"أنا أفكر إذاً أنا موجود"، هذه المقولة تم تحويرها أو فهمها بطريقة خاطئة لدى المعنيين في شركة نفط الكويت، وأصبحت "أنا أعلن إذاً أنا موجود"، حيث اعتقد الرئيس التنفيذي الحالي للشركة جمال جعفر في إعلانه الأخير في مارس الماضي اكتشاف حقل نفطي جديد بمنطقة الجثاثيل الواقعة غربي البلاد، أنه سيوصل رسالة بأن في عهده تم اكتشاف حقل، ومن جهة أخرى رسالة إلى القيادة السياسية أنه مجتهد ويعمل, علماً بأن الاكتشافات النفطية لا تكون وليدة اللحظة، فهناك عمل طويل يمتد إلى سنوات لإعلانه، إلا أنه تم الكشف عن الحقل بعد تعيينه رئيسا للشركة قبل أشهر.

ولكن ماذا كانت المكافأة للشركة بعد إعلان الاكتشاف؟

Ad

كشفت مصادر نفطية مطلعة لـ"الجريدة" أنه تم منع شركة نفط الكويت من إعلان اكتشافات نفطية جديدة بسبب تجاوزها النظام المتبع لأخذ الموافقات الرسمية المتبعة لإعلان الاكتشاف الأخير، مشيرة إلى أن هذا الإعلان أحرج الحكومة التي أعلنت العديد من المبادرات الاقتصادية وإعلان سياسة "التقشف"، بعد أن انخفضت إيرادات الدولة 60 في المئة، بسبب هبوط أسعار النفط في الوقت الذي بقي فيه الإنفاق العام على حاله.

ودعت الحكومة إلى المسارعة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات إصلاحية "عاجلة"، من أجل تصحيح مسار الاقتصاد الكويتي والبحث عن مصادر أخرى للدخل بعيداً عن النفط الذي تهيمن إيراداته على ميزانية الدولة.

وأكدت المصادر أن الكويت تتمتع بوفرة الاحتياطات والاكتشافات النفطية، إلا أن هناك اعتبارات سياسية أخرى خاصة بإعلان الاكتشافات الجديدة، وبالأخص القريبة من الحدود سواء شمال الكويت أو جنوبها.

وأوضحت أنه رغم امتلاك "نفط الكويت" كميات نفط كثيرة للوصول الى هدفها لإنتاج 4 ملايين برميل يوميا، فإن الشركة لم تحقق أهدافها, وهي رسالة على "اننا لن نصل إلى الأهداف المرسومة مطالبة بعدم التحدث عن اكتشافات جديدة، بل عن قدرات كافية لتحقيق ما هو موجود في الخطة، وتعظيم الخبرات والقدرات، وان ما يأتي بعد ذلك من اكتشافات لا تخدمه المرحلة قصيرة المدى".

شركات عالمية

وأشارت المصادر إلى أن هذه الاكتشافات لا تعني شيئا طالما لم توضح فيها الكميات التي تم اكتشافها، وهو ما لم يتضمنه اعلان نفط الكويت الأخير، موضحة ان الآلية المتبعة لدى الشركات العالمية في إعلان الاكتشافات تكون عبر خبر أولي يصدر من دائرة الإعلام، تعلن فيه اكتشافات نفطية، وتشير إلى انه ستكون هناك تفاصيل بالأرقام وحجم الاكتشاف عبر مؤتمر صحافي يعرض لاحقاً، وهو ما لم يتبع في الإعلان الأخير للاكتشافات النفطية بالكويت.

وعما إذا كانت أرقام الاكتشافات النفطية يجب ان تكون سرية قالت المصادر، إن "النفط ليس ملكا لشخص واحد، ومن يرد ان يكون للكويت شأن أو اهتمام عالمي من الشركات الكبرى فعليه أن يفصح عن تفاصيل هذه الاكتشافات، وغير ذلك لن يكون مجديا".

اكتشافات وتأخر المشاريع

الجدير بالذكر ان مع إعلان "نفط الكويت" الاكتشافات النفطية، فإنه لايزال التأخر في تنفيذ بعض المشروعات بالخطة الاستراتيجية لتطوير عمليات انتاج النفط والغاز مستمراً، والتي ترجعها شركة نفط الكويت إلى عدة اسباب منها ضعف أداء المقاول، والتأخير في توريد بعض المعدات، وكذلك ارتباط تلك المشروعات بأخرى متأخرة، حيث تقوم الشركة بهيكلة عدة إدارات للتغلب على تلك المشكلات، حتى يتسنى لها تحقيق خطتها الاستراتيجية.

وأعلنت الشركة في وقت سابق أنها لم تتمكن من تنفيذ ما خططت له، في ما يتعلق بإنتاج النفط والغاز، بسبب ما تواجهه من معوقات تعترض مشروعاتها الرأسمالية، مثل تأخر تنفيذ العديد من المشروعات الرئيسية، وتحديث مرافق الإنتاج، إضافة إلى تأخر بناء مرافق تصدير النفط الخام وعدم الاستعانة بالشركات النفطية العالمية.

إذاً كيف ستتعامل "نفط الكويت" مع الاكتشافات الجديدة في ظل وجود الكثير من المعوقات التي لم تتم معالجتها، لاسيما ان الشركة تعاني نقصا كبيرا في الأيدي العاملة الماهرة التي تركت الشركة مؤخرا؟