من أطرف ما قيل في تبرير التدخل الروسي والإيراني، العسكري والسياسي والإعلامي وكل شيء، في الشؤون السورية المتفجرة هو قول بشار الأسد في حديث لتلفزيون إستراليٍّ: "إنَّ الروس والإيرانيين قد جاءوا إلى سورية للدفاع عن مصالحهم لا للدفاع عنّا". وحقيقة أن هذا عذرٌ أقبح من ألف ذنب وهو يجعل الشعب السوري الثائر منذ أكثر من خمسة أعوام يواصل الثورة ويواصل الإصرار على التخلص من هذا النظام البائس الذي لم يتورع رئيسه من قول هذا الكلام المعيب.

والسؤال الذي من المفترض أنْ يوجهه الشعب السوري إلى "رئيسه"، وبخاصة الذين يؤيدون هذا الرئيس، الذي جاء إلى موقعه بالمصادفة وبضربة قدر هو: ما هي المصالح التي جاء الروس بجيوشهم وطائراتهم وجاء الإيرانيون بحراس ثورتهم وبقطعان عشرات تنظيماتهم المذهبية والطائفية لحمايتها والدفاع عنها في سورية؟ ثم لماذا لا يدافع هؤلاء عن مصالحهم هذه في إيران وروسيا وعلى حدودهما إذا كانت هناك قوى خارجية بالفعل تهدد هذه المصالح؟

Ad

منذ أن بدأ التدخل الروسي الإيراني في سورية، في القطر العربي السوري، الذي بدأ منذ لحظة انفجار ثورة عام 2011 جرى تدمير هذه الدولة العربية، التي من المفترض أنها مستقلة ولا يحق لأي بلد حتى لو كان عربيّاً أن يتدخل في شؤونها الداخلية، تدميراً منهجياً شاملاً وكاملاً، وجرى تشريد أكثر من سبعة ملايين من أهلها داخلياً وخارجياً، وكل هذا بينما تجاوز عدد القتلى حسب الإحصاءات التقديرية غير النهائية المليون وتجاوزت أعداد الجرحى ثلاثة ملايين أو أربعة.

هل يوجد في الكرة الأرضية كلها من تصل به الاستهانة بشعبه إلى حد فتح أبواب بلده وبلد هذا الشعب العظيم لجيوش وعصابات دولتين تبعدان عن هذا البلد ألوف الأميال... ولماذا؟.. للدفاع عن مصالحهما حسبما قال بشار الأسد بدون أنْ يرِفَّ له جفن وبدون أن يأخذ في اعتباره أولاً: أنَّ المفترض أنَّ سورية دولة مستقلة لا توجد فيها أي مصالح لأي دولة أخرى وبدون أن تكون هذه المصالح أيضاً مصالح سورية وثانياً: هل أنَّ رئيساً في العالم كله من الممكن أن يقبل أن تدمر "بلده" على هذا النحو وأن يُقتل "شعبه"! ويشرد بهذه الطريقة بحجة دفاع دولتين "أجنبيتين" عن هذه المصالح الآنفة الذكر؟

لقد أصبح الوجود الروسي، العسكري وغير العسكري، في سورية احتلالاً بكل معنى الاحتلال، فقد غدت للروس في هذا البلد العربي قواعد عسكرية غير قواعدهم السابقة التي ورثوها عن الاتحاد السوفياتي الراحل من بينها قاعدة "حميميم" وكل هذا بدون معرفة ولا استشارة بشار الأسد الذي من المفترض أنه رئيس دولة مستقلة، ثم ولقد أصبح للإيرانيين في هذا البلد: "القطر العربي السوري" غير حراس ثورتهم وغير ميليشيات حزب الله أكثر من أربعين تنظيماً مذهبياً وطائفياً تم استيرادهم من العديد من الدول الإسلامية وغير الإسلامية البعيدة والقريبة بحجة الدفاع عن "العتبات المقدسة"، فهل يا ترى يحق لأي دولة ترى أنَّ لها مصالح في دولة أخرى أن تقوم باحتلال هذه الدولة كما فعل الروس والإيرانيون في هذه الدولة العربية التي ترفع وإن رياءً ومن قبيل الضحك على الذقون شعار:

أمة عربية واحدة

ذات رسالة خالدة؟v.