاتها الضخمة سنة 1983، لكن ذلك لم يشغلها بشكل مباشر. تناولت مواضيع سياسية من خلال الحقوق المدنية، التي تعني بالنسبة لها الجماليات التي تخطّ معالم بيئة تتعزز فيها العلاقات بين الأشخاص، والعلاقات الدولية، وأيضاً الكونية.

حضور عالمي
ساهمت شقير في الفن الدولي طوال مسيرتها الفنية. في 1955، جالت في أكاديميات الفنون والحرف اليدوية الأميركية، بما في ذلك أكاديمية كرانبروك (ديترويت، ميشيغان)، ومدرسة بي بيتا فاي ستلمانت (غاتلينبرغ، تينيسي)، ومدرسة بنلاند للحرف (باكيرزفيل، كارولاينا الشمالية)، ومعهد برات (بروكلين، نيويورك).

في 1969، استضافتها الحكومة الفرنسية في إقامة لمدة عام، تلقت إثرها دعوة من صالون مايو الباريسي للمشاركة فيه. وفي 1980، استضافتها الحكومة العراقية في إقامة لمدة شهر.

قدمت {آرتي إيست} معرضاً استيعادياً لأعمالها على الإنترنت، في إطار برنامج {الحداثة التاريخية} الذي تزامن مع الاهتمام الناشئ لعالم الفن دولياً بـ {الحداثات البديلة}. مهّد معرض استيعادي أقيم في مركز بيروت للمعارض سنة 2011، لمعرض استيعادي آخر في تيت مودرن (لندن، المملكة المتحدة) سنة 2013.

back to top